المقاومةُ الفلسطينية: سنحمي الأقصى بالدم والنار
إطلاق عشرات الصواريخ من غزة وجنوب لبنان على الكيان الصهيوني رداً على الاعتداء بالأقصى
مسؤولون صهاينة يسخرون من رد حكومة نتنياهو ويؤكّـدون: هذه الأيّام قاسية جداً
المسيرة- خاص
تتصاعدُ الأحداثُ في فلسطين المحتلّة؛ إثر الاعتداءات الصهيونية على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى، حَيثُ اشتعلت الجبهتان الشمالية والجنوبية للكيان المؤقت؛ ما ينذر بحرب دامية إذَا استمرت على هذه الوتيرة.
ويتخوف الكيان الصهيوني المؤقت من دخول حزب الله على خط المواجهة، لا سِـيَّـما بعد أن تم إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان، الخميس الماضي؛ رداً على الانتهاكات الصهيونية بالأقصى، حَيثُ شوهدت النيرانُ والحرائقُ في المحلات والأماكنُ التي تم استهدافها؛ الأمر الذي جعل جيشَ العدوّ الإسرائيلي يستنفرُ كافةَ قواته ويهدِّدُ بالرد.
ونتيجةً لهذه التطورات المتسارعة، استنفرت كافة فصائل المقاومة الفلسطينية قواتها، وأعلنت الجهوزية الكاملة لأية تطورات، وتجسّدت من جديد “وحدة الساحات” مع اشتعال جبهة الشمال لفلسطين المحتلّة (جنوب لبنان) كأبرز حدث يواجه الاحتلال الإسرائيلي؛ وهو ما يشكل عبئاً جديدًا على الكيان، ويجعله مكبَّلاً عن المواجهة أَو الدخول في حرب مفتوحة على كافة المحاور.
التطورُ المفاجئُ للاحتلال الإسرائيلي، وتلقِّيه صفعةً من جنوب لبنان، جعل القياداتِ الأمنيةَ والعسكرية للصهاينة في حالة تأهب قصوى واجتماعات متواصلة، برئاسة المجرم نتنياهو، ومع فجر يوم أمس الجمعة، كان الطائرات الصهيونية تحلِّق في سماء قطاع غزة، وفي مدينة صور جنوبي لبنان، وتوالت الانفجاراتُ مع سقوط الصواريخ، لكن سرعان ما هدأت العاصفة، وكأن الصهاينة أرادوا الردَّ فقط وليس الدخول في الحرب الواسعة؛ فهم يتخوفون من جر حزب الله إلى مربع المواجهة.
وللتأكيد على ذلك، قال موقع “أكسيوس” الأميكي: إنّ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي و”الموساد” قدّما تقييماتٍ متعددة بشأن طبيعة ردّ حزب الله على الضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان.
وقال رئيس الموساد، ديفيد بارنيع: إنّ “حزب الله سيردّ على الأرجح على أية غارة جوية إسرائيلية. وبالتالي، يجب على “إسرائيل” أن تضربه، بالإضافة إلى ضرب أهداف حماس والأهداف اللبنانية”.
لكن رئيس أركان الاحتلال، هرتسي هليفي، قال: إنّ “المصلحة الإسرائيلية هي إبقاء حزب الله خارج المعادلة، ومن أجل القيام بذلك، يجب أن يظل رد إسرائيل مركَّزاً على حماس”.
وَأَضَـافَ المسؤول: أن “موقف هليفي ساد في نهاية المطاف؛ باعتباره التوصيةَ التي سيتم اتِّخاذُها في اجتماع مجلس الوزراء الأمني”.
وفي ظل التصعيد، اعتدى مستوطنون صهاينة على سيارة القيادي الفلسطيني، تيسير خالد، وهو في طريق عودته، ظهر يوم الجمعة، من قريوت إلى مدينة نابلس، وقاموا برشقها بالحجارة على أمام جنود الاحتلال، الذين تواجدوا بالمكان.
وأعلن جيشُ الاحتلال الإسرائيلي، أمس الجمعة، استدعاءَ جنود الاحتياط، مع التركيز على قوات الدفاع الجوي وسلاح الجو.
وقال جيشُ الاحتلال إنه استدعى العشراتِ من ضباط الاحتياط من القوات الخَاصَّة الإسرائيلية.
وبالتوازي مع ذلك، نفذت فصائل المقاومة الفلسطينية عمليات رد متنوعة على الكيان المؤقت؛ فجاءت عملية “غور الأردن” التي أسفرت عن مقتل اثنين من المستوطنين الصهاينة وإصابة ثالث؛ لتشكل حالة من الإرباك للصهاينة، وتفتح ثغرة جديدة لحالة الانفلات الأمني؛ ولتؤكّـد أن المقاومة تستطيع أن توجّـه الضربات في أكثر من مكان وبأكثر من وسيلة.
ومع حلولِ مساء الجمعة، أعلنت وزارةُ الخارجية الصهيونية عن إصابة 7 مستوطنين، اثنان منهم في حالة حرجة في عملية دهس وإطلاق نار في مدينة القدس المحتلّة.
وقال المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع: “إن عملية تل أبيب وما سبقها عملية الأغوار تدلل على قدرة المقاومة على ضرب الاحتلال، وإن سيف القدس لا يزال مشرَعاً في كُـلّ مكان، وهي ردٌّ طبيعي على جرائم الاحتلال بحق الأقصى والمعتكفين”.
من جهتها، باركت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عملية “تل أبيب” الفدائية، مؤكّـدة أنّها ردٌّ طبيعي ومشروع على جرائم الاحتلال واعتداءاته على الشعب الفلسطيني ومقدساته.
وتعقيباً على العملية البطولية المزدوجة، قالت حركة الأحرار: إنّ “العمليات البطولية، التي ينفذها ثوار شعبنا وأبطال المقاومة، هي رسالة للاحتلال بأنه سيدفع ثمنَ عدوانه باهظاً وفي عمق الكيان”.
وأشَارَت الحركة إلى أنّ “هذه العملية البطولية هي صفعة جديدة للمنظومة الأمنية الصهيونية، وتأكيداً أن جرائم الاحتلال وعدوانه لن توقف المقاومة ولن تطفئ جذوتها بل ستبقى مُستمرّة ومتصاعدة وضرباتها نوعية”.
أما حركةُ المجاهدين الفلسطينية فقالت: إنّ “عملية تل أبيب المزدوجة البطولية ضربة جديدة للمقاومة يتهاوى أمامها أمن الكيان الصهيوني المؤقت وتكشف هشاشته وضعفه”.
وأكّـدت حركة المجاهدين أن الشعبَ الفلسطيني مصمم على حماية قدسية المسجد الأقصى بالدم والنار، من خلال إشعال الحالة الثورية الحقيقية نصرةً للمسجد الأقصى.
كما أضافت الحركةُ أنّ “عملية اليوم تؤكّـد على رسالة التكامل بين الجبهات والساحات لصد العدوان عن القدس والمقدسات وشعبنا الصامد الصابر”.
أيضاً، قالت لجان المقاومة في فلسطين: إنّ “عملية تل أبيب صفعة قوية واختراق للأمن الصهيوني وتأكيد على أن الثأر للحرائر والمرابطين والمعتكفين في المسجد الأقصى لم ينتهِ ولن ينتهيَ أبداً حتى تطهير مقدساتنا واجتثاث هذه الفاشية الصهيونية من أرضنا”.
وأوضحت أنّ “عملية تل أبيب تمثل قدرة المقاوم الفلسطيني على التنفيذ والتخفي وإيقاع الخسائر في صفوف الكيان الصهيوني، ليثبت من جديد عجز العدوّ الصهيوني عن مواجهة شعبنا ومقاومتنا الباسلة”.
إسرائيل مربكة:
وعلى الرغم من التصعيد الصهيوني في غزة وجنوب لبنان إلا أن القلقَ سيد الموقف لدى الكيان المؤقت، حَيثُ أوصت الاجتماعات الأخيرة لحكومة نتنياهو والقيادات العسكرية والأمنية بالرد بشكل مدروس دون فتح باب المواجهة على مصراعيه، وعدم الانجرار إلى إطالة أمد جولة المواجهة هذه.
وثمة تفسيرات متعدِّدةٌ للتخوف الإسرائيلي هذا، ولعل أبرز محدّد هو الأزمة الداخلية التي تعصف بكيان العدوّ الصهيوني، والمطالبات بالإطاحة بحكومة نتنياهو وحزبه المتطرف، أضف إلى ذلك سببًا أقوى يتعلق بمدى جاهزية حزب الله اللبناني للمواجهة، وكذلك الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والضفة وغيرها؛ ولهذا فَـإنَّ الإسرائيليين يعيشون حالة من الضعف والهوان لم يشهدوها منذ سنوات، وهو يدركون أن الانجرارَ خلف معركة مفتوحة لن يكون في صالحهم على الإطلاق.
وشنت وسائل إعلام صهيونية هجوماً لاذعاً على نتنياهو، وقالت: إن حركة حماس أعلنت عن حربها ضد “إسرائيل” من خلال الربط بين قطاع غزة والقصف من لبنان، وعملية غور الأردن، مضيفةً أنها نجحت في “إحراجِ تل أبيب والإمساك بها وهي في حالة ضعف وإرباك”.
وفي تصريحٍ ناري، قال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، تعليقاً على العملية في غور الأردن: إن “هذه الأيّام قاسية جداً”، مُضيفاً أن رئيسَ الحكومة نتنياهو يواصل بَثَّ الضعف والانهزامية ويدمّـر الردع الإسرائيلي”، وفق ما نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وقفاتٌ تضامنية :
وفي سياق هذا التصعيد، نظّم حزب الله اللبناني، الجمعة، وقفاتٍ تضامنيّةً؛ نصرة لفلسطين والمسجد الأقصى أمام المساجد والحسينيّات في عدّةِ مناطقَ في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسط مشاركة كبيرة ولافتة من شخصيّات وجماهير هتفت بشعارات مؤيدة للقضية الفلسطينية، ومندّدة بالاعتداءات والانتهاكات الصهيونية بحقّ المسجد الأقصى والمقدسات.
وأكّـدت الوقفات أن ما أقدم عليه الصهاينةُ هو انتهاكٌ خطير لحُرمة المسجد الأقصى، ويمُسُّ بمشاعر كُـلّ المسلمين، ويستفزُّ كُـلّ الأحرار في العالم، فيما ردّد المشاركون شعارات ونداءات الموت لـ “إسرائيل، الموت لأمريكا”، “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”، “للقدس رايحين شهداء بالملايين”.