فعالياتُ يوم القدس العالمي تتوسّع وَالكيانُ الصهيوني يتآكل
حالةُ الهشاشة التي تعصف بالكيان الصهيوني أوصلت رسالة بأنه أضعف من بيت العنكبوت
المسيرة – محمد ناصر حتروش
يُعَدُّ إحيَاءُ يوم القدس العالمي الذي أسّسه سماحةُ الإمام المجاهد روح الله الخميني، محطةً سنويةً هامةً يجتمعُ خلالها محبو الأقصى الشريف من مختلف بلدان العالم؛ للتذكير بالمعاناة التي يتعرَّضُ لها أبناءُ القدس الشريف من قبل الصهاينة، والتنديد بالانتهاكات التي يعترض لها القدس الشريف بشكل متكرّر من قبل المحتلّين.
ويعتبر إحيَاءُ هذه المناسبة تأكيداً على الموقف الثابت والراسخ في مواجهة الصهاينة وضرورة خروجهم من الأقصى الشريف وفلسطين المحتلّة.
ويوضح قنصل السفارة اليمنية في إيران مستشار الداخلية، عدنان قفلة، أن إحيَاء يوم القدس العالمي يأتي في وقت بلغت فيه الهمجية اليهودية ذروتَها من اقتحامات متكرّرة للمسجد الأقصى ومنع المعتكفين والمصلين، معتبرًا اختيار موعد الاقتحامات المتزامن مع شهر رمضان المبارك تحدياً واضحاً لجميع المسلمين ومشاعرهم.
ويرى أن على المسلمين تحمُّلَ مسؤولية القيام بواجبهم تجاه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في إعلان البراءة من أعداء الله، والتعبير عن الموقف الذي يرضي الله، ونصرة المقدسات الإسلامية، معتبرًا يوم القدس العالمي أنموذجًا حيًّا وتعبيرًا عن مدى تمسكنا كمسلمين بمقدساتنا ووحدتنا في حمايتها وواجبنا في الدفاع عنها.
من جهته يقول الشاعر والأديب اليمني إبراهيم الهمداني: إن إحيَاء يوم القدس العالمي يمثل أهميّة كبيرة؛ نظراً لخطورة الوضع الأمني والعسكري والسياسي، وتطورات الأحداث الراهنة وتداعياتها، على عدة مستويات؛ حَيثُ تشهد الساحة الفلسطينية تصعيداً صهيونياً مُستمرّاً، له خصوصيته الزمانية والمكانية، سواءً عند مقارنته بالحالات المماثلة في الأعوام الماضية”.
ويوضح أن تصعيدَ الصهاينة يأتي؛ بهَدفِ كسر قدسية المكان المسجد والزمان شهر رمضان المبارك في نفوس وقلوب ووجدان الشعوب العربية التي ما زالت رافضة لتواجده الطارئ، ومتمسكة بشعائرها ومقدساتها، لافتاً إلى أن الشعوب العربية تقف عاجزة؛ بسَببِ قمع أنظمتها الحاكمة العميلة، خَاصَّةً في ظل التقارب السعوديّ الإيراني السوري مؤخّراً، وإشغال العراق بشؤونه الداخلية، الأمر الذي جعل الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا يظنون أنهم قد فككوا قوة محور المقاومة”.
ويضيف: “إذ لم يبقَ غيرُ حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وبما أن اليمن غارق إلى أُذُنَيه في أوضاعه الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة، ولبنان غارقٌ في أزماته الاقتصادية والسياسية، فَـإنَّ احتمال تدخلهما أَو وقوفهما إلى جانب المقاومة الفلسطينية ضئيلٌ جداً”.
ويتابع: “علاوةً على سعي سياسة الاحتلال للتفرد بفصائل المقاومة الفلسطينية، في الداخل الفلسطيني، كُـلٌّ على حدة، وبالتالي ستكون اقتحامات المسجد الأقصى من قبل القوات الصهيونية، وقطعان المستوطنين، انتهاكاً زمانياً ومكانياً؛ لجس النبض وقياس رد الفعل المقاوم، خارجياً أكثر منه داخلياً”.
