فلسطينُ واليمن.. قلبٌ واحد
الحُمران: الشعبُ اليمني خلال ٨ سنوات قدّم النموذجَ الراقيَ في تضامنه مع القضية الفلسطينية
شمسان: الصواريخُ اليمنية الدقيقةُ باتت تشكّل تهديدًا حقيقيًّا على كيان العدوّ الصهيوني
بركة: العدوانُ لم يتمكّن أن يُلهِيَ الشعبَ اليمني عن مساندته للقضية الفلسطينية
المسيرة – خاص
تحضُرُ فلسطينُ باستمرار في وِجدانِ الشعب اليمني منذ سنوات كثيرة؛ فالوجعُ واحدٌ، والجراحُ واحدةٌ؛ ولهذا فقد تُرجِمُ المصير المشترك واقعيَّا، حينما أطلق الشهيدُ القائدُ حسين بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه- المشروعَ القرآنيَّ عام 2002م؛ فجعل القضية الفلسطينية في سُلَّمِ أولوياته، وأطلق شعار البراءة من أعداء الله، والذي يتضمن: الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، وهو مشروع شامل ينتصر لفلسطين ويعيد للأُمَّـة عزتها وكرامتها.
ومنذ الوهلة الأولى، حورب المشروع القرآني، واستشهد السيد حسين بدر الدين الحوثي، في مظلومية شبيهة لمظلومية كربلاء، وظن الأمريكيون وأدواتهم العميلة بصنعاء أنهم أطفأوا وهج المسيرة، لكن المشروع استمر بعزيمة أقوى حين تولى القيادة من بعده السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-؛ فظل الموقف من القضية الفلسطينية ثابتًا لم يتبدَّلْ أَو يتغيَّر.
ويُشيرُ رئيسُ المِلف الفلسطيني لأنصار الله، حسن عبد الرحمن الحُمران، إلى أن الشهيدَ القائدَ حسين بدرالدين الحوثي -رضوانُ الله عليه- كان هَمُّه الأكبرُ هي فلسطين، وأن انطلاقةَ مسيرة أنصار الله كان مرتكَزُها الأولُ والأخيرُ والأَسَاسيُّ والأبرزُ هي القضية الفلسطينية؛ لأَنَّها القضيةُ الأَسَاسيةُ التي بحلها تُحَــلُّ كُـلُّ المشاكل التي تعاني منها الأُمَّــةُ الإسلاميةُ في جميعِ الأقطار وفي جميعِ الأماكن.
الشعبُ اليمني هو الآخرُ لم ينسَ القضيةَ الفلسطينية، رغم ما حَـلَّ به من عدوان وحصار طيلةَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ مضت؛ فشارك في جميعِ مناسبات يوم القدس العالمي بزخم جماهيري كبير، ونظّم الوقفاتِ والمسيراتِ التضامنيةَ المتعددةَ مع فلسطين، كما تصدَّرَ الشعوبَ العربيةَ في مسانَدَةِ فلسطينَ أثناءَ العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزةَ في معركة “سيف القدس”، ويومَها دعا قائدُ الثورة السيد عبد الملك الحوثي إلى جمعِ التبرعات الشعبيّة وتقاسُمِ كِسرةِ الخبز مع الشعب الفلسطيني؛ وهو ما جعل دموعَ سماحةِ الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، تنهمر لهذا الموقف.
مواقف يمانية:
لقد تنوَّعت أساليبُ الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية؛ فمنها الأناشيد والزوامل الشعبيّة، ومنها الرسائل التضامنية لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة وهم في متارسهم بجبهات العزة والكرامة.
ويقول الحمران: إن هناك الكثيرَ من المواقف التي قدمتها اليمن قيادةً وشعبًا، وبالذات القيادة الثورية الممثلة بالسيد القائد -حفظه الله- عندما تكلم كَثيراً، ولا يخلو خطابٌ من خطاباته إلَّا ويكون متضمنًا القضيةَ الفلسطينيةَ وأهميّةَ القضية، ويتكلَّمُ عنها بإسهابٍ، ويتكلَّمُ عنها كثيراً؛ لأَنَّها قضيتُنا الأولى والمركَزيةُ والأبرزُ والأهمُّ على الإطلاق.
ويُضيفُ قائلاً: “الشعبُ اليمنيُّ خرجَ في مظاهرات كبيرة جِـدًّا، هناك فعالياتُ يوم القدس العالمي، وهناك كثيرٌ من المظاهرات خرجت، هناك حملةُ “القدس أقرب” للتبرعات التي دعا إليها السيدُ القائدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-، وقال: إننا سنقتسم لقمة العيش مع إخوتنا في فلسطين، رغم ما نمُرُّ به ورغم المعاناة، أَيْـضاً هناك سلال غذائية صُرفت للجالية الفلسطينية، وهناك مساعداتٌ نقدية، وهذه كلها تحتَ رعاية السيد القائد عبدالملك -حفظه الله-“.
