لمحةٌ تاريخيةٌ عن التدخل الأمريكي في اليمن
زكريا الشرعبي
جاء الحادي عشر من فبراير 2015م كثمرةٍ من ثمار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ليمثل نقطة فاصلة بين مرحلتين، مرحلة استلاب القرار اليمني، واستباحة السيادة اليمنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة، ومرحلة الاستقلال، ويمكن القول: إن أي حديث عن أسباب العدوان الذي تتزعمه أمريكا ضد اليمن، سيبقى ناقصاً دون التطرق إلى مرحلة ما قبل الحادي عشر من فبراير.
منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية حاضرة بثقلها في اليمن، وتحديداً في ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، فمنذ اغتيال الحمدي وتولي الغشمي ثم صالح، كان الأمريكيون يعولون على اليمن الشمالي لمواجهة النفوذ السوفيتي في الشطر الجنوبي، وقد تم إنشاء مكتب عسكري أمريكي في اليمن في العام 1978م وقد بعث السفير والتر شيريل رسالة إلى علي عبدالله صالح في أُكتوبر 78م أبلغه فيها أن واشنطن سترسل معدات عسكرية قريباً، بل في 28 يوليو وبعد أَيَّـام من تنصيب صالح رئيساً عقد لقاء مع السفير شيريل وفي اللقاء تمت مناقشة تزويد اليمن بأسلحة وأن تكون اليمن تابعة للنفوذ الأمريكي في مقابل النفوذ السوفيتي في الجنوب.
وهكذا مثلما استغلت الولايات المتحدة فزاعة الاتّحاد السوفيتي وحارب الكثير من البلدان، استغلت اليمن، وكانت حاضرة في الكثير من الأحداث، ففي 86م كانت حاضرة ضمن خلية استخباراتية في صنعاء لإدارة الصراعات بين فرقاء الحزب الاشتراكي، وفي 94م منحت صالح الضوء الأخضر للدخول إلى عدن كي يتم القضاء على الحزب الاشتراكي.
طائرات الدرونز تستبيح الأجواء اليمنية وتحصد أرواح اليمنيين
ومثلما كان الاتّحاد السوفيتي فزاعة وذريعة، كانت مكافحة الإرهاب كذلك، وكانت اليمن مسرحاً للعمليات الأمريكية، وكان اليمنيون ضحايا لهذه الحرب، حَيثُ تمت استباحة سيادتها، وكان النظام الحاكم أدَاة لهذا النفوذ ولتغطية هذه الاستباحة.
استغلت الولايات المتحدة فزاعة الإرهاب، للتدخل عسكريًّا في اليمن، بعد أن كانت قد سيطرت عليها سياسيًّا واقتصاديًّا، ومنذ العام 2002م بدأت الطائرات بدون طيار الأمريكية في تنفيذ غاراتها ضمن برنامج سري.
بدأت عمليات الطائرات بدون طيار في اليمن في 3 نوفمبر من هذا العام، حَيثُ نفذت الولايات المتحدة أولى العمليات بصاروخين من طراز هيلفاير للطائرة بدون طيار على مركبة مسافرة في ريف اليمن، مما أسفر عن مقتل ستة.
في يناير 2003م، حقّقت المقرّرة الخَاصَّة للأمم المتحدة أسماء جهانجير وخلصت إلى أن الولايات المتحدة نفذت عمليات قتل خارج نطاق القضاء في اليمن، ولم تكن مٌبرّرة بمكافحة الإرهاب.
استمرت العمليات الأمريكية بطائرات بدون طيار ولكن بشكلٍ سري، حتى العام 2009م لكن قبل التطرق إلى هذه العمليات لا بدَّ من الإشارة إلى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الحروب الظالمة على صعدة، ووجهت النظام وأشرفت على هذه الحروب، بما في ذلك عملية اغتيال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، التي نعيش ذكراها هذه الأيّام.
في وثيقة نشرها موقع ويكليكس عام 2014م، وتعود إلى سبتمبر من العام 2004م، وهي عبارة عن رسالة أرسلها السفير الأمريكي الأسبق في صنعاء توماس كراجيسكي إلى الخارجية الأمريكية، يتحدث فيها بأن النظام اليمني برئاسة علي عبدالله صالح قلل من الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، رغم المساعدة المباشرة التي قدمتها أمريكا لتنفيذ العملية.
يقول السفير في الرسالة: قاد فريق مكافحة الإرهاب المدرب من قبل حكومة الولايات المتحدة العملية التي أسفرت عن مقتل الحوثي.
