اليمن يثبّتُ موقعَه في معسكر المقاومة دعماً وإسناداً للقضية المركَزية
المسيرة | خاص
حملت المسيراتُ الشعبيّةُ الحاشدةُ التي احتضنتها العاصمةُ صنعاءُ والمحافظاتُ، الأحد، تحتَ شعار “ثأر الأحرار” العديدَ من الرسائل الهامة بخصوص المواقف المبدئية للشعب اليمني فيما يتعلق بنصرة القضية الفلسطينية، وَأَيْـضاً فيما يتعلق بالمسار التحرّري الذي تحاول دول العدوان إعاقته في اليمن.
الخروج الجماهيري الكبير والذي غطَّى عدة ساحات على امتداد جغرافيا المحافظات الحرة، أعاد تسليط الضوء على المكانة المميزة التي ينفرد بها اليمن -قيادةً وشعباً- في حجم مناصرة ودعم القضية الفلسطينية من بين دول المنطقة؛ فعلى امتداد السنوات الماضية لم تغب فلسطين عن مواقف الشعب اليمني وقيادته أبدًا، برغم ظروف العدوان والحصار، بل كانت ولا زالت المسيرات الشعبيّة اليمنية في مناسبات يوم القدس العالمي، وغيرها من المناسبات ذات العلاقة، هي الأوسع على مستوى المنطقة.
وهكذا فَــإنَّ مسيرات “ثأر الأحرار” والتي انفردت بها الساحات اليمنية، جددت التأكيد على أن ارتباط الشعب اليمني بالقضية الفلسطينية يتجاوز مُجَـرّد الشعارات، ويرتقي إلى مستوى المساندة الثابتة والعملية التي تليق بحجم وأهميّة القضية المركزية للأُمَّـة، خُصُوصاً في ظل هرولة أنظمة المنطقة إلى “التطبيع” مع العدوّ، وتغييب الصراع مع الصهاينة عن الجماهير.
ولهذا، فَــإنَّ الرسالة الأبرز للخروج الجماهيري في مسيرات “ثأر الأحرار” كانت تأكيد التمسك بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية لا يمكن التخلي عنها أَو المساومة بها، وهذه الرسالة تتوجّـه بشكل مباشر إلى منظومة تحالف العدوان التي أصبح واضحًا أن أهدافها في اليمن ترتبط بشكل مباشر بمصالح ورغبات العدوّ الصهيوني، ومفاد هذه الرسالة هو أن الشعب اليمني لن يُخضِعَ موقفَه من الصراع مع الصهاينة لأية مساومة، وأن المشاريع الإقليمية التي يسعى الأعداء لتطبيقها في المنطقة لحماية “إسرائيل” لن تمر في اليمن؛ بما في ذلك مشروع “التطبيع”.
هذه الرسالة تتضمن أَيْـضاً تعزيز كُـلّ التأكيدات التي سبق أن أعلنها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في عدة مناسبات سابقة، حول جاهزية واستعداد الشعب اليمني للعب دور فاعل ومؤثر في أية مواجهة إقليمية مع الكيان الصهيوني ضمن محور المقاومة، فضلًا عن الالتزام المبدئي بتقديم كافة أشكال الدعم المتاحة للشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في فلسطين.
وتأتي أهميّة تعزيز هذه التأكيدات وتجديدها من حقيقة تزايد المخاوف الصهيونية حيال القدرات اليمنية والموقف المبدئي الذي يفعّل هذه القدرات؛ فعلى امتداد الفترات الماضية، أقر العديد من قيادات ومسؤولي الكيان الغاصب بقلق كبير من تطور الإمْكَانات القتالية للقوات المسلحة اليمنية، وخُصُوصاً ما يتعلق بالصواريخ والطائرات المسيَّرة بعيدة المدى والتي بات بإمْكَانها أن تصل إلى مناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، كما أقروا بمخاوفَ كبيرة من المشروع المناهض للصهاينة الذي تتبناه القيادة اليمنية، والذي يمكنه مع تلك القدرات أن يكون مؤثراً بشكل مباشر على مستقبل الصراع مع العدوّ الإسرائيلي.
وفي هذا السياق فَــإنَّ الخروجَ الجماهيري في مسيرات “ثار الأحرار” يوجه أَيْـضاً رسالةً مهمةً بشأن تمسك الشعب اليمني وقيادته بالمشروع التحرّري الذي تمثل مناهضةُ الكيان الصهيوني واحدةً من ركائزه الأَسَاسية، إلى جانب مناهضة الهيمنة الأمريكية والغربية على المنطقة، وهي رسالة هامة ترتبط بشكل مباشر بالوضع في اليمن؛ نظرًا إلى ما تبذُلُه منظومةُ تحالف العدوان من جهود مُستمرّة؛ للحيلولة دون تمكين الشعب اليمني من بناء دولة تتبنى هذا المشروع في سياساتها وتوجّـهاتها، ومن تلك الجهود محاولاتُ عرقلة تحقيق السلام العادل في اليمن، والذي أصبح واضحًا أن الكيانَ الصهيوني يعتبره خطرًا على أمنه واستقراره.
ويوجِّهُ الخروجُ الجماهيري الكبير في مسيرات “ثأر الأحرار” رسالةً مهمةً للكيان الصهيوني الذي سعى خلال عدوانِه الأخير ضد غزة إلى الانفراد بحركة الجهاد الإسلامي، وزرع الفُرقة بين فصائل المقاومة، حَيثُ يؤكّـد الخروجُ الجماهيري أن وحدة معسكر المقاومة تتجاوز حتى حدود فلسطين، وأن مشاريعَ تصفية المقاومة ستصطدم دائماً بجبهة موحدة ومتكاملة داخل غزة وخارجها.
وأخيراً، يمكن القول: إن مسيراتِ “ثأر الأحرار” التي احتضنتها صنعاءُ والمحافظاتُ اليمنيةُ توجّت الانتصارَ الفلسطيني، الذي تحقّق خلال جولة المواجهة الأخيرة مع العدوّ الصهيوني، من خلال نقلِه إلى الساحة الإقليمية، كانتصار تأريخي في مسار الصراع العربي الإسرائيلي ككل؛ وهو ما يعني تثبتَ وزيادةَ زخم مبادئ هذا الصراع المقدس على واجهة مشهد المنطقة، في مواجهةِ مسارات التطبيع والتخاذل التي يعملُ العدوّ وحلفاؤه وأدواتُه بشكل مكثّـف على فتحها في المنطقة.