الشهيدُ القائد.. مشروعٌ قرآني أحيا أُمَّـةً..بقلم/ دينا الرميمة
على حين غفلة من أهلها وَلفترة محدودة من الزمن وقعت اليمن تحت سيطرة أمريكا بشكل غير مباشر وَغير معلَن أدركه فقط من كان يرى الحضورَ الكبيرَ للسفير الأمريكي في كُـلّ مفاصل الدولة وقراراتها السيادية التي لم تكن تمر إلا بموافقته ولم يكن على السلطة إلَّا حق التوقيع عليها فقط.
وهو أمر لم يكن لأحد حق الاعتراض عليه أَو البوح به؛ خوفاً على منصب أَو تهيُّبًا لمصير ينتظر كُـلّ من يحاول ذلك، فألجمت السنة الجميع عدا من يملكون الشعور بالمسؤولية تجاه دينه وَوطنه تجعله يصدح بقول الحق ولا يبالي، مدركاً خطورة السكوت بأنه سيمكّن أمريكا أكثرَ ويثبت أقدامها داخل اليمن!!
وحدَه السيد حسين بدر الدين الحوثي من أدرك ذلك منذ وقت مبكر وهو يرى تنامي التواجد الكبير لأمريكا في اليمن الأرض البكر في ثرواتها وما تميزت به من موقع جغرافي مكنها من أهم الممرات البحرية حلمها التي مع إسرائيل تسعى للسيطرة عليه ضمن مخطّطات سيطرتهم المنطقة العربية ومقدساتها التي لا تنتهي عند حدود فلسطين والأقصى، إنما تشمل كافة الشرق الأوسط بما فيها مكة والمدينة والحرمان الشريفان.
ولذلك تحَرّكوا لاستهداف الشعوب من ضمنهم الشعب اليمني بهُويته الإيمانية لتجريده منها، وحاولوا استهدافَه في قيمه وأخلاقه، وعملوا على زرع الخلافات الطائفية والمناطقية بين أبناء البلد الواحد وَاستقطاب الكثير من أبناء القبائل وهو أمر استخدمته مع كافة أبناء الأُمَّــة التي اخترقتها وجعلت الكثير من أبنائها أياديَ لها تحَرّكها بما يخدم مصالحها، وكما أوقعوا اليمن في دائرةِ التطبيع المبكّر وَغير المعلَن مع “إسرائيل”، وعملت على تجنيس الكثير من الصهاينة بالجنسية اليمنية، أضف إلى ما كان يلحظه السيد حسين من التحَرّك الأمريكي الكبير لاستهداف الأُمَّــة الإسلامية بشكل عام وصناعة أحداث وتوظيفها؛ بهَدفِ تشويه الإسلام وانتزاعه من القلوب ومحاولة مساواته باليهودية وخداع الشعوب وجرهم للتطبيع تحت عنوانين التسامح بين الأديان وصنعت الإرهاب ليكون سلاحها القوي لتدمير الإسلام واحتلال الشعوب، يأتي هذا بعد أن عملت أمريكا على سلب الشعب اليمني سلاحه الشخصي؛ بذريعة أنه لا يتماشى مع عصر التحضر المزعوم وعملت على تجريد اليمن من أية أنظمة دفاعية وَمصادر قوة؛ استباقاً لأية ردة فعل قد تدخلها في حرب مع اليمن.
من هنا بدأ السيد حسين ثورته ضد أمريكا والصهيونية ومعهما الوهَّـابية التي جعلت الإسلام مُجَـرّد طقوس تتمثل بالصلاة وَالصيام!
فكانت ثورة وعي مستمدة أهدافها ومبادئها من القرآن الكريم، صحح فيها كُـلّ المفاهيم والثقافات المغلوطة التي كادت تسلب القلوب إيمانها.
