وكيل وزارة المالية الدكتور أحمد حجر في حوار لصحيفة “المسيرة”: السعوديّةُ تأملُ بقاءَ اليمن متخلِّفاً وسوقاً للمنتجات الرديئة والمنتهية
فتحُ مطار صنعاء يعزِّزُ الاستقلالَ والانتعاش الاقتصادي وهذا لا يرضي العدوان
استمرار دول العدوان في نهب عائدات النفط والغاز هدفه استنفاد ثروات اليمن حتى لا يستفيد اليمنيون منها مستقبلًا
المسيرة- حاوره إبراهيم العنسي
تحاولُ دولُ العدوان الأمريكي السعوديّ مُدَارَاةَ خوفِها من قيام صنعاء بتوجيهِ ضرباتٍ قاصمةٍ للضرع الذي يغذّي دولَ الاستكبار العالمي.
وقدّم وكيلُ وزارة المالية، الدكتور أحمد حجر، رؤيةً لواقع الحالِ، في ضوء انسداد أُفُقِ المفاوضات وتحَرّك صنعاء نحو خيار المواجَهة لفك الحصار ودحر العدوان.
وقال في حوارٍ خاصٍّ لصحيفة “المسيرة”: إن استمرار دول العدوان في نهب عائدات النفط والغاز هدفه استنفاد ثروات اليمن؛ حتى لا يستفيد اليمنيون منها مستقبلًا.
إلى نص الحوار:
– اليوم هناك تخوُّفٌ شديد لدى دول العدوان -وبالتحديد السعوديّة والإمارات- من استهداف صنعاء لعصب اقتصاداتها والتي ستنعكس على اقتصاد أمريكا الذي يترنح منذ بدايات هذا القرن.. كيف سيتأثر الاقتصاد الدولي إذَا ما تم استهداف حقول ومشاريع النفط العملاقة في الخليج؟
المعلومُ أن هناك تخوُّفًا ليس لدى السعوديّة فحسب، بل ولدى الأمريكيين والغرب أَيْـضاً، من استهداف المنشآت النفطية في دول العدوان؛ وذلكَ لأَنَّ تأثيراته البالغة والمباشرة لن تتسبب في رفع أسعار النفط والغاز في السوق الدولية وانعكاس ذلك على رفع معدلات التضخم التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي، وما يتبع ذلك من رفع أسعار الفائدة، وما يحدثه على مستوى معيشة السكان والاستثمار فحسب، بل ستصل تأثيراته إلى حجم عوائد صادرات النفط والغاز لدول العدوان، والتي تمثل رافدًا رئيسيًّا لتمويل عجز الموازنة الأمريكية وارتباطها بالشركات الأمريكية، التي كانت تجني أرباحًا كبيرةً تسمحُ بتحقيقِ عوائدَ ضريبيةٍ جيدة للخزينة الأمريكية، هذا إلى جانبِ امتصاصِ جزءٍ هامٍّ من العرض المرتفِع للدولار، وبالتالي الحد من تدهوره، وبالأخص في ظل عزوف العديد من الدول، وبالأخص روسيا والصين، عن تسوية المعاملات الدولية؛ وهذا ما يعكس إصرار أمريكا وتدخلها المباشر في تمديد عمليات الهُدنة، مع استمرار مماطلتها في تحقيق أي إنجاز في التسوية؛ وذلك لضمان استمرارها في نهب فوائض وثروات دول العدوان؛ للحد من التدهور المتسارع في أوضاعها الاقتصادية.
– مقابل هذا قام العدوان بفتح جزئي لحركة ميناء الحديدة لعله يسكِّنُ غضبَ صنعاء، حيثُ إن شعورَ صنعاء في تصور العدوّ ببعض الرضا من انسياب السفن للميناء ربما يهدِّئ من غضبه، وبالتالي الحيلولة دون الانتقال إلى ضرب الداخل السعوديّ والإماراتي.. كيف تعلقون على هذا؟
قيامُ دول العدوان بفتحٍ جزئي لحركة ميناء الحديدة هو ضمن استراتيجيتها الهادفة إلى كسب الوقت، سواء لتحقيق بعض الاختراقات للجبهة الداخلية، أَو السعي نحو الضغوط المجتمعية؛ نتيجة استمرار تدهور مستوى معيشة السكان والنشاط الاقتصادي، ثم مواجهة وتفادي ضغوط القوى والدول والمنظمات المعارِضة للعدوان أَو المحايدة، بل وربما السعي إلى إفشال أية مساعٍ منطقية وواقعية لحل مشكلة العدوان والحصار؛ وهذا ما لا يغيبُ عند متخذي القرار في صنعاء.
– منذ انتهاء الهُدنة في أبريل العام الماضي يرواغ التحالف؛ للهروب من الاستحقاقات الإنسانية كـ: دفع الرواتب وفتح المطارات والموانئ بشكل كامل.. عَلَامَ يراهنُ هذا التحالف بعد كُـلّ هذا الفشل؟
من الواضح أن دولَ العدوان تتهرَّبُ من تنفيذ الاستحقاقات المرتبطة بالجانب الإنساني؛ كون فشلها الكبير في الجانب العسكري والسياسي والأمني والإعلامي، وإلى حَــدٍّ ما في الجانب الاقتصادي، قد دفعها -وبحسب السيناريو الأمريكي- إلى التشبث بالورقة الاقتصادية كأداةٍ عملية للضغط على المجتمع؛ لتغيير توجّـهاته في مواجهة العدوان وإلحاق أكبر ضرر بالاقتصاد الوطني؛ لزيادة الضغوط على مستوى معيشة السكان، بل ولهروب رأس المال الوطني؛ ما قد يفترض انعدام الأوعية الإيرادية للدولة، وبالتالي انخفاض الإيرادات بدرجة كبيرة في ظل ارتفاع الأسعار؛ ما قد يسبب ثورة الجياع وحدوثَ فشل حكومي في إدارة الصمود في وجه دول العدوان وتحقيق الأمن والاستقرار والحد الأدنى من الخدمات الأَسَاسية والعامة.
– الآن أُوعز لخطوطِ الطيران اليمنية بإيقاف تذاكر صنعاء- عمان؛ أي إعادة إغلاق مطار صنعاء مرة أُخرى.. كذلك منع سفينة الحاويات لامار من الوصول للحديدة.. كيف تقرؤون هذه التحَرّكات التي يقوم بها العدوان الآن؟
يعكس قيامُ دول العدوان، بإيقاف تذاكر السفر ومنع السفن، عدمَ مصداقيتها في إنهاء عدوانها وحصارها؛ وذلك أملًا منها في تحقيق بعص التنازلات لدى القيادة السياسية أَو المجتمع عبر رسائلها غير المباشرة أنها لا تزال قادرةً على تنفيذ سياساتِها العدوانية.
– ما الذي يريدُه التحالف المعتدي بهذه التصرفات؟
تريدُ دولُ العدوان زيادةَ الضغوط على المجتمع؛ ليكونَ وسيلةَ ضغط على متخذ القرار؛ لتقديم تنازلات لصالح العدوان في أية مفاوضات قادمة.
– السعوديّةُ تريدُ مقايَضَةَ الجوانبِ الإنسانية بأمورٍ تتعلَّقُ بسيادة اليمن.. هل يُعقَلُ هذا التفكيرُ دون أن ينظُرَ السعوديّون لواقع حالهم وموقفِهم اليوم المترنِّح؟
تأملُ السعوديّةُ بقاءَ اليمن متخلِّفًا وسوقًا لمنتجاته ومخلفاته من السلع الرديئة والمنتهية، مع وجود مجموعة من المرتزِقة يستخدمُهم في مشاريعه العدوانية في المنطقة.
– ماذا عن استمرارِ نهب الرياض وأبو ظبي لإيراداتِ النفط اليمني عبر صهاريج نقل النفط من مأرب وشبوة وحضرموت “صاريج وناقلات للنفط إلى الموانئ بالسر”؟
استمرارُ دولِ العدوان في نهب عائدات النفط والغاز هدفُه استنفادُ ثروات اليمن؛ حتّى لا يستفيد اليمنيون منها مستقبلًا، وبالتالي تبقى يدُهم ممدودةً لدول العدوان، مع ضمان توفير الموارد اللازمة للعملاء، واستمرار الحرب دون تحمُّـل دول العدوان أيَّةَ خسائر إضافية.
– كيف سيتوقّفُ هذا الطيش أمام تهديدات صنعاء برأيكم؟
أثبتت القيادةُ السياسيةُ والمجتمعُ على مدى ثَمَانِي سَنَوَاتٍ، وفي أحلك الظروفِ، قدرةً كبيرةً على الثبات وعدم التنازل عن أيٍّ من الثوابت الوطنية تحت أي ظرف، واستعدادهم لمواصلة الصمود لتحقيق أهدافها الوطنية مهما طال العدوان وتعاظم بغيه، وبالتالي على قيادات دول العدوان الخروج من حالة الوهم إلى الواقع الذي فرضه اليمنيون علي الأرض.
– ما خياراتُ صنعاءَ اليومَ في ظل إصرار العدوّ على عدم النزول من الشجرة وترك اليمن لحالِ سبيله؟
خياراتُ صنعاءَ تتمثَّلُ في وضع رؤيةٍ واضحة وعملية، في حال استمرار الهُدنة أَو الدخول في مفاوضات تُطرَحُ على المنظمات الدولية أَو أي وسيط خارجي أَو الاستعداد لحسم عسكري مع الأخذ في الاعتبار تعزيز الجبهة الداخلية وتحسين مستوى معيشة السكان، وفرض العدالة، وإنعاش الاقتصاد.
– أخيراً.. ماذا يعني للعدوان فتحُ مطار صنعاء، وإطلاقُ حرية حركة السفن بالحديدة، ودفع الرواتب، غيرَ انتعاش الداخل الاقتصادي؟
فتحُ مطارِ صنعاءَ يعزِّزُ الاستقرارَ، والانتعاش الاقتصادي، والحرية، والاستقلال، وهذا ما لا يُرضِي دول العدوان.