(الشيطانُ) في القرآن الكريم.. قراءةٌ على ضوء محاضرات السيد القائد..بقلم/ منتصر الجلي

 

تعددت أساليب القرآن الكريم، ككتاب هداية، في الأُسلُـوب والطرح، حديثاً، ووصفاً، وقصصاً، أساليب اختلفت في الأداء والخطاب وطريقة الشد، حسب الفئات المُخَاطبة، ما بين توجيه الخطاب لجماعة المؤمنين، وموضوعات طرحها في سياق حديثه عنهم، وموضوعية الطرح حول الفئات الأُخرى من المنافقين والمشركين، وأهل الكتاب، هذا في إطار المجتمع البشري، على صعيد المجتمع الآخر، “الجان” نرى تنوع الخطاب القرآني في مضامينه العامة والخَاصَّة، ومقامات ذلك، خُصُوصاً في وجود شخصية بيَّنها القرآن أيِّما إبانة، هي شخصية (الشيطان) السؤال؟

ما غاية ذلك؟ وكيف تجسدت تلك الشخصية كمنبع للشر والإضلال؟

في فلك محاضرات السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- حول الموضوع وما قدمه من خلال القرآن الكريم، للمتأمل أن يجد فحوى الخطاب القرآني حول “إبليس” والتي قدمها السيد من خلال نافذة القرآن الكريم وسياقات التناول التي عرضها، في إبراز جملة من التفاصيل المهمة واليقينية التي تضمنتها الآيات المباركة؛ انطلاقاً من قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى) طه- 120.

المقامات المختلفة التي نجد القرآن قدم من خلالها (الشيطان) توزعت بين «أساليب الإغواء، وجنده، ومواطنه، وَمآلاته، وأهدافه، وذريته، وحزبه، ومهامه… إلخ»، العديد من الفسحة القرآنية التي أشار إليها السيد القائد، في عرض تفصيلي لتلك الشخصية الانتهازية، التي رفضت التسليم لله سبحانه وتعالى، في السجود لآدم، موقف تدرج العرض القرآني له صعوداً وهبوطاً، وتحديد لمصير كُـلّ من يعمل عمل” الشيطان”.

بين الوعد، والتهديد، والإنذار، والنقاش، والمنطوقات الإشارية ذات البُعد الحركي في سياق النص، بين آية وأُخرى، ونقاط الرفض والقبول، وعوامل كُـلّ منها، والعرض الرئيس من إقامة التخاطبات في الآيات بين الله سبحانه وتعالى، وَالشيطان الرجيم، مع إشارات نفسية معنوية وحسيِّة، عرض لها القرآن الكريم، ومختلف السُبل والطرق المعتمة ذات الضلال الكبير التي جسدها الشيطان الرجيم، لم يفُت المقام التواصلي في عملية التواصل التي كانت بين الشيطان لعنه الله، وآدم عليه السلام، من التسليم بالعموميات النفسية ترغيباً وترهيباً، كما وضحها سماحة السيد، والانقياد للوازم فطرية، من قِبل آدم وهي “الفرار من الموت والسعي وراء الخُلد” على عكس نفسية الشيطان والتي قصد بها إحداث فراغ روحي وحصول معصية من قِبَل آدم، تجاه التوجيه الإلهي في عرض أغلب الآيات القرآنية، دافعها، عموميات هامة ارتكز عليها حسد إبليس، نحو العبادة الطويلة لله، والتي أخذ منها ذريعة تبرّر مواقفه العدائية تجاه آدم، من عدم السجود له.

تشكَّلت أنواع الملفوظات الحوارية التي عمد إليها الشيطان في سبيل حججه وبرهنتها لما يناقض الواقع النفسي له، إذ شدة الرد والجراءة على الله، ووقوفه بأُسلُـوب ساخر من آدم وبنيه عبر آليات الوعد والتهديد، تنافي حالة العبودية التي بلغت آلاف السنين لديه، وبالتالي فالغاشية كانت عوامل باطنية توزعت: ما بين الكِبر، والغرور، والعجب، هذه كانت بؤرة الشر التي تكمن في نفسه.

من مجالات السياق التخاطبي يقودنا إلى معرفة القصدية الغالبة في مختلف الآيات التي وصفت الشيطان، ومجالات عمله تنوعت حسب الجنس البشري، ذكر، أنثى، وحسب النزوات ذات التفاعلات الكبيرة مع هوى الإنسان تحدث الشكل الذي يبرهن دنس الشيطان وخبثه.

جُملة القول ومن خلال ما قدمه السيد القائد على ضوء الآيات القرآنية التي رسمت الواقع الشيطاني، تتكون الإشارات التواصلية ومقامات الخطاب ومستوياته، وحالاته، وما صحبه من توضيح عن ذلك المجتمع الشيطاني، الذي كونه الشيطان الرجيم، يتضح العداء الشديد الذي يكنه الشيطان لآدم والبشرية جمعاء، دلالات لها حضورها ومصداقيات ذلك شواهد واقع البشرية وما هي عليه اليوم من عبادة فعلية للطاغوت، متجسداً في ولاءات ومفاسد وعبث بالبشرية، من خلال أتباعه وجنده ومستعمراته الشيطانية، التي يسلطها على البشرية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com