الفرضيةُ التي تكشفُ زيفَ نفسيات المنافقين..بقلم/ محمد محسن جلاس
الحَقُّ والباطل خطَّان متوازيان يمضيان في كُـلِّ زمن منذ أن خُلِقَ آدم -عليه السلام-، وفي ظل وجودهما، هناك من يعجب بالباطل ويسير في خطه، وهناك من يعشق الحق ويجاهد؛ مِن أجلِه.
هناك معايير خَاصَّة يجسدها البشر، فإن جُسِدَت في الواقع وُجِدَ الباطل، كسفك الدماء والظلم وارتكاب المحرمات مع إباحتها والنفاق والفسق والتخاذل والتنصل عن القيام بالمسؤوليات التي تمثل المعايير الخَاصَّة بالحق، كإقامة القسط ومحاربة الفساد وحفظ الدماء ودرء الفتن عن الناس ونصرة المظلوم… إلخ.
على مرّ العصور السابقة، عندما تتفشى معايير الظلم، يبعث الله نبياً يعمل ويحث الناس بالعمل معه لتجسيد معايير الحق، وبعد أن اختتم الله تعالى سلسلة أنبيائه بالرسول محمد (ص)، لم يترك عباده، فمن رحمته جعل لكل قومٍ هاد يسير في ذات الدرب الذي سلكه الأنبياء من قبل دون مَيلٍ أَو انحراف.
وفي زمننا هذا، فقد تفشى الباطل بفضل أهله، وطغت على الحق، حتى أصبح أهل الحق قليلين جِـدًّا يُعدون بأصابع اليد، وفي ظل الصراع بينهما، هناك من ينتسب إلى الحق (الإسلام) شكليًّا، وينتسب إلى الباطل عمليًّا، وتُسمَى هذه الفئة بالمنافقين.
لو ننظر إلى واقعهم سنجدهم يخوضون معركة شرسة ضد الحق بفتواهم المخزية التي تتنافى مع القرآن الكريم الذي يتلونه، ومع سنة الرسول (ص) الذي يدّعون أنهم من أتباعها، هم يحملون نفسياتٍ خبيثةً ومتذبذبة، يجعلون الحقَّ باطلاً في أعين الناس، ويزينون الباطل ليصبح هو الحق.
هم يدّعون أنهم أشد حباً للرسول (ص)، أليس كذلك؟!
إذن سنفرض لهم معادلة تختبر نفسياتهم، ونقول: لو يبعث الله الرسول مرةً أُخرى في زمننا هذا وينظر إلى حال أمته كيف أصبحت بعد فراقه، ماذا سيكون موقفه؟ ماذا سيكون موقفه وهو ينظر إلى الكعبة وهي تُدنَس بأقدام أهل الكتاب؟ ماذا سيكون موقفه وهو يرى أن نجد والحجاز قد أصبحت مرتعاً للشيطان بالاحتفالات الغنائية الخارجة عن إطار الإسلام، والملاهي التي تُبنى بالرقص والخمور والتيه المعروفة بـ(ديسكو حلال)؟ كيف سيكون موقفه وهو يرى خادم “خائن” الحرمين الشريفين يقتل الأطفال والرجال والنساء وكبار السن في اليمن بغير حق، ويدعم الحروب في مناطق أُخرى لا يكون ضحيتها إلَّا أبرياء، ويتنصل عن الدفاع عن المظلومين في فلسطين وعن نصرة المقدسات في القدس، ويتولى أمريكا وإسرائيل (يهود خيبر وبني النظير وبني قينقاع في عهد رسول الله) بالميل والتودد إليهم وتنفيذ كُـلّ ما يطلبونه منه؟ مع من سيكون موقف رسول الله وهو يرى فئة من المؤمنين في اليمن (حركة أنصار الله) يتحالف عليهم كُـلّ البغاة الأشرار ويحاربونهم بأفتك الأسلحة بحراً وجواً وبراً؛ لأَنَّهم فقط هتفوا بشعار الموت لأمريكا؟ مع من سيكون موقفه وهو لا يرى من ينصر المقدسات سوى دول محور المقاومة، والآخرون يتنصلون عن ذلك؟ نحو من سيتجه موقفه وهو لا يجد من يهتف به ويحيي مولده ويستذكر سيرته إلا الفئات التي تُحارَب من قِبَل العرب بإيعاز من أمريكا؟
أي عقل سليم خالٍ من الشوائب، سيستطيع الإجَابَة عن كُـلّ ذلك بالفطرة، وحقيقةً لو تتجسد هذه الفرضية حَـاليًّا، سيكون موقف المنافقين مغايراً تماماً عن الموقف الذي سيتخذه رسول الله؛ لأَنَّ نفسياتهم هي تلك النفيسات التي عارضت الرسول (ص) في عصره، فما الذي سيغيرهم عن ذلك وهدفهم الوحيد الذي خُلِقوا؛ مِن أجلِه هو المسارعة في الباطل.