السيد عبدالملك الحوثي في المحاضرة الرمضانية الـ13: الشيطان يتهيّب وينظر إلى المؤمن بمهابة وذعر ليس جريئاً عليه وليس مؤملاً في إغوائه
من نقاط الوقاية من التأثير الشيطاني الاستعاذة بالله تعالى والالتجَاء إليه والإكثار من ذِكره
المتقون لا يلازمهم الشيطان ولا يستقر لمقارنتهم وهم في حالة انتباه ويقظة ولذلك هو بعيد عنهم
قُرنَاء السوء والانجرار وراء خطوات الشيطان من المخاطر الكبيرة التي تؤثر على الإنسان
ثغرات تساعد على أن يكون الإنسان قابلًا للتأثير الشيطاني من أخطرها الغفلة عن ذكر الله سبحانه وتعالى والنسيان لله والابتعاد عن هدى الله سبحانه وتعالى والتعامي عنه وكذلك التفريط في بعض الأعمال المهمة
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنت السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنت التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه.
في سِياقِ الحديثِ عن خطرِ الشيطانِ على الإنسان، وأساليبه وطرقه في التأثير على الإنسان، ومدى حقده على المجتمع البشري، وعدائه الشديد لآدم وذريته جيلًا بعد جيل، وما قدمه القرآن الكريم من تفاصيل بهذا الشأن، كنا تحدثنا على ضوء قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأموال وَالأولادِ}، في الآية المباركة بعد قوله: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قليلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأموال وَالأولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا}[ الإسراء: 62-65].
في الآية المباركة، عندما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأموال وَالأولادِ}، تحدثنا بالأمس كيف أن الشيطان يعتمد بشكلٍ أَسَاسي، بعد أن يتمكّن من الإغواء بمجاميع كثيرة من البشر، بالاستغلال لهم، وتوظيف كُـلّ قدراتهم وإمْكَاناتهم المادية والبشرية لخدمة أهدافه:
- أولًا في الإيقاع بهم هم، في ممارسة الأعمال السيئة، التي تسبب لهم الخزي، والعذاب، والشقاء، والتي تبعدهم وتحطهم عن كرامتهم الإنسانية، وتسبب لهم أن يكون مصيرهم -والعياذ بالله- إلى نار جهنم.
- ثم هو لا يحتاج إلى جهود ذاتية لعملية التمويل لمشروعه الشيطاني الواسع، لإفساد الناس، وإفساد حياتهم، وإغوائهم، والدفع بهم نحو الشقاء والهلاك، لا يحتاج إلى أي جهد في ذلك، ولا يحتاج إلى أن يخسر ولا ريالاً، ولا درهمًا، ولا دولارًا، ولا فلسًا، ولا بأي جُهدٍ أَو مبلغٍ مالي، ولا أن يقدم أي عناء في سبيل ذلك، فمعناه أنه: يدفع بالبشر ليكونوا هم من يمولون الأعمال السيئة، وينفذون تلك الأعمال السيئة، التي تحقّق أهدافه، في إفسادهم، وفي إشقائهم، وفي المصير بهم نحو العذاب والعياذ بالله.
- ثم نحو أن يُفسِد واقع هذه الحياة بالنسبة لهم، أن ينتشر فيها الفساد، أن تنتشر فيها الجريمة، أن ينتشر فيها الظلم، أن تنتشر فيها السيئات، التي لها آثار سيئة على الناس أنفسهم، على واقعهم، على استقرارهم، على استقرار معيشتهم، ولها آثار سلبية في كُـلّ مجالات الحياة عليهم، ينتج عن ذلك مضار، ومفاسد صحية، وأمنية، واجتماعية، وغير ذلك.
فتكون النتائجُ السلبية بكلها على البشر أنفسهم، فهم من يتضرر، وهم من يخسر.
وللأسف الشديد، يمتد التأثير الواسع في واقع حياة الناس نتيجةً لذلك، نتيجةً لتلك الاستجابة، من جانب الكثير من البشر، والذين يتحول البعض منهم إلى شياطين، كما تحدثنا على ضوء الآية المباركة: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}[الأنعام: من الآية112]، تتسع دائرة الشيطنة، والعمل الشيطاني، والنشاط الشيطاني، إلى الواقع البشري، وتمتد إلى البعض من الناس أنفسهم، الذين يتحولون إلى شياطين، فيتحَرّكون لإفساد الناس ولإغوائهم، يَفسُدون هم في أنفسهم ويضلون، ثم يتحولون إلى القيام بهذا الدور في أوساط المجتمع، في أوساط الآخرين والعياذ بالله، فيشتد نشاطهم في هذا الاتّجاه، ويحاولون أن ينشطوا في أوساط المجتمعات، وأن يستهدفوا الناس، على المستوى الشخصي، وعلى المستوى الجماعي، أنشطة عامة وجماعية، وأنشطة شخصية، قد يركزون عليك هنا، في حال بعض الأشخاص، يكفي لإغوائهم البعض من شياطين الإنس، ويقومون بالمهمة بشكلٍ تام، البعض يتعاون عليهم شياطين الإنس وشياطين الجن، شياطين الجن يغتنمون الفرصة في خلواتهم، في الحالات التي ينفردون فيها بأنفسهم، فيُكمِلون ما بدأه شياطين الإنس، وهكذا يتحَرّك شياطين الإنس أَيْـضاً بالإغراءات والوسائل التي يحاولون من خلالها السعي لإفساد الآخرين، ويأتي شياطين الجن لإكمال الدور، بالإغراء، والتزيين، والوسوسة، وغير ذلك، فالحالة خطيرة جِـدًّا.
