استراتيجيةُ الفتح..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
خرج الرسولُ -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- على رأسِ أصحابِه في العام السادس للهجرة، يقصدون مَكَّةَ؛ بغرضِ تأدية العُمرة، وعندما وصل إلى منطقةِ الحديبية علم أن قريشًا تستعدُّ لمنعه بالقوة، فتبادل الطرفان الوفود؛ حتى وصلوا إلى صلح سُمِّي بـ(صلح الحديبية)، ومن أهمِّ ما جاء فيه أن يعود المسلمون إلى المدينة هذا العام، وفي عام قادم يمكنُهم المجيءُ إلى مكةَ لأداء العمرة، وشعر المسلمون بالغضب؛ لأَنَّ بنودَ الصلح تصُبُّ في صالح كفار قريش، ولكن كانت استراتيجيةُ الرسول -عليه الصلاة والسلام وعلى آله- تقتضي العودةَ والاستعدادَ للفتح القريب، وقد أكّـد ذلك نزولُ سورة الفتح أثناءَ العودة إلى المدينةِ؛ فعلم المسلمون أن الصلح ما هو إلَّا تهيئة للفتح، وسرعان ما نقض كفار قريش الصلح وتمكّن جيشُ المسلمين بقيادة رسول الله -عليه الصلاة والسلام وعلى آله- من دخول مكة دون قتال.
أصبحت الاستجابةُ للسلام أَو للهُدنة استراتيجيةً يعتمدُها قادةُ المسلمين المرتبطين بالقرآن الكريم؛ تنفيذًا لأوامر الله -سُبحانَه وتعالى- القائل: (فإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) الأنفال 61؛ وذلك لتسهيل تحقيق الهدف المنشود، وهذا ما نعيشُه اليومَ في اليمن؛ فعندما شعر الأعداءُ بالوجع؛ بسَببِ ضرباتِ الصواريخ البالستية والطيران المسيَّر؛ ونتيجة للانتصارات التي حقّقها المجاهدون على الأرض في كِتاف وفي نهم وفي ميدي، وغيرها من المعارك، اضطروا للهروبِ إلى السلام، وطالبوا بعقد هُدنةٍ برعاية أممية.
واعتماداً على الاستراتيجية الإسلامية التي حَثَّ عليها الله -سُبحانَه وتعالى- في كتابه الكريم، ونفذها الرسولُ الأعظمُ في فتح مكة؛ فقد استجاب قائدُ الثورة، السيدُ عبدالملك الحوثي، والقيادةُ السياسيةُ، لدعوات السلام الصادِرَةِ عن الأعداء؛ تنفيذًا للاستراتيجية المذكورة، برغم أن اليمن أصبحت لديها القدرة على مواصلة تحقيق الانتصارات في مختلف الجبهات إلَّا أن دعوات السلام لها الأولوية على الحرب.
ونحن على يقين بأن الأعداء هم من سينقضون الهُدنة، وسوف يمنحون المجاهدين الفُرصةَ لطردهم من بلادنا؛ لأَنَّ أُولئك الأعداءَ يعتبرون المطالَبةَ بالسلام تكتيكًا، واليمنيون يعتبرون الاستجابةَ لتلك الدعوات تأتي من منطلق ديني؛ ولذلك سوف يتمكَّنُ أهلُ اليمن من تحقيقِ الانتصارِ على الأعداء؛ لأَنَّ اللهَ -سُبحانَه وتعالى- قد وعد عبادَه بالنصر والتمكينِ، إذَا التزموا بطاعته، ونفذوا أوامرَه التي جاء بها القرآنُ الكريم.