المراكزُ الصيفية.. معاركُ من الوعي لانتصار الجيل الناشئ.. بقلم/ أمة الملك قوارة
يحتد الصراع وتزداد المعركة شراسة مع الأعداء وتكاد تكون مُستمرّة لتمثل كُـلّ جوانب الحياة بدون أية استثناءات، ولعل معركة الوعي هي أهم جوانبها وأكثرها أهميّة، إذ يمكن تلخيص تلك المعركة في أن أهم أسسها هو طمس الهُــوِيَّة الإيمانية وهيكلة الفكر الإسلامي، ولقد كان لب تركيزهم هو جيل الشباب والجيل الناشئ، إذ تتمحور مجمل تفاصيل تلك المعركة في تدجين الأفكار الصحيحة بأفكارٍ أُخرى، وتشجيع الانحلال ومحو أهميّة القضايا المهمة التي تربط الشخص بالواقع، كما تدعو إلى حتمية العيش بلا أهداف تخص الأُمَّــة وتجعل من الأشخاص محاورَ لأنفسهم!
إن أهميّة المراكز الصيفية يبرز جليًّا في تحصين جيلنا من الحرب التضليلية التي يشنها العدوّ على فكره ِوثقافته وهُــوِيَّته، وحيث يوظف في سبيل ذلك كُـلّ الوسائل والأساليب التي من الممكن أن تجعل أطفالنا وشبابنا ينجرون وراء تلك الأفكار التضليلية بواسطة وسائل الإعلام وكذا وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الترفيهية؛ التي تهدف إلى استنزاف الوقت فيما لا فائدة فيه مطلقًا.
إن المراكز الصيفية تحقّق أهدافها؛ لذلك يغتاظ منها الأعداء وبشدة وبينما هناك شعوب بأسرها دجنت وأصبح أطفالها وشبابها في مستنقع ذلك الغزو، إلا أن ذلك لم يحركهم ولم يستاؤوا بقدر ما أقلقتهم المراكز التي نقيمها؛ لتحصين أطفالنا وشبابنا وزيادة وعيهم وتقوية مهاراتهم وبناء قدراتهم من منطلق قرآني بحت؛ إن ذلك يرعبهم؛ لأَنَّهم يريدون لنا ولأجيالنا أن نكون لقمة سائغة بأيديهم متحكمين في قراراتنا وثرواتنا بل ومستعبدين لنا!؛ لذا هم يحاولون دون أن نرتقي بأنفسها وما يخيفهم أكثر هي القاعدة المتينة لتلك المراكز وللتوجيهات القيادية في قيادة شعبنا والمستمدة من القرآن الكريم.
إن عدد المقبلين على المراكز الصيفية يزداد عاماً بعد عام وذلك لما يلمسه المجتمع من آثارها الحسنة على أبنائهم من ناحية البناء وتحسين قدراتهم العلمية والعملية واستثمار أوقاتهم في الفائدة، كما كان للأنشطة المتنوعة والهادفة وأساليب المعلمين الناجحة مع بث روح التنافس بين الطلاب ومحاكاة متطلباتهم الفطرية في بناء أنفسهم بناءً صحيحاً أثراً كَبيراً في استمرار الطلاب في الالتحاق بالمراكز الصيفية، وزيادة شغفهم لاستقبال التعليم بالمراكز.
إن دور الأسرة في المجتمع يعتبر كَبيراً؛ ذلك يبرز في تشجيع أطفالهم على الالتحاق بالمراكز الصيفية، وإبراز وتوضيح دور تلك المراكز وأهميتها في زيادة ثقافة أبنائهم وتألقهم العلمي وبناء وعيهم وتنوير بصيرتهم، وفي حين أن إهمال تلك المسؤولية والتقاعس عن أدائها سيجعل من أبنائهم وبناتهم فريسة سهلة للحرب الناعمة والتضليلية التي يشنها الأعداء عليهم، وَإذَا ما فكرنا بعين المنطق فسنجد أنه إذَا لم يكن هناك مراكز صيفية فسيكون هناك الكثير من أوقات الفراغ ووسائل الإعلام المتاحة عن طريق شاشات التلفزة، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتلك جميعها تعتبر أدوات ووسائل الحرب على الفكر والهُــوِيَّة الإيمانية والثقافة الإسلامية، وَإذَا لم تكن تلك الوسائل متوفرة فسيكون هناك الشارع وما يحويه من سلبيات وأصدقاء سوء؛ والذي سيلجأ إليه الطفل لإفراغ طاقته واستثمار وقته، ومن العيب بل من الحرام أن تكون هذه هي البدائل عن المراكز الصيفية رغم معرفتنا بآثارها وخطورتها المدمّـرة على أطفالنا والذين هم الآن بأمس الحاجة إلى بناء قدراتهم واكتسابهم ما يعينهم على مواجهة الحرب الناعمة الشرسة.
إن الإعلام المحارب للمراكز الصيفية يجب أن يوجه حربه تلك على ما أصاب بعض شبابنا وأطفالنا ومجمل شباب شعوبنا العربية من غزو فكري جعلهم ينحرفون عن مجمل القضايا! وحتى عن قضاياهم ومسؤولياتهم الشخصية، إضافة إلى أنهم قد أصبحوا في متناول شهواتهم ورغباتهم وأهوائهم، ولا فائدة ترجى منهم لا لأنفسهم! ولا لأسرهم ولا شعوبهم وأمتهم!؛ إذ أصبح ذلك الغزو يقود شباب الأُمَّــة إلى تقليد الغرب ويجعل من ذلك عقيدة وشريعة لهم رغم ما يرونه من جحيم يشتوي به الغرب، إن ذلك الإعلام الذي يوجه سهامه وأنيابه نحو المراكز الصيفية الأجدر به أن يعالج مآسي الشباب والأطفال الذين سقطوا في وحل الحرب الناعمة ومستنقع ضياع الوقت! ولا جدوى من تلك الحرب التي تشنها وسائل إعلام العدوّ ومن جندهم الأعداء لخدمة مصالحهم وتنفيذ أهدافهم.
إن توجيهات القيادة والاهتمام الذي توليه بالمراكز الصيفية عزز من وعي الآباء والأُمهات وعزز من وعي الشعب عامة بأهميّة المراكز الصيفية، وهذا كله يقف سداً منيعاً أمام الحرب الإعلامية، ويعزز من فرص الالتحاق بالمراكز وزيادة نسبة المستفيدين منها، وهذا بدوره ينعكس على وعي فئات المجتمع بأكملها ومنها الأطفال، ويحقّق الأهداف المرجوة من المراكز الصيفية في زيادة وعي الأطفال واستثمار أوقاتهم في العلم النافع الذي سيجعل منهم أشخاص يمثلون أرقاماً حقيقية لخدمة أنفسهم وأوطانهم ضمن توجّـهات الإسلام وغاياته النبيلة التي تخص الإنسان كمستخلف في الحياة.