وتحت عنوان “التقليل من دور مساعدة حكومة الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب” يقول السفير الأمريكي: “صرح وزير الداخلية العليمي لنائب رئيس البعثة الأمريكية في اليمن أن القادة الميدانيين نسبوا الانتصار مباشرةً إلى التدريب الأمريكي، “لولا تدريبكم لوحدة الأمن المركزي التي اقتحمت الكهف، لكنا خسرنا أكثر من أربعين ضحية”، ومع ذلك، في مساء يوم 11 سبتمبر، تمت زيارة الملحق العسكري للولايات المتحدة في منزله من قبل ممثل دائرة المخابرات العسكرية الذي طلب أن يذهب الفضل العام لإنهاء الصراع الدموي الطويل إلى وزارة الدفاع وليس إلى وزارة الداخلية، (تعليق: سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذَا كان صالح، الذي حاول علانية نشر مدحه، سيعترف بشكلٍ خاص بدور المساعدة الأمريكية، نهاية التعليق).
كما شاركت الولايات المتحدة في الحروب على صعدة من خلال تقديم الخرائط وعمليات المسح الجوي عبر طائرات الاستطلاع وهو ما أكّـدته وثائق تم نشرها في أوقاتٍ سابقة من خلال وسائل الإعلام اليمنية.
بالعودة إلى الحرب تحت مسمى مكافحة الإرهاب والتي قدمت واشنطن نفسها من خلالها كشرطي عالمي يمتلك الحق في التدخل في أي بلد، فَـإنَّ هذه الحرب لم تكن فقط حرباً غير شرعية وتنتهك سيادات الدول، بل كانت أَيْـضاً حرباً إجرامية، راح ضحيتها ما يقارب 1500 مدني يمني.
منذ العام 2009م وحتى العام 2016م رصدت وسائل إعلام ومنظمات استقصائية، تنفيذ أكثر من 336 هجوماً مميتاً بالطائرات الأمريكية بدون طيار، نتج عنها مقتل 1135 من اليمنيين، معظمهم من المدنيين والنساء والأطفال، وهناك عمليات أكثر سرية ولم يتم الإبلاغ عنها، وهناك عمليات كان يتم تبنيها من قبل النظام الحاكم، إضافةً إلى عمليات الاستطلاع المُستمرّة، حَيثُ لم تتوقف طائرات الدرونز عن التحليق في الأجواء اليمنية.
لقد قام نظام صالح ثم نظام خلفه هادي بأقبح وأسوأ عملية تستر على الإجرام الأمريكي في اليمن.
هذان النظامان، وبدلاً عن أن يكونا حاميين لليمن وسيادتها وشعبها كما يفترض بهما، لم يكتفيا بالسماح للولايات المتحدة بتنفيذ كُـلّ هذه الجرائم والانتهاكات، فعلي عبدالله صالح قام بمسح البصمات الأمريكية من على أدوات الجريمة ببصماته، أما هادي فبالغ في ثناء تفوق الأمريكيين في تقنية قتل الشعب اليمني..
هل تتذكرون مجزرة المعجلة، تلك المجزرة التي راح ضحيتها 41 امرأة وطفلاً من البدو في أبين، وأعلن نظام صالح أنه هو من نفذها ضد معسكر تدريب ومخازن أسلحة للإرهابيين، لقد قال ذلك رغم أن بقايا صواريخ كروز التي أطلقتها البارجات الأمريكية كانت لا تزال في مسرح الجريمة.
41 طفلاً وامرأة تم قتلهم بصاروخ كروز من بارجة أمريكية وزعم النظام أنه هو من نفذ عملية ضد الإرهاب، بل قام باعتقال الصحفي الذي تحدث عن الجريمة، وعندما أراد إطلاقه في فبراير 2011م مع بداية تصاعد السخط الشعبي ضده، قضت التوجيهات الأمريكية بإبقائه في السجن.
تكشف وثيقة منشورة على موقع البيت الأبيض بتاريخ 3 فبراير 2011م أن أوباما اتصل بصالح لإبقاء هذا الصحفي في السجن بتهمة أنه عميل مع تنظيم القاعدة.
كان هناك الكثير والكثير من الجرائم، التي تستر عليها صالح، وعندما أحس صالح بسخط شعبي ضد هذه الهجمات الأمريكية، ومع انكشاف أكذوبته في التغطية على مجزرة المعجلة، أدرك صالح أن صواريخ كروز تترك أثراً ولا يمكنه تبني هجماتها، فنصح واشنطن أن تُطلق قاذفاتها القنابل أينما تريد في اليمن بدلاً من استخدام صواريخ كروز، وسيتم تبني ذلك من خلال النظام.
