يوم القدس العالمي.. خطورةُ الوضع وخصوصيةُ المناسبة..بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
يمثل إحياء يوم القدس العالمي هذا العام، أهميّة كبيرة نظراً لخطورة الوضع الأمني والعسكري والسياسي، وتطورات الأحداث الراهنة وتداعياتها، على عدة مستويات؛ حَيثُ تشهد الساحة الفلسطينية تصعيدا صهيونيا مُستمرّا، له خصوصيته الزمانية والمكانية، سواء عند مقارنته بالحالات المماثلة في الأعوام الماضية، حَيثُ يشهد شهر رمضان من كُـلّ عام تصعيدا صهيونيا عسكريًّا إجراميا، كحالة موسمية، أَو عند مقارنته بطبيعة التصعيد الصهيوني خلال فترة الأشهر الأربعة الماضية من هذا العام، ويمكن الجزم إن الاحتلال الصهيوني، ما كان ليتجرأ على هذا التصعيد الغير مسبوق، لو لم يضمن موقف الأنظمة العربية المطبعة، وفي مقدمتها النظام السعوديّ والإماراتي والمصري وغيرهم، حَيثُ اتكأ على المواقف المخزية لتلك الأنظمة العميلة، التي لم تتجاوز بيانات الشجب والتنديد الشكلية المستهلكة، كما أن تصعيد الكيان الصهيوني الغاصب، يأتي في سياق قياس رد فعل دول محور المقاومة، خَاصَّة في انتهاكاته السافرة المتكرّرة، بحق المسجد الأقصى والمصلين والمعتكفين فيه؛ بهَدفِ كسر قدسية المكان/ المسجد والزمان/ شهر رمضان المبارك، في نفوس وقلوب ووجدان الشعوب العربية، التي ما زالت رافضة لتواجده الطارئ، ومتمسكة بشعائرها ومقدساتها، لكنها تقف عاجزة؛ بسَببِ قمع أنظمتها الحاكمة العميلة، خَاصَّة في ظل التقارب السعوديّ الإيراني السوري مؤخّراً، وإشغال العراق بشئونه الداخلية، الأمر الذي جعل الكيان الصهيوني – ومن خلفه أمريكا – يظنون أنهم قد فككوا قوة محور المقاومة؛ إذ لم يبق غير حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وبما أن اليمن غارق إلى أُذُنَيه في أوضاعه الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة، ولبنان غارق في أزماته الاقتصادية والسياسية، فَــإنَّ احتمال تدخلهما أَو وقوفهما إلى جانب المقاومة الفلسطينية ضئيل جِـدًّا، علاوة على سعي سياسة الاحتلال التفرد بفصائل المقاومة الفلسطينية، في الداخل الفلسطيني كُـلّ على حدة، وبالتالي ستكون اقتحامات المسجد الأقصى من قبل القوات الصهيونية، وقطعان المستوطنين، انتهاكا زمانيا ومكانيا، لجس النبض وقياس رد الفعل المقاوم، خارجيا أكثر منه داخليا.
ولذلك فَــإنَّ إحياء فعالية يوم القدس العالمي، هذا العام، يجب أن تحظى باهتمام عال، وأن يكون احتفاء نوعيا، معبرا عن خطورة الوضع، ومبينًا لحقيقة الموقف العربي الإسلامي، خَاصَّة في دول محور المقاومة، بما يعبر عن حقيقة توجّـهها، وقداسة هدفها وغايتها، وبما يعكس طبيعة الصراع ضد الشيطان، في تجسده الصهيوني الغاصب القبيح، وبما يؤكّـد عالمية القضية الفلسطينية، وأن فلسطين عامة والقدس خَاصَّة، ليس المعنيون بها هم الفلسطينيون وحدهم، وإنما هي قضية المسلمين المركزية، ومسؤوليتهم الجمعية، ومعركتهم المصيرية الحتمية، ضد الكيان الصهيوني الشيطاني الخبيث، ولذلك يجب أن يكون الحضور والحشد كَبيراً جِـدًّا، بما يليق بعظمة الحدث، وهدف الرسالة الموجهة إلى ذلك الكيان المجرم، من ناحية، وإلى صهاينة العرب الحكام المطبعين، من ناحية ثانية، واستنهاض همم الشعوب للوقوف ضد حكامها، الذين أخزوها باقترافهم التطبيع، وأذلوها بمواقفهم المهينة، المتعارضة تماماً مع صحيح التدين، وصريح الأمر الإلهي في قوله تعالى:- “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء”.
كما يجب أن يتضمن المنبر الإعلامي الموحد لزعماء محور المقاومة، قرارات حاسمة ومصيرية، وخطوات جدية على الأرض، واستراتيجيات موحدة معلنة، لمواجهة وكسر الغطرسة الصهيونية، المدعومة أمريكيا وأمميا، عبر مجلس الأمن والأمم المتحدة الاستعمارية.
وإذا ما اجتمع الحشد الشعبي اليمني الكبير، الغير مسبوق، مع توجيه خطاب ديني ثوري نوعي، لمختلف الشعوب العربية والإسلامية، كونها المعني الأول أمام الله تعالى، بالقضية الفلسطينية ومصير القدس، وأُضيف إلى ذلك قرارات نوعية مصيرية، تجسد وحدة محور المقاومة، من منبرها الإعلامي الموحد، إلى ميادين المواجهة والتحدي والتضحية، على أرض الواقع، فَــإنَّ ذلك في مجموعه، سيكون أقسى ضربة تقصم ظهر الكيان الصهيوني الغاصب، وأقوى صفعة لأنظمة التطبيع والعمالة، وأبلغ رسالة تستنهض وتستفز حماس الشعوب، وتثير غيرتها وحميتها على دينها ومقدساتها.
وخلاصة القول إن تحقيق حضور وجاهزية محور المقاومة، للتدخل والدفاع عن القدس والمقدسات، ومساندة العمليات البطولية في الداخل الفلسطيني، هو الطريق الوحيد إلى كسر العنجهية الصهيونية، وإيقاف اعتداءاتها المُستمرّة، وانتهاكاتها المتكرّرة بحق الأرض والإنسان والمقدسات.