من جهته، يقولُ مُمَثِّلُ حركة الجِهادِ الإسلامي في اليمن، أحمد بَرَكَة: “إنَّ الشعبَ اليمني، وبتوجيهاتٍ من قيادته: من سماحة السيد عبدالملك الحوثي ومن الحكومة اليمنية، كان لها دورٌ فاعِـلٌ في الوقوفِ ومساندةِ الشعب الفلسطيني أثناء العدوان الصهيوني؛ ربما ذلك لتشابُهِ العدوانِ على الشعب اليمني وعلى الشعب الفلسطيني؛ إذ لم يستطعِ العدوانُ أن يُلهِيَ الشعبَ اليمنيَّ عن نُصرةِ الشعبِ الفلسطيني”، مُشيراً إلى أن: “الشعبَ اليمني يخرُجُ ليُعطِيَ درسًا هامًّا للعالم العربي والإسلامي في أنك إذَا ناصرتَ قضيةً ما يجبُ أن تُقدِّمَ كُـلَّ إمْكَانياتك؛ مِن أجل نصرة هذه القضية؛ فما بالك والقضية هي فلسطين”.
ويرى بركة أن ما يميِّزُ حديثَ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أنه حديثٌ يُطبَّقُ على أرض الواقع، وأنه وبالفعل قاسَمَ لقمةَ اليمني مع أخيه الفلسطيني، وبالرغم مما يعانيه الشعب اليمني من حصار كبير وعدوان غاشم إلَّا أن الشعب اليمني أخرج ما في جيبه واقتسم لقمته مع أخيه الفلسطيني؛ وهذا يدل على صدق القيادة الثورية التي تقف مع فلسطين، ووقوفُها مع فلسطين ليست دعايةً سياسيةً، وإنما تقف مع فلسطين على أرض الواقع، وكما قال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- إنه لو كان هناك بإمْكَانه أن يقاتِلَ هو بنفسِه على أرض فلسطين لفعل ذلك.
من جانبه، يرى الخبير العسكري، العقيد مجيب شمسان، أن البُوصلةَ التي ينبغي أن تجتمعَ وتتحَرّك حولها كُـلُّ قوى محور المقاومة هي القضيةُ الفلسطينية، وأن هذا هو ما عليه موقفُ القيادة اليمنية، ممثلةً بالسيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي، والذي أكّـد في أكثرَ من خطابٍ بأن القضية الفلسطينية وموقفَنا منها هو موقفٌ مبدئي مقدَّسٌ لا رجعةَ عنه.
قلقٌ صهيوني:
لقد استمرَّ مسارُ الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية، حتى في أحلك الظروف؛ فالأسلحة المتطورة التي صنعها اليمنيون سُمِّيَتْ بـ “القدس”، والعروض العسكرية الضخمة سُمِّيَتْ بـ “وعد الآخرة” و”قادمون يا أقصى”، في رسائلَ لها أكثرُ من دلالة وأكثر من معنى.
وبهذا الخصوص، يوضح العقيد شمسان، أن تسمية الصواريخ الجوالة والصواريخ المجنحة: “قدس1، قدس2، قدس3” لها دلائلُ ومعانٍ وأبعادٌ، طبقاً لمواصفاتها وقدراتها العالية، سواء من حَيثُ الدقة والوصول إلى الأهداف، أَو من حَيثُ القدرة التدميرية، أَو من حَيثُ المدى، مُشيراً إلى أن الرسالة كانت واضحةً بأن هذه الصواريخ هي خطوةٌ، وليست كُـلّ شيء في مسار المواجهة الحقيقية مع عدو هذه الأُمَّــة الكيان الصهيوني.
المظلوميةُ اليمنية في ظل العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن والمتواصل للعام التاسع على التوالي شبيهةٌ بمظلومية فلسطين، ومن بين الركام كان الصوتُ اليماني هو الأكثرَ وضوحًا في المنطقة؛ لخوض غمار المواجهة جنبًا إلى جنب مع فصائل المقاومة في فلسطين.
فالخطرُ الآتي على الكيان المؤقت قادمٌ من اليمن، لا سِـيَّـما في ظل تنامي القدرات العسكرية اليمنية، حَيثُ جعلت الصهاينة يعيشون في رُعبٍ مُستمرّ.
وهذا ما يؤكّـدُه ممثلُ حركة الجهاد الإسلامي، الذي أشار بقوله: إِنَّ هُناك قلقًا كَبيراً من تنامي القوة العسكرية اليمنية، لا سِـيَّـما أن القوة العسكرية اليمنية لا يمكن شراؤها بتهديد أَو إعطاء مميزات ما، وهي قدرةٌ عسكرية خالصةٌ، فيها إرادَة اليمني وفيها قوة الشعب اليمني في حفاظه على مكاسبه، مؤكّـداً بقوله: “إذا لم يستطِع العدوّ الصهيوني أن يحتوي هذه القوة فهو يخاف كَثيراً من هذه القوة؛ لأَنَّها ستكون في يوم من الأيّام في سلة الدفاع عن فلسطين وأهل فلسطين”.
العقيد مجيب شمسان، هو الآخر، أكّـد قلق الكيان الصهيوني، حَيثُ قال: إن نتيجة القدرات العسكرية المتطورة، سواء الصاروخية أَو سلاح الجو المسيَّر، الذي بات كيان العدوّ الصهيوني اليوم يستشعر بأن اليمنيين باتوا قادرين على الوصول إلى عُمق الأراضي المحتلّة، وهناك صواريخُ دقيقةٌ، مبينًا أن هذا القلقَ جاءَ على لسانِ أكثرَ من قيادة عسكرية، سواء قيادة إسرائيلية عسكرية أَو مدنية، مؤكّـداً أن الصواريخَ الدقيقةَ باتت تُشَكِّلُ تهديدًا حقيقيًّا للكيان الصهيوني كتهديدٍ قادم من اليمن.