وفي بعض المراحل يزداد النشاط الشيطاني، وفقًا لهذا التعاون، ما بين شياطين الإنس وشياطين الجن، وفي مثل هذا الزمن كثرت الوسائل والإمْكَانات، التي تُروِّج للفساد، تروِّج للضلال، تروِّج للباطل، تستهدف النفس البشرية؛ للتأثير عليها بوسائل وتقنيات العصر بشكلٍ كبير، فيزداد الخطر، ويحتاج الإنسان إلى أن يدرك هذه المخاطر، وأن يسعى للتحصن منها.
- هناك ثغرات تساعد على أن يكون الإنسان قابلًا للتأثير الشيطاني، سواءً عبر شياطين الإنس، أَو عبر شياطين الجن:
- من أولها ومن أخطرها: هو الغفلة عن ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والنسيان لله:
الإنسان بحاجة إلى أن يستحضر في وجدانه، وفي باله، وفي تفكيره، وفي نفسه، أن يتذكر الله، وأن يستحضر ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تَذكُر الله، تتذكر عظمته، ووعده ووعيده، وجلاله، وعِظَم شأنه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والمسؤولية أمامه، ونعمه عليك، وأنه ربك، وأنه خالقك، وأنه ولي نعمتك، وأن إليه مصيرك، وأنه رقيبٌ عليك على الدوام، لا يغفل عنك لحظةً واحدة.
إذا غفل الإنسان عن الله، ونسي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فهذا يؤثر عليه، ويضعف مناعته تجاه مساعي التأثير الشيطاني، المحاولات في التأثير عليه، سواءً من شياطين الجن، أَو من شياطين الإنس، ولهذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عن المنافقين: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ}[المجادلة: من الآية19]؛ لأَنَّه يرى في ذلك وسيلةً للسيطرة التامة عليهم، والتأثير الكبير عليهم؛ لنسيانهم لله، لغفلتهم عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
- من الثغرات الخطيرة جِـدًّا على الإنسان، التي تفتح كُـلّ أبواب التأثير على نفسه، لشياطين الجن والإنس: هي الابتعاد عن هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتعامي عنه:
حينما لا تكون صلتك بهدى الله صلةً وثيقة، صلة الاهتداء، والتمسُّك، والاتِّباع، والتَقَبُّل، وتتحول إلى مُعرض عن هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، إلى متعامٍ عنه، إلى متغافلٍ له، إلى متجاهلٍ له، فهي حالة خطيرةٌ جِـدًّا عليك؛ لأَنَّ هدى الله له أثره الكبير:
- على المستوى التربوي في تزكية نفسك.
- وعلى مستوى الوعي.
- وعلى مستوى تعزيز وترسيخ حالة التقوى في نفسك، والمنعة الإيمانية.
تحمل روحًا يقظة، نفسيةً متنبهة، تجاه مكائد الشيطان، تحمل روح العداء للشيطان، تتحصن بذلك؛ فبالتالي إذَا تحول الإنسان إلى مُعرِضٍ عن هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، متعامٍ، ومتجاهل، ومتغافل، كذلك يفتح المجال للتأثير عليه، بل يُسلَّط الشياطين عليه، كما في الآية المباركة: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف: الآية36]، حالة خطيرة جِـدًّا، يكون البديل عن هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، إذَا لم يكن هدى الله هو قرينك، إذَا لم تكن صلتك به هي الصلة الوثيقة، صلة الاهتداء، الاتِّباع، التمسُّك، التقبُّل، التفهم، الإصغاء، الإقبال، وتحولت إلى حالة الإعراض والتعامي، فهي حالة خطيرة جِـدًّا، يتحول قرينك -البديل عن القرآن، البديل عن ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، البديل عن هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- شيطانٌ من الشياطين، يكون قرينك شيطانٌ من الشياطين، ويلازمك، يتمكّن من ملازمتك، يتمكّن من التأثير عليك في كثير من الأحوال، {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}؛ مما يفيده ذلك من ملازمته لك، وبالتالي يبقى في عملٍ مُستمرّ للتأثير عليك، ويبقى مغتنمًا لأية فرصة في ظروف حياتك، للإيقاع بك؛ لأَنَّه يعيش معك في كثيرٍ من الأحوال والظروف، ويدرك الفرص، ويدرك الظروف التي يرى فيها الفرص للتأثير عليك، في أحوالك:
- في حالة الغضب.
- في حالة الرضا.
- في حالة الإغراء.
- في حالة الانجذاب والميل النفسي نحو شهوات ورغبات.
فهو حاضر لاغتنام الفرصة، والإيقاع بك في أي لحظة، وقد يكون هذا من شياطين الجن، وقد يكون أَيْـضاً من شياطين الإنس، وقد يجتمع الأمران، يكون معك من يلازمك من هناك وهناك، ويتعاونان في المهمة تجاهك، فهي حالة خطيرة جِـدًّا.
لكن بصلتك بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وذكره، صلة الاهتداء، الاتِّباع التمسُّك، التقبُّل، التفهم، هذا يحصنك ويبُعدك عن التأثير الشيطاني، وحتى في الرعاية الإلهية، تحظى برعاية من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبتوفيق من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبعونٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
وبزكاء نفسك، تعشق قيم الخير والحق، وتمقَت وتكره وتبغض الأعمال السيئة، وتنفر منها، يقوى فيك الوازع الفطري الإيماني، الذي يعبَّر عنه بالضمير، فيكون له أَيْـضاً تأثير إيجابي، في اندفاعك نحو الأعمال الصالحة، وتلافيك لأي تقصير، أَو خطأ، أَو تجاوز، أَو زلل، للرجوع إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والإقلاع عن ذلك.
- من الثغرات أَيْـضاً الخطيرة على الإنسان: التفريط في بعض الأعمال المهمة:
التي من أهم ما فيها هو: تحصين نفسيتك، وتقوية الدافع الإيماني لديك، مثلما هو حال الصلوات الخمس؛ لأَنَّها تعود أيضًا:
- إلى مسألة الذكر لله “جَلَّ شَأنُهُ”.
- وإلى تعزيز الروح الإيمانية في نفسك.
