أفي سلامةٍ من ديني يا رسول الله؟..بقلم/ أميرة السلطان
كلمات لا تتعدى السطر الواحد ولكنها تعتبر منهجية ومدرسة في التربية الدينية والأخلاقية والجهادية، كيف لا ومن قالها هو ربيب النبي محمد -صلوات الله عليه وآله- وهو من قال فيه النبي محمد -صلوات الله عليه وآله-: “عليٌّ مع القرآن والقرآن مع علي” فهذا الذي مع القرآن لن ينطق بكلمات لمُجَـرّد أنها كلمات بل؛ لأَنَّ فيها عبرة لهذه الأُمَّــة.
“أفي سلامة من ديني يا رسول الله” كانت هذه الكلمات صادرة من الإمام علي -عليه السلام- ردًا على ما أخبره به النبي عندما قال له: “ستخضب هذه من هذا”، لم يخف حينها الإمام علي على نفسه وقال أدعو الله يا رسول الله بأن لا يحدث لي ذلك فهو موقف مؤلم وصعب وأنا لا أحتمله، بل كان الرد المتوقع من نفس رسول الله -صلوات الله عليه وآله- ووزيره وصفيه وخليفته من بعده، “أفي سلامة من ديني” ومن عمق هذه الكلمات التي تعتبر منهجية في عدة مجالات نستلهم الآتي:
-في مجال التربية الجهادية، يعطي الإمام علي -عليه السلام- درساً لكل مجاهد متحَرّك واثق بالله ألا يخاف في الله لومة لائم وأن يتطاير إلى أشلاء صغيرة مادام هو في صف الحق ومع الحق، فسلامة الدين للمجاهد ضرورية لكي تثمر تضحياته عزاً ونصراً أبدياً خالداً في الدنيا وفي الآخرة، كما هو حال الإمام علي -عليه السلام- عندما حضرته لحظة الشهادة صدر آخر كلام له في هذه الدنيا بقوله: “فزتُ ورب الكعبة”؛ لأَنَّه يعلم علم اليقين أنه في تلك اللحظة -في سلامةٍ من دينه-.
-في مجال التربية الإيمانية، يجب أن يحرص الإنسان المسلم أن يستعرض أعماله كلها على أَسَاس من هذه العبارة الهامة، فعندما يتحَرّك في ميدان الحياة وتأتيه المغريات وتأتيه نفسه لتغالبه في مطمع هنا أَو هناك، فالمفترض به أن يقول لا؛ لأَنَّي أريد أن أكون “في سلامةٍ من ديني”، عندما ينفق الإنسان أَو يعلم أَو يداوي في المستشفى أَو يكون موظفاً في مؤسّسة أَو مهندساً في شركته أَو مزارعاً في مزرعته أَو عاملاً بسيطاً في الشارع يجب أن يكون مبدأهم في هذه الحياة والذي ينطلقون على أَسَاسه “سأقوم بعملي بكل إخلاص وأمانة وجد؛ لأَنَّني أريد أن أحرص على سلامة ديني”، المرأة أَيْـضاً عندما تلبس وتخرج الشارع وعندما تربي أطفالها عندما تصون زوجها ومنزلها يجب أن يكون الأَسَاس “أفي سلامةٍ من ديني”.
هي عبرة كبيرة قدمها الإمام علي -عليه السلام- للأُمَّـة إلى قيام الساعة؛ لأَنَّ الذي يعلم علم اليقين أنه في سلامة من دينه وأن ما قدمه كان؛ مِن أجل الله وفي سبيل الله خالصاً لوجه الكريم لن يبالي بأي صعاب أَو مشاق أَو ظروف قاسية وقاهرة، وستكون النتيجة الحتمية والتي لا شك فيها ولا ريب هو الفوز الكبير والفوز العظيم برضا الله والجنة الذي هو الهدف والغاية والمطلب، ستكون نهاية أي إنسان منّا إذَا سلم له دينه ما قاله الإمام علي -عليه السلام-: “فزت ورب الكعبة”.