وما كنتُ متخذَ المضلين عَضُدًا..بقلم/ محمد حسين فايع
على مدى نحو عَقدَين من السنوات مضت منذ انطلاقة المشروع القرآني وما تخلل ذلك من أحداث مُرورًا بالحروب الست على محافظة صعدة وما جاورها ومُرورًا بخروج الشعب اليمني في ثورة تحرّرية على رأسها قيادة قرآنية وتحمل مشروعاً قرآنياً تحرّرياً أسقط الله بها قواعد وأوكار مشروع الوصاية والهيمنة الإقليمية والدولية بقيادة أمريكا بإسقاط نظام ومنظومة قوى العمالة والنفاق وُصُـولاً إلى العدوان الإقليمي والدولي بقيادة أمريكا وبتنفيذ أنظمة وقوى وكيانات النفاق المحلية والإقليمية وعلى رأسها الكيانين السعوديّ والإماراتي.
اليوم بعد كُـلّ تلك الأحداث وما كشفته من حقائق وما قدمته من عبر ودروس إذَا كان هناك أي مكون أَو مسؤول أَو أي شخص على مستوى النخب السياسية أَو الاجتماعية والثقافية أَو الاقتصادية محسوب على جبهتنا الداخلية، لا يزال والى اليوم لم تتغير نظرته ولا توجّـهه ولا منهجيته السياسية، حَيثُ يحمل نفس النظرة ونفس التفكير ونفس المنهجية التي كانت عليه منظومة النظام السابق الذي ربط مصير اليمن وشعبه بتحالف أنظمة فرض الوصاية على اليمن وشعبه، وحينما أفشل الشعب اليمني بفعله الثوري التحرّري مشروعَ الوصاية وأسقط قواعده وأوكاره ونظامه العميل وأخرج سفراءه وقطعانه العسكرية والأمنية والاستخباراتية صاغرا ذليلاً من اليمن تحول ذلك التحالف نفسه إلى تحالف للعدوان على اليمن وشعبه.
إن تلك النوعية التي طال عليها الأمد والتي لا تزال إلى اليوم تراهن على الاستقواء بالخارج تعتبر نوعية ميؤوساً منها ولم يعد يرجى منها ولا على أيديها أي خير لليمن وشعبه وليس ذلك فحسب بل إنها نوعية لا يزال لديها القابلية وبمستوى عالٍ للقيام بأي دور ولتنفيذ أية مهمة يكلف بها من قبل أنظمة وقوى تحالف العدوان وفي هذه الحالة سواءٌ أكان من يؤدي الدور أَو ينفذ المهمة مسؤولا يشغل موقعا من مواقع القرار أَو كان على رأس مكون سياسي أَو اجتماعي فهو من في النتيجة سيخسر موقعه في إطار الدور الذي طلب منه أَو المهمة التي كلف بتنفيذها، وهنا أخبروني بربكم ماذا عسى سيكون ذلك الدور أَو تلك المهمة إلا دورا ومهمة لخدمة تحالف العدوان وفي إطار تنفيذ مخطّطات ومشاريع أنظمة وكيانات تحالف العدوان الفتنوية التدميرية الموجهة لضربنا في جبهتنا الداخلية رسميًّا وشعبيًّا وعلى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية وفي مختلف مقومات وحدتنا وصمودنا المعنوية والمادية.
اليوم نوجه رسالتنا التذكيرية الناصحة لصناع القرار التحرّري الشامل لبلدنا وشعبنا بان يتوجّـهوا بشكل عملي نحو تطهير الجبهة الداخلية من تلك النوعية التي طال عليها الأمد وذلك من خلال مساريين هما:
المسار الأول: أن يتعاملوا مع تلك النوعية من المسؤولين والنخب وحتى المكونات التي لا تزال ترتبط ثقافيًّا وسياسيًّا بمنهجية الارتهان للقوى الخارجية الإقليمية منها والدولية بمنهجية قول الله جل شأنه ((وما كنت متخذ المضلين عضدا))، حَيثُ تتطلب المرحلة الحذر من تلك النوعية وأن لا يؤمن جانبها لافي شراكة ولا في أي قرار وخَاصَّة المصيرية والاستراتيجية منها وعلى كافة المجالات.