- وإلى التزكية لمشاعرك ووجدانك، وتطهير نفسيتك.
- وإلى الإبعاد لك عن الأجواء المفسدة، والأجواء المغوية، والأجواء السيئة.
وتعيش في الجو الروحي الإيماني، الذي تُقبِل فيه إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تتوجّـه فيه إلى الله، وخَاصَّة عندما يكون أداؤك للصلاة بتوجّـه من قلبك، ووجدانك، ولسانك، إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هذا له أهميته الكبيرة في نفسك.
لكن عندما تفرط فيها، فلذلك مخاطر كبيرة جِـدًّا على نفسيتك، ولذلك ورد في الحديث النبوي الشريف: ((لَا يَزَالُ الشَّيطَانُ هَائِبًا مَذعُورًا مِن المُؤمِنِ، مَا حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، فَإذَا ضَيَّعَهُنَّ، تَجَرَّأَ عَلَيهِ، فَأَلقَاهُ فِي العَظَائِمِ))، فالشيطان يتهيَّب وينظر إلى المؤمن بمهابة وذعر، ليس جريئًا عليه، ليس مؤملًا أملًا كَبيراً في إغوائه، عندما يرى ما هو عليه، من إقبالٍ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتوجّـه صادق، ((فَإذَا ضَيَّعَهُنَّ))، والتضييع يبدأ بكثير من الممارسات: غفلة، إهمال، تساهل، انشغال بأشياءَ تافهة، حتى يفوت الإنسان فرض معين بشكلٍ تام؛ يخرج وقته بشكلٍ كامل، وأداء بدون إقبال، بدون جد، ثم وُصُـولاً إلى الإهمال والتفريط -بشكل تام- ولو في بعض الفروض، مثلما هو حال البعض تجاه -مثلًا- فريضة صلاة الفجر، أَو بعض الفرائض، وهي حالة خطيرة على الإنسان، ثم يتجرأ عليه، فإذا تَجَرَّأَ عَلَيهِ ((أَلقَاهُ فِي العَظَائِمِ)): الجرائم الكبيرة، الذنوب العظيمة، المعاصي العظيمة الخطيرة جِـدًّا.
- من المخاطر على الإنسان، التي تفتح أبواب التأثير عليه، من جانب الشيطان، هي ما تحدثنا عنه سابقًا: في الانجرار وراء خطوات الشيطان:
حالة خطيرة جِـدًّا على الإنسان، يبدأ يتساهل، ويسوِّل لنفسه، ويبسط لنفسه المسألة في بعض الأمور، وهي تؤثر عليه، وهي تمثل خطوة من خطوات الشيطان، تجر إلى خطوة أُخرى:
- مثلما هو حال البعض -مثلًا- في التعامل عبر الوسائل الحديثة: الجوالات، أجهزة الاتصالات، الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، قد يدخل في علاقة محرمة، بدءًا بالمغازلة مثلًا، ثم ما وراء ذلك: الحديث السيء عن المعاصي، والإغراء بها، وُصُـولاً إلى ارتكاب الفواحش والجرائم الفظيعة، والعياذ بالله، فهي خطوات تُحطَّم فيها الحواجز، وتُدنَّس فيها النفوس، ويُضرَب من خلالها زكاء النفس.
- أو -مثلًا- البعض يورِّط نفسه ابتداءً بمشاهدة المواقع الإباحية، أَو القنوات التي تنشر مشاهد فاضحة وسيئة؛ فيدنس نفسه، ويضرب زكاء نفسه، ويهيئ نفسه للخطوات التي تليها، والانجذاب إلى ما هو أسوأ، وهكذا، حتى يتورط في الجرائم العظيمة الفظيعة، القبيحة والشنيعة والعياذ بالله.
- في التصرفات الأُخرى، تجاه الأطماع المادية، قد يبسِّط لنفسه المسألة قليلًا قليلًا، حتى يصل إلى خيانة كبيرة، أَو معاملات محرمة خطيرة، أَو ما شابه ذلك.
- في المواقف والأعمال الأُخرى، في التفريط والتقصير في المسؤوليات المهمة، في التقصير والتفريط فيما أمرنا الله به من التزاماتنا الإيمانية، حالة التهاون، والخطوة وراء الخطوة، إذَا فتح الإنسان لنفسه فيها المجال، هي تجره إلى ما وراء ذلك.
فينبغي الحذر والانتباه؛ لأَنَّها طريقة أَسَاسية يعتمد عليها الشيطان في استهدافه للإنسان.
ثم يتأثر، حتى قد تؤثر عليه معصية في أمر آخر، في موضوع آخر، تأثير خطير، ولهذا قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فيما يتعلق بهزيمة المسلمين في (غزوة أحد): {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}[آل عمران: من الآية155]، فالشيطان تمكّن من أن يستزلهم، وأن يدفع بهم إلى الهزيمة، وكانت معصية، وكانت خطيرةً عليهم، وكانت لها آثارها السلبية، في جوانب كثيرة، لكن كيف تمكّن من أن يدفع بهم إلى الهزيمة؟ قال: {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}، كسبوا أعمالًا معينة، هي مخالفَة لتوجيهات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أضعفت تماسكهم الإيماني في الموقف المطلوب منهم: في الثبات في الجهاد في سبيل الله، أضعفت من نفسياتهم، أثَّرت على مدى تمكّنهم من الثبات في ذلك الموقف المهم، وفتحت المجال لأن يكون للشيطان تأثير أقوى عليهم، {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}.
- من المخاطر الكبيرة جِـدًّا، التي تؤثر على الإنسان هم: قُرنَاَء السوء:
قرناء السوء هم صنف من الشياطين، وامتداد للنشاط الشيطاني، الذي يؤثر على الكثير من الناس، قرين السوء الذي له علاقةٌ بك قوية، وصداقة حميمة بك، يدخل من مداخل تلك العلاقة والصداقة في التأثير عليك:
- في تغيير قناعات.