تقول إحدى الوثائق التي نشرتها ويكليكس: إن صالح أشاد بضربات 17 وَ24 ديسمبر / كانون الأول 2009م لكنه قال إن “أخطاء ارتكبت” في قتل المدنيين في أبين، أعرب صالح عن أسفه لاستخدام صواريخ كروز “غير الدقيقة للغاية” ورحب باستخدام القنابل الموجهة بدقة في الطائرات بدلاً عن ذلك، وقال صالح “سنستمر في القول إن القنابل لنا وليست قنابلكم”.
كان صالح قد أخبر البرلمان أن القنابل في أرحب وأبين وشبوة أمريكية الصنع ولكن الحكومة هي من استخدمتها.
لم تكن سياسة هادي مختلفة عن صالح، بل يمكن القول إن الولايات المتحدة وسعت نشاطها بشكلٍ أكبر وعلني خلال الفترة 2012-2015م، بينما كان هادي يعتبر الطائرات بدون طيار أعجوبة فنية، وأكّـد أنه يوافق على كُـلّ ضربات الطائرات بدون طيار، بل استخدمت الولايات المتحدة المروحيات لتنفيذ عمليات في اليمن، وأعلن هادي أنها مروحيات يمنية.
ربما نحتاج إلى ساعات لسرد القصص والمآسي الإنسانية الناتجة عن هذه الجرائم الأمريكية، لكن؛ مِن أجل الوقت سيتم ذكر نماذج بسيطة لبعض الجرائم التي ارتكبت خلال فترة حكم هادي:
- في 12 ديسمبر / كانون الأول 2013م، أطلقت طائرة أمريكية بدون طيار أربعة صواريخ هيلفاير على حفل زفاف في محافظة البيضاء، ما أَدَّى إلى مقتل وإصابة 27 مواطناً على الأقل، وقد وصفت سلطة هادي في البداية جميع القتلى في بأنهم “إرهابيون”.
لم تعترف حكومة الولايات المتحدة رسميًّا بأي دور في الهجوم، لكنها أبلغت وسائل الإعلام بشكلٍ غير رسمي أن القتلى كانوا مسلحين، وأن العملية استهدفت “المطلوبين” أحد أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) الذي أُصيب وهرب..
تقول هيومن رايتس ووتش في اليمن: إن القافلة كانت موكب زفاف، وإن جميع المشاركين في الموكب مدنيون، بمن فيهم جميع القتلى والمصابين، وإن العروس أُصيبت بجرحٍ سطحي في الوجه. - في 31 أغسطُس 2012م استهدفت غارة لطائرة بدون طيار إمام مسجد في حضرموت يدعى سالم بن علي جابر، رغم أن هذا الإمام كان معروفاً بمناهضته للقاعدة وكان قد تلقى تهديداً من التنظيم إثر خطبة مناهضة للإرهاب، كما قتل إلى جانبه صهره وليد بن علي جابر.
- في ديسمبر 2014م أعلنت حكومة هادي تنفيذ عملية خَاصَّة بمساعدةٍ ممن وصفتهم بالأصدقاء الأمريكيين لتحرير رهينتين في شبوة.
تكشف معلومات أن 70 جندياً من المارينز شاركوا في العملية.. والسؤال هنا.. كم كان عدد المارينز المتواجدين في اليمن؟ - في 19 أبريل 2014م تم تنفيذ عملية عسكرية أمريكية واسعة استمرت نحو 48 ساعة من الغارات المكثّـفة في أبين وشبوة والبيضاء، والطريق الرابط بين مأرب وشبوة، وقد أعلنت حكومة هادي أنها نفذت العملية بالتعاون مع الأمريكيين لإحباط هجمات إرهابية كانت تستهدف مصالح أمريكية.
قال محسن لبحص، من أهالي قرية اللهاب القريبة من الطريق السريع الذي يربط بين مدينتي عتق وبيحان بمحافظة شبوة، إنه بعد سماعه إطلاق نار ليل الأحد، قفز هو وسكان آخرون في سياراتهم وهرعوا إلى مكان الحادث، وقد استقبلتهم طائرات بدون طيار ومروحيات أمريكية، وقال “تخلينا عن سيارتنا؛ لأَنَّنا اعتقدنا أن الطائرة قد تستهدفنا، لكن تبين أنها حذرتنا من الاقتراب من المنطقة”.
يضيف لبحص: “بعد نصف ساعة تقريبًا، أطلقت الطائرة صاروخاً على هدف على الأرض”.