المسار الثاني الذي تتطلب المرحلة من صناع القرار التحرّري بأن يمدوا الأيدي إلى البدائل الصالحة المتوفرة سواء كوادر أَو نخب أَو مكونات عملا بسنة الله التي تضمنها قوله جل شأنه ((وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)) وتلك سنة الهية ثابته تتجلى أكثر وتتطلبها الساحة أكثر حينما تكون الوضعية التي يعيشها الناس وضعية فرز شامل، حَيثُ الناس فيها يصبحون فقط فريقين منافقين صريحين أَو مؤمنين صريحين وهي الوضعية والمرحلة التي نعيشها اليوم ليس على مستوى شعبنا فحسب بل هي مرحلة ووضعية تعيشها الأُمَّــة كُـلّ الأُمَّــة.
علينا أن نعي وندرك بأن البديل في وضعية الفرز الشامل لا يمكن إلا أن يكون من النوعية الصالحة من النوعية التي لا تزال قيم الحرية والعزة في وجدانها وفي مشاعرها حية وأصيلة، كما أن أرضية فطرتها لا تزال أَيْـضاً أرضية منبتة لقيم الخير والحق والعدل، وبالتالي تعتبر النوعية الممتازة من الناس بشكل عام ومن بين شرائح النخب السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، بالتالي يمكن أن يؤمن جانبها إن على مستوى الفرد وإن على مستوى المكون وفي النتيجة يمكن مد يد الشراكة معها؛ كونها محصنة ذاتيا بما تحمله من قيم الحرية والإباء ومن قيم الهوية الإيمانية الأصيلة.
ومع الأيّام ومن خلال وجودها في مواقع تحملها للمسؤولية في مسار العزة والكرامة والحرية والاستقلال في مواجهة مسار ومشروع الهيمنة والاستكبار ستتكشف لها الحقائق أكثر وسيرتفع لديها منسوب الوعي أكثر وفي هذا الإطار لا بُـدَّ من التأكيد على مضمون حقيقتين هامتين هما: الحقيقة الأولى يؤكّـد مضمونها على أن كُـلّ من يختار أن يسلك مسار الحرية والعزة والكرامة والاستقلال وخَاصَّة موقع تحمل المسؤولية فإنه بفعل العدوان والحصار وبفعل الصراع المُستمرّ مع قوى الاستكبار وقوى النفاق والعمالة سيكون في موقع متقدم من مواقع التضحية في سبيل الحرية والاستقلال، وهنا لا بُـدَّ أن يكون على مستوى عالٍ من الاستعداد لتقبل أية تضحية مادية أَو معنوية بل هو على أتم الاستعداد بأن يبذل ماله ونفسه في سبيل تحقيق أهداف مشروع شعبه الثوري القرآني التحرّري.
أما الحقيقة الثانية فيشدّد مضمونها على أن المشروع التحرّري الثوري القرآني الذي سلكه شعبنا هو مشروع مكتوب له الظهور والنصر والغلبة، حَيثُ قيادته وأنصاره ولا بُـدَّ أن يكون كُـلّ من يشغل أي موقع من مواقع المسؤولية من النوعية المؤهلة إيمَـانا ووعيا في إطار تحمل المسؤولية بان يكتب الله على يديها النصر والغلبة والخير والعزة والكرامة لشعبها وأمتها وفي مختلف مجالات الصراع والمواجهة مع قوى والاستكبار والنفاق هذا من جهة.
من جهة أُخرى اليوم بعد كُـلّ الآيات البينات التي شهدت بها كُـلّ وقائع الأحداث على مدى نحو عقدين من السنوات منذ انطلاقة المشروع القرآني الثوري الشامل فانه لم يعد بالإمْكَان لا عن طريق صناع القرار التحرّري ولا عن طريق الشعب ولا الوضعية ولا الأحداث يمكن أن تسمح بوصول أي انتهازي أَو متسلق أَو مُدَّعٍ إلى مواقع صناعة القرارات المصيرية لليمن وشعبه، فضلاً عن استمرارية عملية الفرز والغربلة كسُنة ثابتها والتي تضمنها مثل قول الله سبحانه وتعالى (أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ (2) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ)، وكسنة مُستمرّة تضمنها مثل قول الله جل شأنه ﴿مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ صدق الله العظيم.