- في الدفع نحو تصرفات.
- في ترسيخ مفاهيم خاطئة.
- في الدفع بك نحو مواقف سيئة.
- في فصلك والابتعاد بك عن الأمور المهمة في الدين.
وهكذا، يترك تأثيره عليك؛ وبالتالي يهيئك للتأثير الشيطاني بشكل أكبر وأكبر.
الشيطان يوسع نشاطه عبر شبكاته الواسعة، وكما قلنا في بداية الحديث، لا يحتاج إبليس -لعنه الله- أن يتحَرّك بنفسه، ليلاحق بني آدم شخصًا شخصًا، قد يكون هناك بعض المهام الخَاصَّة التي ينفذها شخصيًّا بشكلٍ مباشر، قد يكون له أنشطة، أَو جولات، لتفقد بعض الأجواء، أَو بعض الأمور، في بعض المناطق، أَو بعض البلدان، ثم هو يكتفي بمتابعة شبكاته الواسعة، التي تنقل له التقارير اليومية عن إنجازاتها، وما حقّقته في سبيل الدفع ببني آدم نحو الهلاك، نحو الشقاء، نحو العذاب هدفه الأَسَاسي كعدوٍّ مبين.
على مرِّ التاريخ هو حاول أن يستهدف حتى الأنبياء، ولكنه فشل فشلًا ذريعًا، وقصته مع نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” معروفة ومشهورة، كيف فشل، ولا تزال مسألة (رمي الجمار) من المعالم والمناسك المتبقية المشروعة في الحج؛ لتُذكِّرنا بذلك الموقف، ولتدفع بنا إلى الاقتدَاء بنبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، في الموقف الحاسم تجاه الشيطان، وفي مواجهة الشيطان، والمباينة للشيطان، وعندما تنطلق من منطلق إيماني، يضعف أمامك الشيطان، يضعف أمامك.
في مسألة رمي الجمار بالحصى، بالحصى وليس بالصخور، وليس بالأحجار الكبيرة التي تملأ كفك، وليس بأسلحة عنيفة جِـدًّا، ما يبّينُ ضعفَ كيد الشيطان، لكن إن توفر الإيمان، إن توفرت هذه الصلة الإيمانية بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التي تجعلك قويًّا أمام الشيطان، ويضعف أمامك.
بل يبين القرآن ضعفَه -ليس فقط أمام الأنبياء- حتى في مواجهة المتقين، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عن عباده المتقين: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ}[الأعراف: 201-202]، الذين اتقوا لا يلازمهم الشيطان، ولا يستقر لمقارنتهم، وهم في حالة انتباه ويقظه، ولذلك هو بعيدٌ عنهم، فإذا عَرَضَ لهم أحياناً -في حالات معينة- عَرضَ لهم شيءٌ من وساوس الشيطان، تنبهوا؛ يحملون روحًا يقظة، نفسيةً متنبهه، صلةً وثيقةً بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تَذَكُّرًا لله “جَلَّ شَأنُهُ”، علاقةً قويةً بهدي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ فلذلك لا تطول غفلتهم، لا يغفلون لفترات طويلة، يتنبهون.
{إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ}، عرض لهم -في بعض الحالات- شيءٌ من وساوس الشيطان ومحاولاته، هو يحاول فيما إذَا مشت المسألة، وإلَّا تركهم، {تَذَكَّرُواْ}، وتذكرهم يُنهي تلك الوساوس؛ لأَنَّهم يلتجئون إلى الله، يستعيذون به من الشيطان، يهتمون ويَجِدُّون، ويتجهون عكس ما يوسوس به الشيطان، وبالتالي ينتهي التأثير الشيطاني فورًا، لا يتمكّن من أن يصل بهم إلى حالة الانجرار، والانقياد، والتمادي، والإصرار بالشيء الذي يوسوس به.
{فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}، يتنبهون، يحملون حالة الوعي، يدرك ما دامت تلك الوساوس، ما دامت تلك الحالة التي هو فيها لا تنسجم مع هدى الله، مع تعليمات الله، هي إذَا من الشيطان، فورًا يُدرك ذلك، هي إذَا من الشيطان، لديه معايير واضحة، لديه ثوابت، الاتّجاه الصحيح هو الذي أمر الله به، ووجه إليه، ما يعارضه، ما يختلف معه، ما هو بعيدٌ عنه: هو من الشيطان، فيتنبه، ويرجع، ويدرك خطورة المسألة.
أمَّا الآخرون، فهم يدفعون بهم أكثر، {يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ}، يدفعون بهم باستمرار؛ ليستمروا، ليستمروا وليواصلوا إلى مَدَيَات بعيدة، يصلون بهم إلى مواصل سيئة جِـدًّا، يدفعون بهم إلى نهاية الطريق السيئة والعياذ بالله.
- فيما يتعلق بسبل الوقاية من التأثير الشيطاني، هناك نقاطٌ مهمة، علينا أن نأخذها بعين الاعتبار، من خلال تأكيد القرآن الكريم عليها:
- في مقدمتها: الاستعاذة بالله تعالى، والالتجَاء إليه، والإكثار من ذِكره:
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يقول في القرآن الكريم: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 97-98]، يقول: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الأعراف: من الآية200].
في واقع الإنسان إذَا كان متنبهًا، وعنده قناعة: أن الوساوس التي تدفعه بعيدًا عن توجيهات الله وتعليمات الله، ولا تنسجم مع حالة التقوى والإيمان، هي من الشيطان؛ فبالتالي يتنبّه، ويلتجئ إلى الله، ويستعيذ به: يطلب منه أن يعيذه، أن يعيذه، يعني: أن يحفظه، وأن يحميه، وأن يعصمه من الشيطان، ومن تأثير الشيطان، ومن حضور الشيطان، فهذا الالتجَاء إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التجَاء صادقًا وإيمانيًّا، ضِمنَ توجّـهك للابتعاد عن تأثير الشيطان، وعن الطاعة للشيطان، يوفر لك الحماية، يحميك من تأثير الشيطان، ومن نزغاته، ومن وساوسه، فهو مهمٌ جِـدًّا، أكّـد عليه القرآن الكريم في عدة آيات، وفي عدة موارد (في عدة سور)، هذا شيءٌ مهم.
