الوَحدةُ ملكٌ للأجيال اليمنية المتعاقبة..بقلم/ عبد القوي السباعي
يجب أن ندرك ونحن نحتفي بالذكرى الـ33 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، حقيقة أنها لم تكن يوماً ولن تكون ملكاً أَو حكراً على أحد أَو جماعةٍ أَو فئة، ولن تكون أبداً علامةً أَو ماركة تجارية مسجلة لهذا الحزب أَو التنظيم أَو ذلك التيار أَو التجمع من الأدعياء؛ فالوحدة اليمنية كانت وما زالت وستظل حلم وطموح الآباء والأجداد، ومنجزًا تاريخيًّا يتعهَّدُهُ الصادقون الشرفاء من جيل الحاضر، وثمرةً يانعةً تقتطفُ خيراتِها أجيالُ المستقبل.
الوَحدةُ ظلت غريزةً فِطريةً في كُـلّ الأجيال اليمنية على مر التاريخ؛ حتى في أزمنة الانقسام والتشطير للأرض؛ ظل الإنسان اليمني موحد الفكر والثقافة، موحد التركيب والنسيج، موحد الغاية والتوجّـه، وظلت الدعوة إليها مبدأ الأحرار وغاية تجري في دماء الثوار، ومنطق أقوال الحكماء والعلماء، ومصدر إلهام الإبداع والأقلام، ومنتهى أمل البسطاء، جاءت حالة متلازمة دائمة في النداء المتردِّد أصداؤهُ في كُـلّ المراحل ومختلف المواقف والأمجاد والمآثر البطولية التحرُّرية من المحتلّ الأجنبي في الماضي والحاضر والمستقبل.
الوَحدةُ اليمنية دعوةٌ أبديةٌ تجدِّدُ العهدَ والميثاق لله وللوطن وللأُمَّـة؛ لمواجهة ومقاومة ومحاربة كُـلّ من خدم ويخدم المعتدي على أرض وشعب الوحدة؛ كونها استراتيجية وأهداف الأُمَّــة جمعاء؛ إذ كانت النموذج العربي الأَسَاسي والأول الأصيل، الذي أنعش إمْكَانية جمع شتات هُــوِيَّات التقسيم والتشرذم الاستعمارية في الوطن العربي كله، بعد أن مثّلت وعاء الهُــوِيَّة اليمنية بإيمانها وعزتها وكرامتها وعروبتها وأصالتها الحضارية للانطلاق نحو بناء جيلٍ عربيٍّ متحرّرٍ ومستقل، جيلٍ واعٍ وقويٍّ مهابِ الجانب، يرفُضُ ويواجه كُـلّ مشاريع التبعية والانبطاح والارتهان والوصاية الخارجية.
الوحدة هي إرث حضاري لكل الأجيال اليمنية ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وراثة الحق الأصيل الثابت، الذي لا يمكن التنازل عنه أَو بيعه أَو التفريط به، ورثوها من جيل رضع من حليب الاستراتيجية الرئيسية للوحدة، وهي الأهداف التي تحقّق لليمن كله -شماله وجنوبه، شرقه وغربه- القوة والمنعة والسيادة والتحرّر من الغازي والمحتلّ الأجنبي، والاستقلال التام عن وصاية دويلات بعران الخليج الرجعية ومشغليها في الغرب، وهكذا سيمضون عليها.
الوحدة اليمنية مَثَّلَت تجربة نهضوية رائدة، وأَسَاسًا متينًا على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة، وبات الحفاظ عليها السلاح اليمني القادرَ على هزيمة الأعداء، الذين أدركوا مدى ما تمثّله هذه الوَحدةُ من خطورةٍ على وجودهم؛ لذلك رأيناهم وعلى مدى ثلث قرن من الزمن، كيف عملوا على تحويل بعض حَمَلَةِ وورثةِ الوَحدةِ من متطلعين للتحرّر والاستقلال وَمطالبين بالوحدة القومية، إلى عملاءَ وخونة ومرتزِقة، تحت تأثير أموال الرجعية الخليجية والارتهان لدول الهيمنة والاستكبار العالمية، وباركوا غزوَ أرضهم واحتلالَها وامتهانَ شعبهم وإذلالَه وفرضَ السيطرة عليه.
ولكُلِّ أُولئك نقول: الوَحدةُ اليمنية ليست حَدَثاً عابراً يمكن أن ينمحيَ من الذاكرة الجمعية، لمُجَـرّد أن يستهدفَها أعداؤها الباغون، أَو يشوِّهُ مسارَها فسادُ وإفسادُ الانتهازيين والمتسلقين من الذئاب والثعالب والثعابين، ليست مُجَـرَّدَ مفردةٍ تلوكُها أفواهُ العملاء والخونة والمرتزِقة، الوَحدةُ اليمنية أضحت اليوم تتمثَّلُ في وحدةٍ دينيةٍ وطنيةٍ إنسانية، قبل أن تكون وحدةً سياسية وجغرافية؛ فهي عصيَّةٌ على كُـلّ النزعات التفكيكية ومن يقف خلفها، عصيةٌ على تلك الأصوات المتضخمة والمجاميع الموظفة في غرف التضليل الإعلامية، والأيّام القادمة حُبلى بمفاجآت الوحدويين.. ولا عزاء لكم أيها المتباكون الأدعياء.