هي ثورة العودة للقرآن وتوجيهات الله وما ترسمه من خيارات رابحة للأُمَّـة لتحظى بتأييد الله ويجعلها تستحق نصره، فقدم بذلك مشروعاً ومسيرة عملية شاملة تصلح واقع الأُمَّــة أجمع وينهض بها ويحصنها من كُـلّ خطر، وينمي الشعور بالعزة والشعور بالمسؤولية تجاه قضاياها ودينها ويزرعُ فيها الشجاعة لتكون أُمَّـة ذات منعة وقوة يصعب على العدوّ اختراقها!
وعلى قاعدة “عين على الأحداث وعين على القرآن” قدم مشروعاً وضّح فيه أبجديات الصراع مع أعداء الأُمَّــة وأزليته، وَقدّم من خلاله كُـلَّ الحلول لمواجهة الأعداء، من ضمنها صرخة الموت لأمريكا وإسرائيل معها وكذلك سلاح المقاطعة لبضائعهم، الأمر الذي سينهك اقتصادهم ويسقط هيبة الدولار المتحكم في اقتصاد الدول.
وكان الشعار والمقاطعة سلاحاً رغم بساطته إلا أن أمريكا أدركت مفعوله في حال انتهجته الشعوب؛ ولذا وجهت أوامرها للسلطة بإسكات هذا الصوت الذي بدأ صداه ينتشر من جبال مران إلى بعض مناطق اليمن، واستجابة لها السلطة آنذاك وجهت رسائلها للسيد حسين بأنه إذا كان ولا بُـدَّ من ترديد هذه الصرخة فبإمْكَانك أن تصرخ وحدك “بينك وَبين نفسك”، بإمْكَانك أن تصرخ في بيتك مع نفسك، وإن كان ولا بد من ترديدها بأصوات متعالية وهتافات منادية بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل فافعل ذلك تحت البطانية، غير ذلك فلن نسمح لك ابداً وَدونهــا الحرب والنكال!!
هكذا شاءوا ولكن الشهيد القائد وأتباعه رفضوا التنازل عن مبادئهم وعن صرختهم المستوحاة من القرآن الكريم بالبراءة من أعداء الله ورسوله، ما جعل السلطة وخشية من أمريكا تتوجّـه بكامل ثقلها العسكري لحرب السيد حسين والقلة القليلة الذين معه وَبعد عجزهم عن القضاء عليهم عسكريًّا توجّـهوا للقبائل للضغط على السيد بقبول الصلح بينه وَبين السلطة وأعطوه لذلك عهودًا ومواثيقَ تضمن سلامته ومن معه فقبل بذلك حقناً للدماء ورأفة بمن معه من الجرحى من النساء والأطفال الذين تم إحراقهم داخل الجرف الذي احتموا به وما أن ظهر السيد حسين أمامهم مثقلاً بجراحه حتى انهالت عليه رصاصاتهم غدراً ونكثاً للعهود ليرتقيَ شهيداً، وغيَّبوا جثته ظناً أنهم بذلك سيدفنون مشروعَه معه، إلا أن عكس ما تمنوه هو ما حدث، حَيثُ انضم الكثيرُ لصف أتباع السيد حسين الذين بدورهم واصلوا مسيرته بقيادة السيد عبدالملك الحوثي في ظل ظروف هي أسوأ من سابقتها من قلة العتاد وخاوضوا ستَّ حروب مع السلطة توسع فيها المشروع القرآني وانتشر إلى كُـلّ اليمن وبات منهج كُـلّ أحرار اليمن وبه أخرجوا أمريكا من اليمن وجابهوها في عدوانها الذي شنته عليهم، وبه أعادوا للهُوية اليمنية الإيمَـانية زخمَها، وبه كسروا هيبةَ أمريكا وكل من تحالف معها وَأعادوا عزة وكرامة اليمن التي أصبحت مدرسةً عسكرية ودينية وثقافية لكل دول العالم في مواجهة السياسة الأمريكية واللوبي الصهيوني الذي باتت أحلامُه تتلاشى وتنهار بعد انكشاف حقيقتهم في كلمات ومحاضرات الشهيد القائد الذي فيما بعد حظي بتشييع لم تشهدْ له اليمنُ مثيلاً في دلالة واضحة على أحقية مشروعة وثورته التي لن تنطفئ.