فليُعوِّد الإنسان نفسه على ذلك: أن يُكثر من الاستعاذة بالله، ويعي معنى الاستعاذة: أنها التجَاء إلى الله؛ للامتناع بحمايته وحفظه من تأثير الشيطان، ليكون في إطار الاستعاذة متوجّـها كذلك، متوجّـها إلى الله، وليس يقول: [أعوذ بالله من الشيطان الرجيم]، لكن وهو يحمل نفسية الإصرار في الاندفاع فيما وسوس له الشيطان به. موقفٌ خاطئٌ وسوس لك به الشيطان، وأنت تريد أن تستمر فيه، وَإذَا قلت: [أعوذ بالله من الشيطان الرجيم]، تقولها بلسانك؛ أمَّا التوجّـه الذي أنت عليه فهو الاستمرار، والمواصلة لِما وسوس لك به الشيطان، في حالة غضب، أَو في حالة رضا، أَو في حالة مخاوف.
- يكون مع الاستعاذة توجّـه إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”:
{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ}، أستجير بك، وألوذ بك؛ لتحفظني، وتحميني، وتمنعني، تمنع عني التأثير الشيطاني، {أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ}، من وساوسهم ونزغاتهم، التي يحاولون التأثير بها عليّ، {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}؛ لأَنَّ الحضور الشيطاني -بنفسه- قد يترك تأثيرا على نفس الإنسان، في الحالات التي يتجه فيها نحو التفكير السلبي، ويعيش فيها حالة التفاعل مع إمَّا إغراءات، أَو التفاعل في حالة الغضب وهيجان الغضب مع الموقف السلبي، يعني: تتأجج في مشاعره الحالة السلبية وهو يتفاعل معها، فمقاربتهم للإنسان في مثل تلك الحالة -كما شبهنا في المحاضرات الماضية- كما تقترب الحرارة من الحرارة فتزداد، تزداد نسبتها عندما اقتربت.
الشياطين هم رجس، هم خبث، هم نجس، ومداناتهم للإنسان، وقربهم منه، في الوقت الذي تتأجج فيه الرغبات السلبية مع التفكير السيء، أَو الانفعالات السيئة مع التفكير السيء، فهم يتركون تأثيرين عليه:
- تأثير في تأجج تلك الحالة السلبية، التي هي عبارة عن مشاعر، تستعر فيه أكثر: إمَّا رغبات، إمَّا انفعالات وغضب، إمَّا مخاوف.
- وفي الحالة الذهنية، في التأثير الذهني والتفكير كذلك، تأتي المزيد من الوساوس والأفكار والخواطر السيئة، التي هي إيحاء منهم، وسوسةٌ منهم، تواصلٌ من خلال طريقة خفية، أوصلوا إلى ذهنية الإنسان تلك الأفكار السيئة.
فحضورهم خطير، فلذلك الاستجارة بالله والاستعاذة به حتى من حضورهم، ألَّا يحضروا بجوارك، أن يبعدهم الله عنك تماماً، فلا يوسوسون لك، ولا يحضرون عندك.
أمَّا شياطين الإنس فيُفترَض أن يقاطعهم الإنسان، لا حاجة له بمجالستهم، ولا بالإصغاء إليهم، لا في مجالس يحضرون فيها بأبدانهم، ولا في هذا الزمن عبر وسائل العصر وتقنيات العصر، مثل: القنوات الفضائية، أَو مواقع التواصل، أَو غير ذلك، يُفترَض أن يقاطعهم الإنسان، وأن يتركهم بشكل تام.
- وأن يكون الإنسان متنبهًا في هذه المسألة (مسألة الوساوس)، ومركزًا على (مسألة الاستعاذة) في الحالات التي تعرض فيها الخطورة أكثر:
- في وقت الرغبات والشهوات، لمَّا تتأجج في مشاعر الإنسان، وتتحَرّك حالة الرغبات، والشهوات، والميول، التي يرى أنها بدأت تتجه به نحو أشياء سيئة.
- أو في حالة الانفعالات والغضب، والتي تتجه به أَيْـضاً نحو الإفراط في مواقفه، والتجاوز للحق، سواءً في كلامه، أَو في فعاله، أَو في كليهما (الكلام والفعال).
- المخاوف كذلك.
في الحالات الثلاث ينبغي أن يكون الإنسان حذرًا ومتنبهًا، ومتنبهًا من الخطوات نفسها.
وأن يهتم بالعمل الصالح، الذي يزيده إيمانًا، يزيده صلاحًا، يزيده زكًاء، يبعده أكثر عنهم، وعن تأثيرهم.
- وأن يرسخ الإنسان في نفسه العداوة للشيطان، للشيطان وكل الشياطين:
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}[فاطر: من الآية6]، الشيطان هو عدو، لكن المشكلة كيف يفرِّط الكثير من الناس فلا يتخذونه عدًّوا، لا يتخذونه عدًّوا؟! رسِّخ في نفسك العداء للشيطان، ونمِّ في نفسك العداء للشيطان، وهي مسألة ممكنة، البشر في واقعهم، يحملون أحياناً تجاه بعضهم البعض العداء، وينمونه، ينمِّي البعض في نفسه حالة العداء لشخصٍ معين، أَو لقومٍ معينين، أَو لجهة معينة، حتى يصل إلى الذروة، إلى العداء الشديد جِـدًّا؛ فالإنسان بحاجة إلى أن يرسِّخ باستمرار، من خلال القرآن الكريم، وما عرضه لنا عن الشيطان، وحقده، وعدائه، وما يعمله تجاهنا، وما يسعى له، كلما ترسخ العداء أكثر، واستحضرت هذه الحالة، في الظروف التي قد يؤثر عليك فيها الشيطان، كما ذكرنا في الحالات الثلاث: حالة الرغبات، والانفعالات، والمخاوف، فهذا يفيدك جِـدًّا؛ استحضار ذلك، {فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}.