ويعتبر الهمداني فلسطينَ عامةً والقدسَ خَاصَّةً، قضيةَ المسلمين المركَزية ومسؤوليتهم الجمعية ومعركتهم المصيرية الحتمية وليست أمرًا شخصيًّا يُعنَى به الفلسطينيون وحدَهم، مؤكّـداً أن تحقيقَ حضور وجاهزية محور المقاومة؛ للتدخل والدفاع عن القدس والمقدسات، ومساندة العمليات البطولية في الداخل الفلسطيني، هو الطريق الوحيد إلى كسر العنجهية الصهيونية، وإيقاف اعتداءاتها المُستمرّة، وانتهاكاتها المتكرّرة بحق الأرض والإنسان والمقدسات.
أحرار العالم يشدون: أوهن من بيت العنكبوت:
ويأتي يوم القدس العالمي هذا العام وسط تحولات مهمة على الساحة العربية والإسلامية وتأثيراتها على قضية العرب والمسلمين المركزية، ألا وهي القضية الفلسطينية، حَيثُ تشهد المنطقة تراجعاً ملحوظاً للهيمنة الأمريكية والغربية بشكل عام، وتآكلاً ملموساً لقوة الردع الصهيونية، بحسب ما يؤكّـده الناشط السياسي اليمني عبد العزيز أبو طالب.
ويؤكّـد أبو طالب أن قوة وأهميّةَ محور المقاومة تتنامى في مواجهة تحالف الشر الأمريكي الصهيوني مع دول التطبيع والخيانة، مُشيراً إلى أن حالة الهشاشة التي تعصفُ بالكيان الصهيوني أوصلت رسالة للعدو أنه فعلاً أضعف من بيت العنكبوت، وأن قوته وأجهزته الأمنية باتت عاجزةً عن منع العمليات الفدائية التي يقوم بها أبطال فلسطين، مردفاً بالقول: “وَإذَا كان عاجزاً في الأراضي المحتلّة فهو عن حزب الله أعجز؛ وهو ما ظهر من طريقة تعاطيه مع الصواريخ التي أطلقت من لبنان”.
ويرى أبو طالب أن إحيَاءَ يوم القدس العالمي رسالة لدول التطبيع التي عوّلت على الأمن بجوار الكيان الصهيوني، ولكنه ظهر عاجزاً عن حماية نفسه، مبينًا أن ما يقوم به الكيان الغاصب من تعدٍ على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى ليس إلا محاولة لتصدير أزمته على أَسَاس أن ذلك سيؤدي إلى توحيد وتماسك جبهته الداخلية المتشظِّية، مردفاً بالقول: “ولكن يبدو أن النتائج عكسية، فالذي حدث أن توحدت الساحات المقاومة ليس على مستوى الفصائل الفلسطينية ولكن خارج حدود الأراضي المحتلّة”.
ويقول: “إن إحيَاء يوم القدس العالمي في ظل هذه التحولات سيمنح دفعةً قويةً تضاف إلى قوة وتماسك محور المقاومة، ويقدم دليلاً إضافياً على جدوى نهج المقاومة التي بدأت تؤتي ثمارها، ويحافظ على بقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان الأُمَّــة، التي أريد لها أن تنساها وفق ما يسمى صفقة القرن التي سقطت وتحطمت على صخرة الصمود والمقاومة”.
كيانٌ مزيَّف:
بدوره، يقول السيد رضي أحمد الواحدي، وهو إيراني الجنسية والمتولي القانوني لمقام السيدة سكينة بنت أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء -سلام الله عليها- في داريا بدمشق السورية: “إن القدسَ الشريفَ من المقدسات التي يتوجب على جميع المسلمين -بمختلف طوائفهم- الدفاعُ عنه وليس ملكًا خاصًّا بطائفة معينة أَو حزب معين، كما أنه لا يعني الفلسطينيين أنفسهم”.
ويشير إلى أن الخروجَ المشرِّفَ والمليوني في مسيرات يوم القدس الشريف يُدخِلُ الكيان الغاصب في دوامة محور المقاومة وبحرها الوسيع، لافتاً إلى أن إسرائيل تنزعج من كُـلّ عمل يقوم به المسلمون بشكل موحد، وأنه من الطبيعي أن تستفز؛ نتيجةً لما تشاهده من تعاظم وانتصار يحظى به محور المقاومة، معتبرًا تلك الاستفزازاتِ الصهيونية عاملًا محفِّزًا لمحور المقاومة وقوة رباطة جأش أبناء المقاومة، كما أنها بشارةٌ لكل المقاومين والمقاومات بقرب زوال إسرائيل والتي تتآكل وتنتحر بشكل تدريجي.
