المعركةُ المُوعودة.. بقلم/ وضحى الهمداني
عندما تتوب إلى الله وتُقلع عن الذنوب والمعاصي وترجو العون من الله وتلتمس التغيُّر الذاتي والطمأنينة في قلبك، وتشعُر بقربك من الله، وَبالتغطية الإلهية تُحيطُ بك، عليك أن تشكُر الله الذي وهبك فُرصة التوبة وأعاد إليك نور البصيرة وأعاد إليك حبله وأمددك بعونه وسكينته.
ثم يأتي إليك صديق قديم فاسد ويقوم بترويج بعض الأعمال كي يُجروك بها نحو الفساد والمعاصي والذنوب، وإلى الدردشة التي ليس لها من فائدة تُرجى، وإلى الشتم والطعن والحقد للغير، وإلى إفساد نفسك وسواد قلبك وإمدَادك بإبليس، عليك أن تُغلق المجال أمامه قبل أن يتمكّن منك، عليك أن تقوم بِنصحه فإن لم يستنصح وأبى، يتوجب عليك الابتعاد عنه، فإن كان عبر مواقع التواصل الاجتماعي قُم بحظره وإغلاق المجال أمامه، وإن كان في الواقع يتوجب عليك أن تبتعد عنه، لا تُجالسه، لا تحذو حذوه، لا تستمع إليه، لا تكترث به، حتى وإن أطلق عليك اسم خائن الصُحبة حتى وإن حاول استعطافك بالكلام المصبوغ بالبراءة، ابتعد عنه ولا تكترث به..!
فَـإنَّ الخيانة التي تختان نفسها بالعبودية لشخصٍ غير الله، الخيانة هي النفس عندما تختان نفسها وترضى بمقارنة الشيطان ونسيان الله، الخيانة عندما تتبع هواءها ورغباتها ولا تكترث بالآخرة ولا تكترث بيومٍ تضع كُـلّ حاملةٍ حملها من شدة هوله وفظاعته وعظمته، تنسى يوماً يصعق من هوله كُـلّ من في السماوات والأرض، تلك هي التي تُسمى الخيانة التي تختان نفسها.
علينا أن نحذر من زُملاء السوء، علينا الابتعاد عن السراب الذي يدّعيه البعض بمنطوق الحُب، وخُصُوصاً عبر مواقع الفساد الأخلاقي، علينا أن نبتعد عن أخلّاء السوء ولا نستمع لهم كي لا نُصبح محطة للفساد، علينا أن نبتعد عن الغفلات والمسلسلات والسهرات وتضييع الوقت فيما لا يُرضي الله وفي أشياء تافهة لا نفع يُرجى منها، علينا الابتعاد عن تلك القنوات التي تُسمى خواطر العشق، خواطر الكآبة؛ فهيَ مُجَـرّد عناوين فارغة لاستدراجنا بالكلام المعسول وغير المنطقي، علينا الابتعاد عما يُسمى بالشيلات المُطربة فكلها مُجَـرّد أبواق للضلال والهلاك والتيه والغفلة وبابٍ مفتوح لدخول عالم الوسواس الخناس.
نحنُ الآن في معركة حاسمة مع الشياطين فقد أتى الزمان الموعود وهذه هي المعركة الموعودة بعد معركة سُليمان والجن والسحرة، نحن الآن عُرضة لأن تتلبّسنا الشياطين والعياذ بالله إذَا ما لم نتحصن بالإيمان والوعي واليقظة والتوثق بحبل الله والتواصل المُستمرّ معه!
في عصر نبي الله سُليمان -عليه السلام- لقد كان أغلب الناس من قومه يسخرون منه عندما نادى (يا قوم نحنُ الآن مقبلون على معركة مع الشياطين، فإن تحصنتم بالإيمان لن يضركم المسّ من الشياطين وإن خفتم من الشياطين ومكرهم وشككتم في قدرة الله حتماً ستكونون عُرضةً للاستباحة)، فَـإنَّ هذه المعركة معركة الغربلة واصطفاء المؤمنين.
فعلاً القوم الذين سخروا من سليمان عندما ألقى الساحر (عارا) شعاويذه، واستدعى الشياطين الماردة، الكثير اعتراهم الخوف فالتبستهم الشياطين فانقضى بعضهم على بعض يقتلون المتقين ويُدمّـرون كُـلّ شيءٍ أمامهم ويعيثون فساداً.
وفعلاً الملأ من القوم الذين يحصنون بالإيمان قلوبهم لم يمسسهم الخوف ولم يمسسهم المسّ الشيطاني، ثم انتهت المعركة بقتل البعض ممّن التمسهم المس ولم يُغادرهم وتم طرد الشياطين وأسرهم في إشارة خاتم سُليمان.
معركتنا نحنُ ليست معركة القتل المُباشر ولكنها أعظم من تلك المعركة السابقة بكثير، تحتوي على الفساد الأخلاقي من قبل الذين التبستهم الشياطين وباتوا قُرنائهم في عصرنا الراهن، والبعض عاثوا فساداً بالقتل والظلم والاستبداد ممّن التبستهم الشياطين وإخوان الشياطين من اليهود والنصارى أحفاد الساحر عارا.
هلموا يا قومنا إلى اللجوء إلى الله، هلموا يا قومنا الذين ابتدأوا بالتيه إلى أبواب التوبة التي ما زالت مفتوحة أمامنا كي ننجى، هلموا يا قومنا؛ كي نقي أنفسنا من الهلاك، هلموا يا قومنا إلى التوبة والإنابة والإذعان لله، لا تجعلوا من أنفسكم رخيصة للوسواس الخناس من شياطين الإنس والجن، أنفسكم غالية وأثمانها تُساوي الجنة، هلموا إلى العزة في الدُّنيا والفوز بالآخرة.