- ثم لتسعَ إلى الأعمال التي تغيظه، وتقهره، وتحطمه، وتبعث فيه حالة اليأس تجاهك:
يرى إيمانك، توجّـهك إلى الله، إقبالك إلى الله، أخذك بوسائل النجاة منه، بأسباب الوقاية منه، يراها بالشكل الذي يُبعده عنك، ويُضعف تأثيره بشكلٍ كبيرٍ عنك، هذه مسألة مهمة.
- وأن يأخذ الإنسان بأسباب التوفيق.
- وأن تحذر من أعوان الشيطان، ومن أتباعه، فلا يؤثرون عليك:
عندما نتأمل في واقعنا البشري، والشيطان قد قطع شوطًا على مدى أجيال كبيرة في الواقع البشري، في التأثير على الكثير منهم، إلى درجة أن الكثير من البشر يوم القيامة يُحشرون، ويُعتبرون ممن عبدوا الشيطان، {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[يس: الآية60]، ويظهر ويتجلى مدى التأثير الكبير في واقع البشر، من جانب شياطين الجن، {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جميعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُم مِّنَ ٱلْإِنسِ}[الأنعام: 128]، يعني: أغويتم الكثير، في الآية السابقة نفسها يقول الله بعد قوله: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}[يس: 60-62]، أضلّ أمما كثيرة، أضلّ أعداد هائلة من البشر، وأثَّرْ عليهم، إلى درجة أن يُؤثرِوا طاعته على طاعة الله، وأن يعصوا الله ويطيعوه، هذه مسألة رهيبة جِـدًّا، وتتحول تلك المسألة إلى مسيرة حياة، يغلب عليهم الطاعة للشيطان والمعصية لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، حالة خطيرة جِـدًّا.
في ظل ذلك، وفي ظل: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأموال وَالأولادِ}، تتطور الحالة في الواقع البشري، إلى أن يتحَرّك أتباع الشيطان وجنوده، وأعوانه، وشياطين الإنس، ليشكلوا جبهةً ونشاطًا منظمًا وكَبيراً في واقع البشر، يتجه في نفس الاتّجاه الشيطاني:
- لنشر الفساد.
- لنشر المنكر.
- لممارسة الظلم بحق عباد الله.
- لمحاربة الرسالة الإلهية، في مبادئها، في قيمها، فيما تقدمه من الحق، في إقامة القسط، فيما تقدمه من عدل وقيم عظيمة، يسعون لمحاربتها وإزاحتها من واقع الحياة.
ويتجهون بكل ممارساتهم -التي هي للإفساد، وللإضلال، وللإغواء، وللمحاربة لهدى الله وتعاليمه- إلى نشر الفساد، إلى الترويج له، إلى فرض حالة الباطل، ويمارسون أبشع الظلم بحق عباد الله، يتحَرّكون بذلك المستوى، ليس فقط بمُجَـرّد وسوسة وإغراء، بل بأوامر، بسعيٍ لفرض حالة الباطل في الساحة البشرية، وفي المجتمع البشري، مثلما قال الله عن المنافقين: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}[التوبة: من الآية67]، (يَأْمُرُونَ)، ليست فقط مُجَـرّد وسوسة عادية، أَو عرض عادي، أَو إغراء عادي، بل نشاط لفرض حالة المنكر، نشاط للنهي عن المعروف ولمنع المعروف.
حالة أولياء الشيطان، يصل بهم الحال إلى أن يقاتلوا في سبيل الشيطان، في سبيل الطاغوت، في محاربة الرسالة الإلهية، في محاربة الحق، في محاربة العدل، وأن يمارسوا أبشع أنواع الظلم بحق الناس، أن يستبيحوا حياتهم، وأن يستبيحوا ممتلكاتهم، أن يستبيحوا أعراضهم، فيتحَرّكون بالشر، والظلم، والطغيان، والإجرام، في ساحة الحياة، ويستهدفون الناس بذلك، فتتحول المسألة إلى حالة خطيرة من جانبهم.
ولذلك جزءٌ أَسَاسيٌّ من التزاماتنا الإيمانية والدينية في التصدي للشيطان، واتِّخاذه عدوًّا: أن نتصدى لأوليائه، وهم يتحَرّكون بالشر، يتحَرّكون بالإجرام، بالظلم، بالفساد، بالمنكر، بالباطل، في واقع الحياة، والمتضرر من كُـلّ ذلك هم الناس، الشر هو يطال الناس، الباطل هو يستهدف الناس، هو خطرٌ عليهم، خطرٌ على حياتهم، هو استباحةٌ لحرماتهم، هو إهدارٌ لحقوقهم، ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: الآية76].
أولياء الشيطان: عنوان ينتظم فيه كُـلّ جبهة الشيطان، كُـلّ الذين يقاتلون ظلمًا، وإجراما، وبغيًّا، وعدوانًا، وإفسادا، جبهة الشر، جبهة الباطل، جبهة الظلم، جبهة الطغيان، الجبهة التي تسعى هي لنشر الفساد في أوساط المجتمعات، لنشر المنكر في أوساط المجتمعات، لممارسة الظلم والعدوان والطغيان بحق المجتمعات، وهذه مسألة واضحة في كُـلّ زمن، (ٱلَّذِينَ كَفَرُوا): المجرمون، مثلما سبق في قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}[الفرقان: من الآية31]، المجرمون، الذين يرتكبون الجرائم، الذين ممارساتهم إجرامية، أعمالهم إجرامية، توجّـههم، ونزعاتهم، وتصرفاتهم، في السياق الإجرامي، مؤامرات إجرامية يستهدفون المجتمع البشري.
