هل حان وقتُ قطع أيدي مَن يصنعون أزمات مستدامة في اليمن؟..بقلم/ ضيف الله صالح أبو غيدنة
مع حلول الذكرى الـ33 للوحدة اليمنية التي تحقّقت في العام 1990م بين حكومتين وانصهرت في دولة واحدة بحسب اتّفاقات وعلى أَسَاس استفتاء شعبي، ووفق دستور مجمع عليه بين اليمنيين نجد في هذه الأيّام أن الوحدة اليمنية تتعرض لمؤامرة دولية تقوم على أَسَاس مصالح دول العدوان ومن أبرزها بريطانيا وأمريكا اللتان تسعيان إلى فرض منطق جديد وصورة جديدة في اليمن.
الانتقالي التابع للإمارات بما هو معروف عن قياداته الساعين إلى السلطة بأي ثمن يقوم بالتهيئة لعمل إجرامي يخل بالوحدة ويمهد لعمل انفصال الجنوب عن الشمال بمؤتمرات ولقاءات تشاورية تمهيدًا لحوار جنوبي جنوبي يكون غطاءً شرعيًّا لذلك الانفصال.
المخطِّطُ هو أجنبي والغرض منه مقابلة مطالب صنعاء وشروطها بهذا العمل، حيثُ إن صنعاء تعتبر السعوديّة دولة معتدية وعليه فَــإنَّها تتحمل تبعات إجرامها، وعليها دفع تعويض عن كُـلّ ما أحدثته في اليمن جراء العدوان، ودفع مرتبات الموظفين من محصلة بيع النفط والغاز اليمني والموردة إلى البنك الأهلي السعوديّ، وكذلك خروج القواعد والمعسكرات الأجنبية من البلد، بينما السعوديّة تريد أن تكون وسيطًا بين اليمنيين على اعتبار أنها حربٌ أهلية بين اليمنيين وبتحقيق هذه الرغبة السعوديّة ستعفي نفسها عن كُـلّ شروط صنعاء، وليس هذا فقط بل ستدخل الملف اليمني في متاهات أُخرى؛ لأَنَّ صنعاء إذَا تخلت عن شروطها الأخلاقية سيعني أنها تخلت أخلاقيًّا عن مبادئها وسيكون من السهل جرجرتها إلى حَيثُ تريد السعوديّة.
من المعلوم أن شروط صنعاء هي من بديهيات المنطق وأبجديات العقل والحكمة، وهي تعلم أن الحرب التي قادتها السعوديّة ربيع 2015م كانت غاشمة وظالمة، وقد خاض الجيش واللجان الشعبيّة حرباً غير عادية، واستطاعت أن تكتب خارج المنطق وخارج قوانين المنطق والعقل أساطير من البطولات والانتصارات التي أجبرت دول العدوان على اللجوء لنهج التهدئة؛ ليس حُبًّا في السلام ولا اختياريًّا، ولكن لصياغة طرق غير شريفة لخلخلة الصف اليمني، وإيجاد ثغرات في الجبهة الداخلية التي تؤازر حكومة صنعاء، وجعل السلام شماعة تخفي تحته كُـلّ ما تستطيع أن تعمله باليمن وأهلها من أنواع الأذى والشر.
كلنا يعلم أن الوحدة التي تمت في عام 90م من القرن المنصرم لم تكن من الأحداث التي توافق هوى بعض الأنظمة في الخليج وبالذات السعوديّة والإمارات، حَيثُ اقتضت سياسة تلك الدول الترحيب بالوحدة من باب المجاملة والدبلوماسية فقط، لكنهم لم يألوا جُهدًا في خلخلة الوحدة وعرقلة خطواتها، حَيثُ لم تصمد سوى أربعة أعوام فقط لتندلع بعد ذلك حرب صيف 94م، التي كان لحزب الإصلاح بكل أجنحته ومنها السلفية التابعة للدولتين الباع الأطول في التحريض على الحزب الاشتراكي اليمني ومن ثم الحرب على الجنوب وإخراج الشريك الأَسَاسي والذي يعود إليه الفضل في إتمام صفقة الوحدة اليمنية وهو الحزب الاشتراكي اليمني.
