مداميكُ ثورة 21 سبتمبر..بقلم/ زينب إبراهيم الديلمي
من مخاض المعاناة تولد الثورات، وبفطرتها السّليمة تنبت الحرية التي أرادها الله، إنها ثورة 21 سبتمبر المجيدة التي كرَّست أحقيّتها في الحرية والاستقلال الذي يكفل أهدافها، والتي تؤسّس لدولةٍ قائمة على الازدهار القيمي والرقي الأخلاقي وفق المنطلق القرآني ومسيرته العالميّة.
كثيرون وصفوها بالمعجزة وإنجازها المقرون بالتحدي الذي لبّى تطلّعات المستضعفين بانكسار شوكة المشروع الأمريكي ومبتغاه الذي أصبح سيداً وحصوراً في الحكم الفعلي والحرفي لليمن طيلة عبثه الطويل لسيادة اليمن.
الحديث عن الحكم الأمريكي في اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر لا يقتصر فقط في الجانب الاستراتيجي، فكثير من الجوانب السلطويّة أرست بها أمريكا شراع الهيمنة غير المشروعة منذُ مطلع الألفينيّة؛ حتى توصّلت إلى جر مرسى مشروع الأقلمة الذي كان أسمى ما سعت إليه مآلاتها، وجعل من هذا الوطن مُمزقاً ومُفككاً ومُجَـرّداً من ثياب الهُــوِيَّة الإيمَـانية والأصالة العريقة.
على الصّعيد الأمني كانت صنعاء مدينةً مهدّدةً بالتفجيرات والاغتيالات اليوميّة، وثكنةً عسكرية للقاعدة وداعش.. آلاف الحسابات الدائرة في فلك المواطن اليمني استدعته لإدراك الموت المُحدق أينما وَلّى شَطَره، ولم يعد بمقدور الجيش اليمني المُهيكل أمريكياً حماية أمن البلد جراء ما أصابه بوابلٍ من العطل لمساره وضعفٍ مهول لقوّته وتهشيمٍ عميقٍ لدفاعاته بشتى مجالاتها.
أما سياسيًّا فحدّث ولا حرج، إذ باتت السّفارة الأمريكيّة هي القصر الجمهوري الفعلي وصاحبة الشأن والقرار، وما كان حُكّام اليمن آنذاك إلا عبيداً مأمورين وصنابيراً عماليّة تخدم الأطماع الشيطانيّة.
أيضاً لن ننسى دور الكيان الصهيوني وسعيه الحثيث لإنجاز مشروع التطبيع في الخفاء وجعل اليمن في طليعة الدول المطبعة باكراً مع كيان العدوّ، بيد أنّ هذا الإنجاز باء بالهوان والخسران بفضل الصّحوة المبكرة التي قام بها مشروع المسيرة القرآنية المُباركة داحضة المشيئة الصهيونيّة والمساعي الأمريكيّة الفاشلتين.
الصّمت والسّكون ليسا بحلّين يُمكِّنا من القضاء على المشاريع العبثية التي ضاق بها ذرع اليمانيين، مما مَكَّن لهم الخروج في ساحة الثّورة وشد وثاق المطالب الشعبيّة المُنادية بإسقاط الحكومة الوضيعة والجرعة الخانقة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني المبني سكوناً لا المفعول مطلقاً، تلك الحشود الثوريّة وتلك الأصوات الحرة أثمرت خير ثمار بقرع ناقوس الرحيل الأمريكي وإعلان آزفة الهزيمة النكراء لأنظمة العمالة الداخليّة التي ولَّت منكوسة الرأس ولم يبقَ لها أي ماء وجه تصون كرامتها المبيوعة.
إنها الثورة التي أعادت سيادة اليمن وحريته وكرامته، ثورة يمنيّة خالصة أصلها ثابت وفرعها في السّماء، ثورة تكفّلت بتحقيق مطالب هذا الشّعب وخدمته وأصبح هو صاحب السيّادة والقرار، ثورة رفعت مكان اليمن مقاماً محموداً وأعادت إلصاق جذوة هُــوِيَّتها الإيمَـانيّة التي لا تشوبها شائبة، ثورة قارعت فلول الإمارة الداعشيّة التي انكمشت تماماً من صنعاء عاصمة الصّمود وحضن الأمن، ثورة أوجدت الخبرات اليمنيّة البحتة بصناعتها الصواريخ الباليستية البحرية والجوية والطائرات المُسيَّرة التي يصل مداها إلى ديار دول العدوان.