فيكون جزءًا من التصدي للشيطان وأنشطته المعادية في الواقع البشري: التصدي لجنوده، لأعوانه؛ لأَنَّهم يتحَرّكون معه، إلى درجة أن يقاتلوا معه، {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ}، يقاتلون في فرض باطلهم، في فرض فسادهم، في الإيصال لباطلهم إلى كُـلّ مكان، يستهدفون المجتمع بالظلم، والعدوان، والطغيان، والشر، فلذلك جزءٌ من الصراع مع الشيطان، جزءٌ أَسَاسيٌّ من الصراع مع الشيطان: هو التصدي لجنوده، لأعوانه، في نشاطهم الإجرامي، في نشاطهم بالشر، والطغيان، والعدوان، والظلم، والباطل، التصدي لهم بكل الوسائل، التي أرشدنا الله إليها، فإذا قاتلوا -هم- في سبيل الطاغوت، إذَا اعتدوا على المجتمعات البشرية، أن نتصدى لهم، أن نتصدى لعدوانهم.
ليس المطلوب من المؤمنين في الساحة البشرية، مِن الذين لا يقبلون بسيطرة الشيطان، أن يخضعوا، وأن يخنعوا، وأن يستسلموا، ليستبيحهم أولياء الشيطان، ويعملوا على الظلم لهم، والإبادة لهم، والقهر لهم، والإذلال لهم، والامتهان لهم، ليست حالة إيمانية مطلوبة من جانب المؤمنين، بل أنْ يتحَرّكوا في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والله سيعينهم، وعدهم بالنصر، يُمِدُّهم بمعونته، بنصره، بتأييده، فلذلك قال “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}؛ لأَنَّ جبهة الشر تقوى، وتطغى، وتتمكّن من ممارسة الظلم بحق الناس؛ نتيجةً لتخاذل الناس، نتيجةً لتقصيرهم، لتفريطهم، لتهاونهم، لتنصلهم عن مسؤولياتهم الجماعية المهمة، في إقامة العدل، في التصدي للطغاة، والظالمين، والمجرمين.
- في عصرنا وفي زمننا، فَـإنَّ اللوبي الصهيوني اليهودي: هو في طليعة أولياء الشيطان:
هو طليعة أولياء الشيطان، هو رأس أولياء الشيطان، هو الذي يقود النشاط الشيطاني الإجرامي المفسد في المجتمع البشري، ومن خلفه تشكيلات واسعة من الإنس، من الكافرين والمنافقين، لكنه في الطليعة، في المقدمة، وهو يؤدي هذا النشاط بشكلٍ واسع، يقف اللوبي الصهيوني وراء نشر الفساد في العالم، على المستوى الأخلاقي، الفساد على المستوى السياسي، الفساد على المستوى الاقتصادي، ممارسة الظلم للمجتمعات البشرية، والاستهداف لها، والإضرار بها، وإلحاق المعاناة بها، والاستباحة للحرمات، والاستهداف للناس في حياتهم، يقف هو في هذا العصر في طليعة أولياء الشيطان، الذين يعملون لإفساد حياة المجتمع، وإفساد الناس أصلًا، ثم يلحق بهم -كما قلنا- تشكيلات واسعة.
ما نشاهده هذه الأيّام في فلسطين، وبالأمس، والبارحة، واليوم، من اعتداءات على المسجد الأقصى، على المصلين في المسجد الأقصى والقدس، على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى، ما نشاهده من انتهاك لحرمة تلك المقدسات، من جانب اليهود الصهاينة، هو ممارسة شيطانية، هو من تلك الجرائم التي يمارسها أولياء الشيطان، التي تكشف عن سوئهم، عن إجراميتهم، عن وحشيتهم، عن سوئهم، عن ضرورة التصدي لهم.
وهنا تأتي المسؤولية، المسؤولية على المسلمين بشكلٍ عام، أن يقفوا إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأن يعملوا على أن يكون لهم موقف واضح، يؤثر على العدوّ الصهيوني، {فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، لو وقفت الأُمَّــة -كما هي مسؤوليتها أمام الله- الوقفة الصادقة، الوقفة الجادة مع الشعب الفلسطيني، لاندحر العدوّ الإسرائيلي، لاندحر بشكلٍ تام، الإعانة للشعب الفلسطيني بكل وسائل التعاون: بالكلمة، بالموقف، بالصوت، بالمال، الموقف الصحيح تجاه العدوّ الإسرائيلي، بالمباينة، بالعداء، له أهميّة كبيرة، وهو ضمن الالتزامات الإيمانية والدينية.
في مقابل سعي الآخرين إلى التطبيع مع العدوّ الصهيوني الإسرائيلي، يجب أن يكون هناك موقف قوي، وفي شهر رمضان، شهر التقوى، أن يكون هناك موقف نشط، وأن ندرك أن المعركة مع العدوّ الصهيوني اليهودي هي من ضمن الصراع مع الشيطان، هم أولياء الشيطان، ونشاطهم الإفسادي والتخريبي عبر كُـلّ الوسائل، وعبر الشبكات المرتبطة بهم، من الكافرين، ومن المنافقين، هو النشاط الشيطاني المكثّـف في هذا العصر، الذي يستخدم حتى الوسائل والتقنيات المعاصرة، فهم يعملون كجبهة في الساحة البشرية؛ لفرض الباطل، لفرض الفساد، لممارسة الظلم، وجزءٌ من الصراع مع الشيطان: هو في التصدي لأعوانه، {فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، وهذا يجعلك في موقف قوي في مواجهة الشيطان، عندما تعيش حالة الصراع معه ومع أوليائه، ولست في حالة الجمود والركود، التي تهيئك لتأثيره.
