السعوديّة: التمويهُ على عدوانها بدورها كوسيط!..بقلم/ حسام باشا
إن محاولةَ الرياض تقمُّصَ دورِ الوسيط يُعطِي انطباعًا بأنها غيرُ مسؤولةٍ عن جرائم الحرب التي ارتُكبت في اليمن، وهذا بالتأكيد ليس مقبولًا؛ فمنذ اليوم الأول لعدوانها، كانت رئيسًا للتحالف الذي يشن العدوان والحصار على بلادنا.
كما أن محاولاتها إبقاءَ نفسها في دُور الوَسيطَة -وهي الطرف المعتدي- لا يتَفِق مَع الموقِفِ العَدْلِي وَالإنساني؛ إذ يمنحُها صَكَّ الإفلاتِ مِن تَبعاتِ عَدَوَانِها؛ وَهُوَ أمرٌ غَير مَقبول، فهي تعتبر طَرَفًا أَسَاسيًّا في العَدوَان الذي تشهده بلادنا اليمَن منذُ عام 2015م، وتتحمل المسؤوليةَ الكاملة عن النتائج الكارثية التي لحقت بالشعب اليمني، وبالتالي يَجِب أن تكون طرفًا حقيقيًّا ورئيسًا في أيةِ محادثات.
اليومَ يتعيَّنُ على السعوديّة -بما أنها تمثل القوة الرئيسية في تحالف العدوان- أولاً: وقف الحصار وكافة العمليات العسكرية في اليمن؛ لضمان تحقيق أولى خطوات السلام، والذي لا يمكن أن يكون إلا من خلال مفاوضات مباشرة مع صنعاء، وبالمثل لن يتمكّنَ أي طرف ثالث من الوساطة من التوقيع على اتّفاق السلام، إلا إذَا كانت دولةً محايدةً تتمتعُ بالاحترام والمصداقية؛ لما من شأنه تحقيق نتائج إيجابية فيما يتعلق بإنهاء الحرب وإرساء السلام.
كما تمثل الأهميّة الرئيسية لتحقيق ذلك أن السعوديّة هي القائد الرسمي المعلَن لتحالف العدوان، كطرف معتدٍ، وعلى الجانب الآخر اليمن الذي يحتل ذلك الموقع الدفاعي، حَيثُ يدافعُ عن النفس وحقوقه واستقلاله، ومن المهم أَيْـضاً أن تقود دولة محايدة هذه الوساطة، وأن يتم توقيعُ الاتّفاق في تلك الدولة المحايدة التي توفِّرُ بيئةً تتميَّزُ بالحيادية والموضوعية والإنصاف.
ويعتمدُ توقيعُ ذلك الاتّفاق على البيئة السياسية المناسبة، حَيثُ الاهتمامُ بها؛ مِن أجل تحقيق السلام، هو أمرٌ حاسمٌ يجبُ على الجميع دعمُه وتعزيزه؛ فشروطُ حكومة صنعاء واضحةٌ ولن تتغير، وهي تلخِّصُ الحقوقَ الإنسانية الأَسَاسية التي تتمتع بها كُـلُّ الشعوب، وهنا يجبُ على الرياض الاستفادةُ من فتح اليمن أبوابها لإقامة مفاوضات سلام بنّاءة مع صنعاء، بدلًا عن محاولتها تجسيد دورها الوسيط؛ فالحل يبدأ بتسمية الأمور بأسمائها.
كما أن المشهدَ اليمني قد تغير تغيُّراً جذرياً خلال الثمانية أعوام في ظل اثنين من العوامل الرئيسية؛ الأول: فشل التحالف السعوديّ من تحقيق أي نصر على الأرض اليمنية، حَيثُ ظهرت صنعاءُ بقيادة أنصار الله كقوة يمنية تسنُدُها الإرادَة الشعبيّة، ولا يستهانُ بها، وأثبتت بما لا يدعُ مجالًا للشك أن التقاريرَ التي رافقت العدوان السعوديّ منذ اليوم الأول بأن الحرب ستحصد النتائج المرجوة في غضون أَيَّـام قليلة قد أظهرت فشلها الذريع، والعامل الثاني هو تماسك الجبهة الداخلية في مناطق السيادة الوطنية والصمود اليمني الأُسطوري، إضافةً إلى تنامي قدرات صنعاء العسكرية والتي أثبتت عبر امتلاكها وسائلَ ردع كالقوة الصاروخية والمسيّرات بأن اليمن يمثل تحديًّا صعبًا ليس من الممكن التغلب عليه في هذه الحرب، وعلى وجه الخصوص، بعد العديد من العمليات النوعية التي استهدفت المطارات والموانئ السعوديّة وخَاصَّةً شركة “أرامكو” والتي تعد من كبريات شركات النفط العالمية؛ ما أثَّرَ تأثيراً سلبياً على أسعار النفط وكلّف الرياض خسائرَ فادحة على المستوى الاقتصادي.
كلّ ذلك يشيرُ إلى أنه ليس هناك نصرٌ حقيقي لدى السعوديّ تم تحقيقُه على مدار الثماني سنوات من عمر هذا العدوان، ويؤكّـد أن استمرارَ السعوديّة في ذات المسار العدواني تجاه اليمن سيؤدي حتمًا إلى تفاقُمِ مشاكلها الاقتصادية؛ ما يجعل من الأنصار جُزءًا مُهِمًّا وفاعلًا لا بُد من سماعِ مطالبهم لإنهاء الحرب وإحلال السلام.