وعلى صعيدٍ متصل، يبارك الناشط الإعلامي السوري عادل العودي، للشعب الفلسطيني والمجاهدين في فلسطين والمرابطين في الأقصى بمناسبة ثباتهم في القدس، وبطولتهم وبسالتهم الشجاعة في كسر هيبة العدوّ وإذلاله، معتبرًا ذلك الإنجاز ميزةً خَاصَّةً لإحيَاء يوم القدس العالمي لهذا العام.
ويحكي العودي أن يومَ القدس العالمي مناسبةٌ لتذكير الأُمَّــة العربية والإسلامية وأحرار العالم بأن لهم قضية لا يجب أن يغفلوا عنها مهما كانت الظروف والمتغيرات.
ويؤكّـد أن تلك المناسبةَ مهمةٌ جِـدًّا لتوحيد الأُمَّــة حول مظلومية الشعب الفلسطيني، ومسؤوليتها تجاه مقدساتها وأشقائها في فلسطين لنصرة قضيتهم العادلة، واستعادة الحق المغتصب ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.
ويعتبر يوم القدس العالمي نقطةَ الضوء التي أشعلها الإمام روح الله الخميني عام ١٩٧٩م الموافق ١٣ رمضان ١٣٩٩ه، على إثر احتلال جنوب لبنان من قبل العدوّ الصهيوني، مطالباً أن تحمِلَ آخرُ جمعة من رمضان يوماً عالميًّا للقدس، كما تؤكّـده مديرُ عام موقع مجلة كواليس اللبنانية، فاطمة فقيه.
وترى أن تأسيسَ يوم القدس العالمي أعاد للقدس بريقَه في قلوب المؤمنين وأحرار العالم، الذين تكاتفوا ووضعوا نصب أعينهم القدس الشريف منارة النصر التي تلوحُ للمقاومين الذين يبذلون الروحَ لتحقيق الوعد الإلهي.
وتؤكّـد أنه لم تمر أَيَّـامُ سلام مع الكيان الصهيوني الغاصب منذ أن نجس طهارة أرض فلسطين واحتلها مغتصباً أرعنَ.
وتلفت فقيه إلى أن إحيَاء يوم القدس العالمي يشكل رعباً وخوفاً، وأن الكيان الغاصب يرى في اجتماع ملايين المسلمين نذيرَ شؤم وتهديدًا ووعيدًا لاجتثاث الكيان من الأراضي الفلسطينية.
أما الناشط الإعلامي اللبناني كريم الحلاني، فيؤكّـد أن خطاباتِ قادة محور المقاومة -لا سِـيَّـما السيد حسن نصر الله والسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي- المتكرّرة نحو القدس وضد الكيان الغاصب، توحي بمدى الاهتمام الكبير التي يوليه المحور للقدس الشريف.
من جهتها، ترى الناشطة الإعلامية السورية لما السلامة أن الفلسطينيين صامدون منذ حرب ٦٨، وأن بني صهيون مشتتون ومنقسمون بين أنفسهم وغارقون في قضاياهم، مؤكّـدة أن صون المقدسات الإسلامية في القدس هو مسؤولية كبيرة على الجميع.
وفي السياق ذاته، يؤكّـد الناشط السياسي اللبناني محمد شكر، أن القدس حاضرة في الضمير والوجدان، ومنذ أن أطلق الإمام الخميني آخرَ جمعة من شهر رمضان من كُـلّ عام يوم القدس العالمي؛ ليعيدَ إحيَاء قضية القدس في وجدان وحاضر الأُمَّــة، وليذكر العالم العربي والإسلامي بأهميّة القدس وما تعنيه المقدسات بالنسبة للمسلمين في معتقداتهم.
ويذكر أنه منذ أن تم إطلاقُ يوم القدس لاستنهاض الشعوب في السابع من آب عام ١٩٧٩م تبناه الكثيرُ من مسلمي العالم، ويحتفَى به سنوياً في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك.
ويلفت إلى أن المناسبةَ تحظى بتزايد التأييد كُـلَّ عام على مستوى الشعوب الإسلامية، واصفاً إحيَاءَ المناسبة بالنقلة النوعية في توعية الشعوب لمكانة القدس واقتناعهم بضرورة تحريرها والتضحية في سبيلها.