- في واقع الدنيا، كُـلّ الذين يستجيبون للشيطان، ويلتحقون بصفه، هم خاسرون:
حتى في توظيفهم لإمْكَاناتهم، لطاقاتهم، لقدراتهم، في خدمة الشيطان، هي خسارةٌ كبيرةٌ عليهم، هم يتحملون بذلك الأوزار، والعواقب السيئة، عندما يشاركونه في أموالهم:
- سواءً من خلال المعاملات المحرمة: الكسب الحرام، الأُسلُـوب الحرام في الحصول على المال.
- أو التعامل في صرف المال في المحرمات: في معاصي، في مفاسد، في منكرات، في تمويل أعمال ظالمة، أعمال مضلة، أعمال سيئة، في تمويل أنشطة عدوانية إجرامية في أي مجال من المجالات، التي هي تخدم الشيطان في الاتّجاه الشيطاني.
هم يشترون لأنفسهم العذاب، يدفعون قيمة عذابهم. أنشطة عملية، أنشطة بأي شكلٍ من الأشكال: في قتال، أَو في موقف إعلامي، أَو في أي عمل يخدم الشيطان، هم يخسرون، هم يُعِدُّون لأنفسهم العذاب، هم يشترون لأنفسهم العذاب والعياذ بالله.
- وتتجلى الخسارة الرهيبة لكل الذين استجابوا للشيطان في يوم القيامة، يوم الحشر، يوم الحساب، يوم الجزاء الآتي حتما:
عندما يُحشرون، ويدركون خسارتهم، ويدركون أنهم إلى النار، وقد خسروا رضوان الله، وخسروا الجنة وما فيها من النعيم العظيم الأبدي، خسارة رهيبة جِـدًّا الخسارة للجنة! وأن مصيرهم هو جهنم، {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}[ ص: الآية85]، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، يشعرون بفداحة الخسارة.
ويُجمَعون، والشيطان على رأسهم، وقبل الذهاب بهم إلى النار يُوجَّهُ إليهم كلمة، تحدث عنها القرآن الكريم: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ}[إبراهيم: من الآية22]، انتهى الحساب، مُيَّزَ أهل جهنم لوحدهم، اُعِدُّوا وهُيَّئُوا للانتقال بهم إلى نار جهنم، أصبحوا في حالة اليقين التام بالخسارة الدائمة، والخسارة الرهيبة والفظيعة، يتحدث إليهم، ويقول لهم: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ}[إبراهيم: من الآية22]، وعدكم -اذا استجبتم له- برضوانه، بالجنة، بالسعادة، بالفلاح، بالنجاة من العذاب، بالكرامة، بالعزة، بالخير، كم هي الوعود التي وعد الله بها؟ لكن من أعظمها: هو رضوانه والجنة، والحياة السعيدة الأبدية، والنجاة من عذابه، ووعدُ الله حق، الذين استجابوا لله حقّق لهم وعده، وأنجز لهم وعده، {وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ}[إبراهيم: من الآية22]، [لكنكم لم تستجيبوا لله]، يخاطب أصحابه، أتباعه، الذين استجابوا له، لم يقبلوا وعد الله الحق، لم يصدقوا وعد الله الحق، لم يستجيبوا لوعد الله الحق.
{وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}[إبراهيم: 22]، هم استجابوا لوعد الشيطان، الوعود التي هي غرور، {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[النساء: من الآية120]؛ للخداع، للأماني الفارغة.
{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}[إبراهيم: من الآية22]، يقول: [انا لم ارغمكم، لم اقسركم، لم اُجبركم، إلى أن تسيروا في طريقي؛ إنما كانت دعوة، أنتم الذين استجبتم]، {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أنفسكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ}[إبراهيم: من الآية22]، [لن أفعل لكم شيئاً لإنقاذكم، لإغاثتكم]، ويقول: لن يفعلوا له أَيْـضاً شيئاً، {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ}[إبراهيم: من الآية22].
ثم يُنقل، ويُنقلون معه إلى نار جهنم؛ للعذاب الدائم فيها، للاحتراق الدائم، للحالة الرهيبة، للعذاب الشديد والعياذ بالله، خسارة رهيبة جِـدًّا، هي تلك الحالة التي ينادون فيها بالثبور، عندما يلقى بهم في نار جهنم، في عذابها الشديد، {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا}[الفرقان: من الآية13]، ينادون بالهلاك، يشعرون بالخسران الرهيب، والندم الشديد الفظيع، فالشيطان هو خاسر، وخسر كُـلّ شيء، وهو رأس الخاسرين، وأكبر الخاسرين، وكل أتباعه يخسرون، هم الذين يخسرون، الخسارة الرهيبة العظيمة والعياذ بالله!
في القرآن الكريم الحديث واسع عن الشيطان، وعن الصراع مع الشيطان، وعن خطورة الشيطان على الإنسان، عندما يغفل، عندما لا يستجيب لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عندما لا ينتبه، لا يتذكر، وفي القرآن الكريم ما يرشدنا الله إليه من الأعمال المهمة، التي تبعدنا عن التأثير الشيطاني، وفي القرآن الكريم التنبيه والتحذير من أعمال الشيطان ومكائده، ومكائد أتباعه وأوليائه من شياطين الجن والإنس.
ليحرص الإنسان خلال تلاوته للقرآن أن يستفيد من ذلك، أن يتفهم، أن ينتفع، وليستعذ بالله، وليلتجئ إلى الله دائماً؛ ليحميه، ويقيه، ويعيذه، ويجيره من تأثير الشيطان، وليسعَ الإنسان إلى الاستعانة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وكيد الشيطان هو ضعيف، {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}، لا يقوى تأثيره على الإنسان، إلَّا؛ بسَببِ خللٍ من جانب الإنسان نفسه.
أَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يَتَقبَّل مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَام، وَالقِيَام، وَصَالِحَ الأَعْمَال، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه.