ينادون (بتدويل) إدارة المقدسات!..بقلم/ الشيخ عبدالمنان السنبلي

هل رأى التاريخ أغبى من هكذا كلام؟
وجدت نفسي ضمن حملة يقول القائمون عليها، كما فهمت، أنها تدعو إلى إخضاع المقدسات الإسلامية لإدارة إسلامية، وهذا أمر جيد طبعاً، إلا أن ما لفت انتباهي هو شعار الحملة والذي يقول:
الحملة الدولية لتحرير المقدسات وَ (تدويل) إدارتها!
ضعوا خطين طبعاً تحت كلمة (تدويل) إدارتها.
قلنا لهم: لي تحفظ على كلمة (تدويل).
(تدويل) إدارتها يعني إخضاع إدارتها كليًّا لإرادَة وإشراف المجتمع الدولي،
وهذا غير ممكن أَو مقبول طبعاً.
قالوا: من قال لك هذا الكلاااام؟
قلنا: هذا ما يُفهم من السياق، وبإمْكَانكم حتى استشارة خبير في القانون الدولي.
قالوا: وما علاقتنا بالقانون الدولي، القانون الدولي هو الذي ضيع مقدساتنا!
الأغبياء.. لا يعلمون أن (القانون الدولي) هو علمٌ قائمٌ بذاته وتخصص علمي يُدرس ضمن تخصصات العلوم السياسية!
ما علينا..
قلنا لهم: بدلاً من عبارة (تدويل) إدارتها يمكنكم أن تضعوا عبارة (أسلمة) إدارتها: أي وضعها تحت إشراف عموم المسلمين، أَو أي عبارة أُخرى ترونها مناسبة وتتفق وأهداف هذه الحملة.
قالوا: (تدويل) يعني وضعها في يد أحرار الأُمَّــة!
بالله عليكم،
هل يصح مثل هذا الكلام؟
المهم…
استمر النقاش طويلاً إلا أنه أوصلنا إلى طريق مسدود، رغم أني قد استشهدت لهم بقضية القدس كمثال…
قلنا لهم: أن تطالب بتدويل القدس مثلاً، يعني أنك كمن يستدعي القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين وإخضاع مدينة القدس لإشراف دولي (تدويلها) وتوافق عليه، وهو القرار الذي تم رفضه في حينه…
أليس هذا هو (التدويل) بذاته؟
لكنهم للأسف الشديد لم يقتنعوا بكلامي هذا ولم يكلفوا أنفسهم حتى عناء الالتفات إليه.
بل أن أحدهم قد ذهب أبعد من ذلك وقال أنني:
(مُصر على الشرعية الدولية، والعمل بقرارات كبلة رؤساء وحكام العرب وقيدت الشعوب)!
لا.. بل أنه زاد على ذلك وقال:
(فرايك لم يكن طرح للنقاش بل تشكيك وتسفيه للتسمية رغم توضيحاتنا لك)
أسألكم بالله…
أين الإصرار على الشرعية الدولية والعمل بقرارات كبلت الشعوب في كلامي أَو طرحي؟
وهل في كلامي أَو طرحي هذا ما يدعو إلى (تسفيه) أَو (تشكيك)؟!
صحيح.. العقل زينة، أَو كما يقولون!
على أية حال،
انتهى النقاش بقولهم:
لسنا بحاجة إلى من (يُنظِّر) لنا محاولاً تغيير ما اتفق عليه المؤسّسون (اللجنة التأسيسية أَو التحضيرية).. لا أدري!
والحقيقة أني لست (مِنَّظراً)، ولكني حاولت التدخل دون وقوع الكارثة، فالمطالبة بتدويل إدارة المقدسات أقل ما يمكن أن يوصف بالكارثة وأن حكاية (المعنى في بطن الشاعر) كما برّر أحدهم لا يمكن أن يشفع للمضي قدماً في هذا الأمر!
عُمُـومًا،
أخبروني..
ماذا يعني حملة (دولية)؟
ألا تعني أنها حملة ستكون على مستوى العالم؟!
فكيف إذن سيتلقف الأجنبي عبارة (تدويل)؟!
كيف سيفهمها ويتعاطى معها؟!
بصراحة لا أدري!
لذلك، وبناءً على ما سبق، فقد قرّرت الانسحاب بهدوء، لا لشيء طبعاً إلا؛ لأَنَّه يعز عليَّ قبول أن أكون عضواً في حملة ترفع شعار (تدويل) إدارة مقدساتنا (حتى لو كان الغرض منها عظيماً أَو نبيلا) وذلك لما قد يترتب على سوء انتقاء وفهم بعض الكلمات التي يتضمنها شعار وَ (هشتاج) هذه الحملة من (كارثة) محدقة ستظل لعنتها تلاحقنا وتطاردنا أبد الدهر.
وختامًا،
إليكم تعريف ومعنى (تدويل) كما جاء في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي…
تَدويل: (اسم) مصدر دَوَّلَ.
تَدْويِلُ مَديِنَةٍ: جَعْلُهَا تَحْتَ الْمُرَاقَبَةِ وَالإِشْرَافِ الدَّوْلِيِّ.
أظن الرسالة وصلت.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com