التاريخ كتب كُـلّ شيء ولم يبقَ إلا العبرة من الأحداث التي أوصلت اليمن إلى مَـا هو عليه الآن، وعلى اليمنيين الشرفاء أن يستعيدوا تلك الأحداث ويضعوا النقاط على الحروف ليعلموا يقينًا أن دول العدوان كانت هي وراء كُـلّ الأحداث والحروب التي آلمت اليمنيين وأوجعتهم طيلة الفترة الماضية، وليعلموا أن دول العدوان إنما تريد أن تمد يدها إلى خيرات البلد ليس في الوقت الذي يريده اليمنيون بل عندما يريدون هم.
على اليمنيين أن يعلموا جيِّدًا أن دول العدوان هي التي تقف خلف كُـلّ هذه الحروب والكوارث التي تنصب على رؤوس اليمنيين وهي الدول التي لا تريد لليمن أن يستقر أَو أن يهدأ أَو أن يستفيد من موقعه أَو من ثرواته، وأن عليهم أن يقطعوا تلك الأيدي التي تتحَرّك بوحي من الخارج أيًّا كانت وفي أي مكان.
ربما تتطور دراما الأحداث في الفترة المقبلة إلى المواجهة الحتمية بين صنعاء بجيشها ولجانها الشعبيّة وبين الانتقالي الذي يتجه ليكون وريث الخيانة والعار، ويصبح على صنعاء أن تتنقل بين مدن اليمن الجنوبية لمتابعة قياداته وتدمير كيان الخيانة وأحزمة الغدر التي تنفذ خطط الإمارات والسعوديّة، وهي إن وقعت ستكون الحاسمة والقاضية، حَيثُ كُـلّ الدمى التي تتحَرّك بأوامر من الخارج قد تقلصت وتقوقعت في ما يسمى بالانتقالي، وخَاصَّة أن الانتقالي قد قام على أنقاض كنتونات الخيانة جميعها، وقد قامت دول العدوان بتصفية كُـلّ من تشم فيه روحاً وطنية أَو معارضة لأحلامها ومخطّطاتها حتى وإن كان في مقدمة الجبهات ضد الجيش واللجان الشعبيّة وأبقت على قيادات الانتقالي؛ لأَنَّها لم تحس أَو تشعر بأي نبض للحرية أَو للرجولة فيهم وإلا كانت صفتهم في أية لحظة.
يقول البعض إنه كان حريًّا بصنعاء أن تقوم بعقد مؤتمر تشاوري حول مجمل الأوضاع وبالذات القضية الجنوبية ومناقشة رؤية السيد قائد الثورة حول القضية الجنوبية واستدعاء كُـلّ الشخصيات المهمة في الجنوب والشرق ومن يهمه أمر الوحدة؛ حتى لا يتطاول أمثال الانتقالي على مكانة ليس من أهلها أَو الحديث عن موضوع ليس من أربابه، لكن القائلين بأن اهتمام صنعاء بالوحدة يسبق كُـلّ حديث، حيثُ إنها تستعد لخوض غمرات أية معركة قد تفرضها أية قوة تريد الانفصال، وأن أي إعلان عن الانفصال سيكون بمثابة إذن بذلك، وأبناء الجنوب معظمهم رافضين لفك الارتباط أَو الانفصال، وإيمانهم بالوحدة وأهميتها أعظم من أن يصفه أحد، وسيكونون في الصفوف الأولى للدفاع عنها خَاصَّة وأنهم يعلمون جيِّدًا أن إعلان الانفصال يعني العودة إلى تقسيم الجنوب بين دول العدوان كغنائم حرب، وستنعدم كُـلّ وسائل الأمن والأمان وسيحرمون من ثرواتهم وسيذهبون عبيداً في حضائر مشيخات الخليج وغيرهم، ولذلك فَــإنَّه حديث سابق لأوانه وسيكون عبارة عن جعجعة بدون طحين ولن يأتيَ الطحين إلا بعد أن يقدم الانتقالي على خطوة الانفصال.
أما السعوديّة الطرف الأبرز في العدوان على اليمن فهي تضيع الوقت، ولن تجني أية أرباح من وراء ضياع الوقت؛ فصنعاء ترتب كُـلّ الأوراق وكما خاضت حرباً يعرفها العالم أنها حرب غير عادية ولم تحقّق أي شيء من أهدافها؛ فَــإنَّها ستكون بعد عودة الحرب أكثر سرعة إلى القبول بشروط صنعاء رغم أنفها، وكما كانت من بداية العدوان عاقبة الأمور بيد الله؛ فهي كذلك ما تزال بيد الله سبحانه.