استمرت غارات وجرائم العدوّ الأمريكي حتى ما بعد العدوان ونفذت الطائرات بدون طيار في عهد ترامب أجرت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 190 عملية، معظمها غارات جوية، في اليمن منذ تولي الرئيس ترامب منصبه في عام 2017م، مما أَدَّى إلى مقتل 86 مدنيًا على الأقل، وفقًا لدراسة أجرتها مجموعة antiwar.
- في 5 مارس / آذار 2017م، كان عامر علي الصقرة حريدان البالغ من العمر 13 عاماً وابن عمه في طريقهما إلى المنزل من زيارة أقارب في الحضي، وهي بلدة صغيرة في محافظة حضرموت بشرق اليمن، أثناء قيادتهما على طول طريق صحراوي سريع حوالي الساعة 4 مساءً بالتوقيت المحلي، حلقت طائرة أمريكية بدون طيار في سماء المنطقة، في مكانٍ ما على بعد آلاف الأميال، شن مشغل الطائرة بدون طيار غارة.
بعد وقت قصير، استيقظ حسن ابن عم عامر على النار والدخان المتصاعد من الشاحنة الصغيرة المهترئة وسمع أزيز الطائرة بدون طيار في سماء المنطقة، كانت لديه جروح في يده اليمنى وساقه ورأسه، وقد أُزيلت شظايا من جسده لاحقًا، لكن عامر كان بالكاد يمكن التعرف عليه، كانت الضربة قد فحمت جسده ومزقته أشلاء، مما أَدَّى إلى مقتله على الفور.
في مقابلةٍ هاتفية مع The Intercept، قال حسن، 19 عاماً، إن المستجيبين الأوائل كانوا متردّدين في القدوم إلى مكان الحادث؛ لأَنَّهم كانوا قلقين بشأن ضربة ثانية محتملة للطائرة بدون طيار التي لا تزال تحوم في سماء المنطقة، لقد تُرِك هو وعائلته يتساءلون كيف يمكن اعتبار تلميذ في الصف الخامس إرهابياً.
بعد يومين من مقتل عامر، وقف رجل يُدعى صالح الوهير على قمة تل في الحضي، باحثًا عن خدمة خلوية لإجراء مكالمة، حوالي الخامسة مساءً سقط صاروخ وقتله، بحسب أحد أفراد عائلته ومراقبين مستقلين في اليمن.
ولأن المنطقة استُهدفت مرتين في يومين، توجّـه أفراد القبيلة إلى الحضي لحث السكان على الانتقال إلى مكانٍ أكثر أماناً، في 9 مارس / آذار، كان 6 من أفراد القبيلة -ثلاثة منهم من أبناء عبدالله القبلي الوهير، زعيم قبلي محلي، وثلاثة منهم من أحفاده البالغين- يتجهون عائدين إلى مأرب عندما استهدفت طائرة مسيَّرة منطقة تسمى العبر حوالي الساعة 5 مساءً قُتل جميعهم.
يكشف مؤلف كتاب الحروب القذرة جيرمي سكاهيل أن الولايات المتحدة نفذت عمليات من قبل ما يسمى وحدة العمليات الخَاصَّة “جي سوك”، العديد من العمليات السرية في اليمن، وأن صالح التقى برئيس هذه الوحدة ويليام ميكرافين التي تعتبر العالم ساحة مفتوحة للاغتيالات، وتفاخر باللقاء معه عبر نشر صورة اللقاء ووصفه مكرافين بضيف أمريكي هام، وهي صورة لم تكن واشنطن لتنشرها، فالوحدة التي يرأسها مكرافين، مرتبطة بالكثير من المجازر ضد المدنيين في العراق وأفغانستان واليمن.
العلاقة بين أمريكا والقاعدة
تكشف الأحداث أن تنظيم القاعدة لم يكن سوى أحد الأدوات الاستخباراتية التابعة لواشنطن، وقد تكشفت العلاقة الأمريكية مع التنظيم بشكلٍ واضح خلال العدوان على اليمن، حَيثُ قاتل أعضاء التنظيم إلى جانب تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ في أكثر من 11 جبهة كما اعترف بذلك قائد التنظيم السابق قاسم الريمي، بل تكشف تقارير وتحقيقات صحفية بعضها عن مؤسّسات أمريكية أن التحالف الأمريكي السعوديّ عقد صفقات مع تنظيم القاعدة وتم دمج قيادات في التنظيم ضمن التشكيلات المسلحة التابعة لتحالف العدوان.
يقول تحقيق استقصائي نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية في أغسطُس 2018م وأثير ما ورد فيه من معلومات في جلسات الكونجرس الأمريكي: إن اتّفاقاً عقدته الإمارات في 2016م مع تنظيم القاعدة في حضرموت قضى بإدماج 10000 من رجال القبائل المحليين –بما في ذلك 250 من مقاتلي القاعدة– في الحزام الأمني.
