الكيانُ الصهيوني مصيرُه التفكك والانهيار.. بقلم/ محمد علي الحريشي
من المعروف أن الكيان الصهيوني صنيعة بريطانيا عندما كانت إمبراطورية استعمارية في القرون (الثامن عشر والتاسع عشر حتى الحرب العالمية الثانية من القرن العشرين الميلادي)، وهي من أوجدت الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، وهي من سهلت هجرات اليهود إلى أرض فلسطين وأعطت لهم وعوداً بإقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين «وعد بلفور».
بريطانيا كانت تبسط سيطرتها الاستعمارية على فلسطين وهي من فتحت مدن الشاطئ الفلسطيني للهجرات اليهودية ومكنتهم القواعد العسكرية والمطارات قبل انسحابها من فلسطين، بريطانيا هي السبب في معاناة ومظلومية الشعب الفلسطيني وما حل به من نكبات وكوارث ومذابح وتهجير على أيدي العصابات الصهيونية.
أمريكا استلمت الدور من بريطانيا عقب الحرب العالمية الثانية لتوفير الحماية، خَاصَّة بعد إعلان الصهاينة دولتهم في فلسطين عام 1948م، أمريكا وفرت الغطاء القانوني والدولي لبقاء وديمومة الاحتلال الصهيوني عبر الأمم المتحدة.
أولاً: يجب أن نعرف حقيقة مهمة قد تغيب عن كثير من المتابعين وهي «أن أكثر من 80% من الدفعات الصهيونية المهاجرة إلى فلسطين هم من جنسيات أُورُوبية، خَاصَّةً من شرق أُورُوبا ومن روسيا»، وأجدادهم اعتنقوا اليهودية بعد القرن الثالث عشر الميلادي، بمعنى أنهم من الجنس الأُورُوبي الآري ولا صلة لهم ببني إسرائيل، اسم كيانهم المحتلّ «دولة إسرائيل» إنما أرادوا من الاسم اكتساب شرعية تاريخية (تاريخ مزور حسب مفهوم اليهود).
العصابات الصهيونية المحتلّة لا علاقة لهم باليهود الحقيقيين الذين كانوا يعيشون في البلدان العربية مثل اليمن والعراق ومصر والمغرب، حتى هؤلاء هم يعتبرون أقلية في الكيان المحتلّ ويعيشون كمهمشين في المجتمع الصهيوني مثلهم مثل ما يسمى بيهود الفلاشا الإثيوبيين.
قام الكيان الصهيوني في فلسطين من عام 1948م تحت غطاء الحماية الأمريكية والبريطانية وبفضل التسليح والدعم الغربي استطاعوا احتلال بقية فلسطين وسيناء المصرية وهضبة الجولان السورية في حرب جزيران عام 1967م، صاحب ذلك الاحتلال دعاية إعلامية غربية وهي أن جيش الاحتلال لا يهزم ولا يقهر، ساهم في نشر الدعايات الإعلامية الآلة الإعلامية الغربية.
لكن عندما تلقى الكيان الصهيوني أول هزيمة عسكرية على يد المقاومة الإسلامية اللبنانية «مقاومة حزب الله» بدأت الهالة الإعلامية تنقشع وتتعرى شيئاً فشيئاً أمام الرأي العالم العالمي.
المقاومة الإسلامية الفلسطينية في غزة استفادت من تجربة حزب الله اللبناني ولقنوا الكيان الصهيوني الهزائم، ولم تكن عملية سيف القدس إلَّا العصا التي قصمت ظهر البعير.
عملية سيف القدس هي عملية فاصلة عسكرية وسياسية، بعدها أصبح المجتمع الصهيوني مكشوفاً أمام نيران صواريخ المقاومة الإسلامية سواءً من جهة غزة أو من جهة الجنوب اللبناني.
الضعف والهشاشة في حكومة الكيان الصهيوني الحالية والسابقة هي نتيجة من نتائج هزيمة الكيان الصهيوني أمام مقاومة حزب الله اللبناني والمقاومة الفلسطينية في غزة.
هناك أزمات عميقة داخل المجتمع الصهيوني، أزمات أَسَاسها المجتمع غير المتجانس الخليط من شذاذ الآفاق والذي لا تجمعهم ولا توحدهم رابطة عرقية مهما حاولوا إظهار وحدتهم تحت مسمى الجنسية الإسرائيلية والدين اليهودي، فَـإنَّها تظل محاولات فاشلة؛ لأَنَّ معظم العصابات الصهيونية ليسوا متدينين، الأحداث الأخيرة عرت هشاشة الوضع الاجتماعي الصهيوني.
القلق الأكبر الذي يشغل العصابات الصهيونية في فلسطين هو بذور المقاومة الفلسطينية الجديدة في القدس ومدن وقرى الضفة الغربية، الصهاينة يدركون في قرارة أنفسهم أنهم محتلّون وغرباء على الأرض وليس لهم حق البقاء في فلسطين، الخوف الصهيوني الذي يشغل نفوسهم هو تكرار وجود مقاومة إسلامية في القدس والضفة الغربية مثل المقاومة في جنوب لبنان وغزة، كلّ محاولات دخول حكومة الكيان الصهيوني في علاقات تطبيع مع بعض الأنظمة العربية هو هروب من الواقع المر الذي ينتظرهم عندما تتفجر المقاومة الإسلامية في القدس ومدن ومحلات ومخيمات الضفة الغربية، الصهاينة يدركون الفرق الكبير بين الجيوش العربية الكرتونية التي هزموها في حروب أعوام 1948م و1956م و1967م وبين المقاومة الإسلامية التي تربت على روح الجهاد والفداء والاستبسال.
الكيان الصهيوني اليوم يعيش حالة الرعب ويعيش حالة التفكك والانقسام، وما شهدناه من احتجاجات ومظاهرات وعنف في المجتمع الصهيوني خلال الأسابيع الماضية مَـا هو إلَّا انعكاس لحالة الرعب والانقسام في المجتمع الصهيوني، خَاصَّةً بعد أن فقد الغطاء الغربي، حَيثُ لم تنفع الأسلحة الغربية ولم تمنع وصول صواريخ المقاومة إلى مدن المغتصبات، وكلنا عرفنا وشاهدنا كيف عاش الصهاينة مرعوبين داخل الملاجئ أَيَّـام عملية سيف القدس.