نِعم الشعبُ ونعم القائد.. بقلم/ منصور البكالي
أكرم اللهُ شعبَنا اليمني بقائدٍ رباني، نشأ وترعرع في ظل أسرة دينية وأجواء إيمانية، القرآن الكريم زادها وَالتُّقى موردُها، والجهاد في سبيل الله قبلتها، والذود عن المستضعفين همُّها، وإعادة الأُمَّــة إلى الله وشدها إليه، وربطها بكتابه أهمُّ عمل في حياتها؛ فوالده العالم الربَّاني ومفتي الديار اليمنية سيدي ومولاي بدرالدين أمير الدين الحوثي، سليل النبوة ومعدن الرسالة، وأخوه مؤسّس المشروع القرآني الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -عليهم السلام-.
فقائد تربى على مائدة القرآن الكريم وعلومه منذ نعومة أظفاره، وفي أسرةٍ من أزكى وأنقى وأتقى الأسر اليمنية والعربية في عالم اليوم، ومن آل البيت -عليهم السلام- ماذا يتوقع منه أن يكون! وهو يرى الطلاب النبهاء من أبناء شعبه يقصدون منزل والده ومسجده، قاصدين التزود من نبع علمه الصافي ويدرسون على يديه ما وفقهم الله لحفظه ومعرفته، من العلوم والمعارف الواسعة مداركها، والصافية العذبة منبعها، فكان من خيرة طلابه، وأفقههم وأعلمهم بين زملائه، وما أن بلغ سنواته الأولى من عمر الشباب إذَا بأخيه يؤسس لثورةٍ فكرية وثقافية وسياسية وتنويرية وضعت اللبنات الأولى للمشروع القرآني في عددٍ من المحاضرات والدروس والخطب بين أعداد من طلبة العلم وأبناء القبائل في محافظة صعدة، وتلقت في طريقها الكثير من الصعاب والعقبات، وشتى أنواع الحروب التي سلطها النظام السابق، وحاول بها تشويه ذلك المشروع الذي وصل صداه أرجاء اليمن، وهز ناقوس خطره أركان البيت الأبيض في أمريكا، التي سرعان ما تحَرّكت لمواجهته وتكليف النظام السابق بالقضاء عليه، ووأده في مهده الأول، مرتكبةً أبشع الجرائم بحق الإنسانية في حربها العدوانية الظالمة في محافظة صعدة، وما سبقها من حملات أمنية استهدفت حمَلَة المشروع القرآني وطلبة العلم، وزجت بهم في ظلمات وغياهب السجون، وأدت إلى استشهاد مؤسّس المشروع القرآني الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي، في الحرب الظالمة الأولى، يوم 26 رجب المحرم الموافق 2004م، والتي كانت بإدارة إشراف مباشر من داخل الولايات المتحدة الأمريكية عدوة البشرية والإنسانية أم الإرهاب، في مشهد كربلائي حسيني آخر تنزع من هول بشاعته القلوب والأكباد.
ولكن الله أبى إلَّا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فهيَّأ الله لهذا الشعب ولهذه الأُمَّــة ولهذا المشروع الذي وجد ليبقى السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، خير حامل لخير راية لخير مشروع، وبخير شعب وأنصار على وجه الأرض، فخاض بهم ومعهم غمار المواجهة المكللة بمعية الله ونصره وتثبيته وتأييده، في كُـلّ التفاصيل والمراحل والحروب التي أثمرت بنجاح ثورة 21 سبتمبر الشعبيّة عام 2014م، التي خلصت اليمن من أدوات أمريكا، ويصبح السيد القائد بعده هو قائد الثورة والشعب والمسيرة القرآنية، وقائد لواء الحق في زمن الضلال، وحامل وحامي راية آل البيت -عليهم السلام- في اليمن، فمثل شعبه خير تمثيل وقاده خير قيادة في مواجهة أعدائه الذين يشنون عليه أظلم وأجرم وأشنع حرب عدوانية عرفها التاريخ، بتحالفٍ ضم 75 دولة بقيادةٍ وإشرافٍ أمريكي، وبتكليفٍ سعوديّ إماراتي، وبمشاركةٍ صهيونية متواصلة إلى اليوم.
وبعد مرور 8 سنوات من العدوان والحصار على شعب الأنصار ومنبع الثوار يواصل قائد الثورة مشواره في قيادة شعبه بثبات وصمود ووعي أُسطوري، لا نظير له ولا ند له، في تاريخ وسير العظماء والقادة، ليسلك بهم طريق الحرية والعزة والنصر في مواجهة أعدائهم والتغلب على تحديات الحياة ومشاكلها في هذه الحياة الفانية، بل بات يسخر جم جهده الفكري والتنويري للنجاة بشعبة في الحياة الآخرة، من خلال محاضراته ودروسه الإيمانية خلال شهر رمضان، كمحطة إيمانية تشدهم إلى الله وإلى تطبيق كتاب الله في واقعهم العملي الذي هو مصدر هدايتهم ونجاتهم وفوزهم وفلاحهم، ومحطة للتزود بالقيم والمبادئ التربوية السامية، وحثهم على صدق وإخلاص التوجّـه لاستغلال هذه الحياة القصيرة جِـدًّا، للفوز بنعيم الله الواسع في حياتهم الأبدية، وتجنيب شعبه سخط وعذاب الله في تلك الحياة، كما جنّبهم تبعات الهزيمة والخسران لا سمح الله أمام العدوان الأمريكي السعوديّ، إنْ هم تثاقلوا عن الجهاد وقصّروا في مسؤولياتهم الدينية والوطنية والأخلاقية، وفرطوا كما فرطت بعض شعوب الأُمَّــة في المنطقة.
كلّ هذا الجهد والعطاء المتواصل الذي يقدمه قائد الثورة نابع من منطلق حبه لشعبه، ووفاءه معه، وشعوره بالمسؤولية تجاه كُـلّ أبناء الأُمَّــة، وأمام الخالق جل في علاه، أولاً وأخيراً، فنعم القائد الذي يمضي بأمته وشعبه وأنصاره -برغم كُـلّ هذه المؤامرات والحروب التي يتصدى لإفشالها- نحو طريق الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، ونعم الشعب الذي لبى وتحَرّك وصنع بتضحياته المُستمرّة من الشهداء والجرحى والمرابطين والأسرى، سُلَّمًا للنصر في مواجهة أعداء الله، وأعداء دينه، وأعداء أنبياءه، وأعداء عباده المستضعفين وأوليائه الصالحين.
فما يجب أن تكتبه الأقلام عن هذا الشعب وصموده وثباته وتضحيته وعطائه كَثيرٌ جِـدًّا، وما يجب أن يكتب في حق هذا القائد الرباني الصالح أكثر بكثير، ومع هذا وذاك نحمد الله على هذه النعمة المؤكّـدة لمصداق قول الصادق الأمين رسول الله محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-: “تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدًا: كتاب الله وعترتي آل بيتي، إن اللطِّيف الخبير نبَّأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علَيَّ الحوض”، وفي حديثٍ آخر، قال: “إني لأجدُ نفَسَ الرحمن من جهةِ اليمن”؛ فها هو نفس الرحمن، وها هم عباد الرحمن من أبناء هذه الشعب، يصغون ويطيعون ويتحَرّكون بكل عزم وإرادَة وعنفوان وصبر وثبات، فنعم الشعب الوفي ونعم القائد الأوفى، وحذاري من التفريط والاستهانة بهذه النعمة العظيمة والفرصة الثمينة للفوز برضوان الله في الدارين، والحمد والفضل كله لله من قبل ومن بعد.