صنعاء بعيدة.. الرياض أقرب.. بقلم/ محمد يحيى الضلعي
من عاش على الوهمِ والكذبِ والافتراءِ سيحصُدْ كُـلَّ ذلك في سجلِّ تاريخه المعاصِر والقادم، ومَن راهن على العدوّ والمحتلّ وباع بلده بثمن بخس سيحصُدْ ما زرع، ومن دافع عن قضية أرخص ما فيها مبادئها ومتبنيها؛ فالنهاية هي الخُسران، ومن ذهب في الاتّجاه الخاطئ سيصطدم بالجدار مهما طال المشوار، ومن اعتقد أنه سيقبضُ ثمنَ وطنِ ثلاثين مليوناً بمفرده سيموت بأيادي أبنائه، تلك قواعد ثابتة لا غبار عليها.
أتساءَلُ بعدَ اليوم: ما هو العُذرُ وما الحُجّـةُ التي سيتخذُها العدوُّ ومرتزِقتُه لتبرير الحرب على اليمن، بعد أن انكشف ما كنا نعرفُه من اليوم الأول، واتضحت الأمور جلية لمن كان يغالطُ نفسَه وهو يعرف أَيْـضاً؟!
من يلاحظ الإعلام العربي في العصر الحالي يكتشف أنه يقومُ بترتيب الأولويات حسب ما يريد وليس وفقاً لأهميّة القضية ومكانتها المستحقة؛ ففوز ناقة سيدة صاحب السمو أهم من العمليات الفدائية في القدس، ومصمم فستان الفنانة الفلانية أكثرُ أهميّةً من آلاف الضحايا الذين يسقطون؛ بفعل السياسات الغبية، إنها لعنةُ السياسة الإعلامية للسياسات القذرة التي تحاولُ أن تحرفَ البُوصلة وتعيدَ ترتيبَ القضايا؛ لتعيدَ ترتيبِ عقولنا واهتماماتنا.
المفارقة العجيبة نجدها اليوم في خضم تجلياتها بلا عتمة أَو ديكور، فلو افترضنا أن الذي ظهر في شاشات التلفزة أَو في مواقع التواصل الاجتماعي صورة أَو فيديو لضابط إيراني في صنعاء بدلاً عن صورة الضابط الأمريكي الظاهر في الغيضة بمحافظة المهرة، ماذا كانت الردود؟ وكيف ستعنون قناة الحدث الخبر في أخبار التاسعة مساء؟ وبأي خط عريض سيكون العاجل وأكيد باللون الأحمر تليها التحليلات والاستضافات والتوقعات والبراهين الخيالية تجعل العالم العربي يتحَرّك عبر ثورة إعلامية عن المد الإيراني المسلم الذي اتخذوه شماعة لتدمير بلد عربي مسلم هو اليمن السعيد، وهل وجود الضابط الإيراني في صنعاء أكثر خطراً من وجود الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي في سقطرى والمهرة وحضرموت وغيرها؟
المتابع والملاحظ والمطلع العربي ألا يدرك معنى هذا الاستغفال من قبل الإعلام السعوديّ الإماراتي، ألا يكفي أنه صور لنا التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي بأنه إنجاز عربي يخدم القضية الفلسطينية ولكن بدون القدس والأقصى، ألا يكفي هؤلاء العملاء عبثاً بعقلية المواطن العربي واليمني المرتزِق بوجه الخصوص.
ورسالتنا واضحة أَيْـضاً بلا مبالغة للمرتزِق اليمني الذي باع بلاده لأتباع اليهود والنصارى، كم هو ندمكم إن كان فيكم دم، ألا يعجبكم منظر القادة العسكريين الغربيين يتجولون في بلدكم دون علمكم ألا يرضيكم؟ أن تسجل جزيرة سقطرى عشرات الآلاف من السياح بدمغة وتأشيرة دخول من أبوظبي؟، ألا يكفيكم كُـلّ هذا العبث؟، كم قبضتم ثمناً؟ وبأي وجه أَو تاريخ سيخلد عمالتكم؟ لا شيء من الثوابت تسقط بالتقادم ستدفعون الثمن قبل أسيادكم المحتلّين وستذكرون ما قلنا لكم والله المستعان على ما تصفون.
وعلى شماعة المد الإيراني العبثية والمسرحية الهزيلة تتفاجؤون أيها المرتزِقة بخبر عاجل من الرياض بأن هناك اتّفاقات إيرانية سعوديّة وفتح سفارات للبلدين خلال شهرين، يا رباه، والمد الإيراني أين ذهب؟
إن عادت الحرب سنضرب بصواريخنا الرياض ونقول نحارب المد الإيراني في السعوديّة، فهذه الحجّـة وجدت لها قبولاً في السنوات الأخيرة مع بعض العربان، فهل سيتقبل العالم العربي حجتنا نفسها عندما نضرب الرياض، أم أن لكل عذر عمر افتراضي ينتهي متى ما أراد المستخدم إنهاء القصة؟
وَالأهم مما سبق أين عملائكم الذين يعنونون صحفهم ومواقعهم بهذا المد الإيراني، ما هو وضعهم؟ كيف مستقبلهم؟ ماذا سيقولون في قنواتهم بعد اليوم وهم يرون إيران ليست في صنعاء كما قالوا لهم بل هي في الرياض! ربما أن عيسى الليث كان يقرأ المستقبل جيِّدًا، حَيثُ قال قبل سنوات “صنعاء بعيدة قلو له الرياض أقرب”!!.