الاتّفاق قضى أَيْـضاً بتجنيد آلاف المقاتلين القبليين المحليين في قوة النخبة الشبوانية التي تمولها الإمارات، وبحسب وسيط ومسؤولان فَـإنَّ مقابل كُـلّ ألف مقاتل سيكون 50 إلى 70 من أعضاء القاعدة.
لقد كانت الحرب على الإرهاب في حضرموت أكذوبة ومهزلة وفقاً لما خلص إليه تحقيق اسوشيتد برس.
ألوية العمالقة السلفية التي ترعاها الإمارات وتقاتل جنباً إلى جنب مع الانتقالي ضد ما يصفونه بالإرهاب، هي تنظيم متطرف، يقوده رجال من تنظيم القاعدة، على رأسهم أبو زرعة المحرمي الذي أصبح مؤخّراً عضواً في ما يُعرف بمجلس القيادة الرئاسي.
في هذا السياق يكشف تحقيق لقناة “سي إن إن” الأمريكية ضلوع أمريكا في دعم التنظيمات الإرهابية في اليمن من خلال استمرار تسليحها للسعوديّة والإمارات، مؤكّـداً أن الأسلحة الأمريكية الصنع انتهى بها المطاف في يد الجماعات المتطرفة كألوية العمالقة التي ترعاها الإمارات.
خلال الحرب في اليمن برزت التنظيمات الإرهابية إلى جانب الأطراف الموالية للتحالف سواءً حزب الإصلاح أَو المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد كشف زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي تواجد عناصره في 11 جبهة.
كما كشفت المعارك الأخيرة التي خاضتها صنعاء في محافظة البيضاء ضد التنظيم الإرهابي الإسناد العلني من قبل التحالف لهذا التنظيم، سواءً عند معركة قيفة، حَيثُ شارك التحالف بغاراتٍ جوية لحماية التنظيم أَو عند محاولة التنظيم السيطرة على منطقة الزاهر وسط المحافظة في العام 2021م.
وإذا ما جئنا لننظر في تشكيلات المرتزِقة التابعة للعدوان الأمريكي السعوديّ نجد أن قيادات تنظيم القاعدة باتت تحمل رتباً عسكرية، فقيادات ما يُعرف بألوية العمالقة جميعها من التنظيمات الإرهابية، أما مدينة تعز فتحولت إلى مقرٍّ للتنظيم وكان للتنظيم محكماً ومقراً معلوماً، وكان يتلقى التسليح من قبل تحالف العدوان.
القيادي في القاعدة عدنان رزيق الشبواني، يشغل منصب قائد ما يسمى باللواء الخامس حماية رئاسية، وعادل الذبحاني المكنى أبو العباس، والمدرج على اللائحة الأمريكية للإرهاب، كان قائداً لكتائب في ما يسمى باللواء 35 مدرع، أما رداد اليافعي فكان قائداً لألوية على الحدود ثم قائداً لجبهة في الجوف.
القيادي المدرج على لوائح الإرهاب خالد العرادة، كان يتجول بحرية في مأرب تحت أعين الطائرات الأمريكية ويقاتل تحت مساندتها، أما القيادي علي حسن بن غريب الشبواني، الذي عمل عنصر تنسيق وارتباط مالي بين تنظيم القاعدة والإصلاح، فيعمل قائداً عسكريًّا لعدد من الجبهات في مأرب.
يشير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تقريرٍ كتبه الكسندر ميلو وَمايكل نايتس، إلى أنه أصبح اليوم لتنظيم القاعدة معقلًا محميًّا ويتمتع بالحرية الكاملة في مدينة مأرب التي يسيطر عليها (حزب الإصلاح)، وفي المناطق الريفية القبلية المحيطة بالمدينة.
يضيف المعهد أن “بعض ميلشيات الإصلاح” التي مكّنت حكومة هادي من تنفيذ هجومها المضاد الأخير على مليشيا الإمارات، تضم في صفوفها الكثير من المتعاطفين مع تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية».
يؤكّـد السيناتور راند باول أن تنظيم القاعدة يقاتل نفس الأشخاص الذين يقاتلهم التحالف: الحوثيون.
ويقول باول: للتأكيد، فَـإنَّ السعوديّين والقاعدة يقاتلون عدوًّا مشتركًا هو المتمردون الحوثيون، في الأَسَاس، أرسلنا فرق البحرية إلى اليمن لقتل الأشخاص الذين كانوا في الواقع يقاتلون عدوًا مشتركًا.