سلامٌ لك يا مايو من الحافظين لك عهدَك..بقلم/ عبدالإله محمد الشامي
يحل علينا العيدُ الوطني الثالثُ والثلاثون للوحدة اليمنية المباركة، تلك الوحدة التي كانت وما زالت مطلب الأرض والسماء كما قال الله جل وعلا: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، إذ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوانًا وَكُنتُمْ عَلى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
لا عيبَ ولا ملامَ عليها إن لم تحقّقْ الوحدةُ أهدافَ وتطلعاتِ أبناء الشعب اليمني المشروعة في كُـلّ مجالات الحياة، وإنما اللوم والعيب على قادتها الذين لم يقدروها حق قدرها ولم ينظروا إلى مصالح الشعب ورعايته حق رعاية وتنمية ثرواته التي منحها الله في أرض اليمن وبحارها وخلجانها ومضائقها وموقعها الجغرافي والاستراتيجي الهام، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بما يرفع العيش الكريم وإقامة الموازين القسط بين الناس، وإدارة الدولة اليمنية التي كبرت جغرافياً واقتصاديًّا وسكانياً وعسكريًّا بعقول كبار تقدر هذه النعمة وتستشعر المسؤولية والأمانة بتوحيد القلوب وتوحيد ودمج القوات المسلحة وبنائها على أَسَاس هُــوِيَّتها الإيمانية اليمنية الوطنية لا على أَسَاس التقاسم لخيرات ومقدرات ومكاسب اليمن ومن ذلك الجيش بين شركاء الوحدة، وإن تم توزيعه جغرافياً إلا أنه ظل على أَسَاس شطري كما هو حال إدارة الدولة في المحاصصة الحزبية والمناطقية بعيدًا عن الكفاءة والنزاهة والخبرة؛ مَا جعل شريكي الحكم كُلٌّ يتربص بالآخر ويضع العراقيل أمامه لإفشاله في كُـلّ مجالات التنمية والخدمات والحفاظ على موارد الدولة السيادية، فبدلاً من أن تصب تلك الموارد لصالح الشعب ورفع معاناته المعيشية صبت صباً لمصالح شخصية وحزبية ومناطقية نتجت عنها خلافات سياسية حادة جِـدًّا بين رأس الدولة ممثلاً بالحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي ومن خلف الأخير تجمع الإصلاح والذي كان للأخير الدور البارز والمعلن في رفض الوحدة ومن سعى لها سعيها من بقية الأحزاب الوطنية القومية والإسلامية؛ حتى وصل الأمر إلى ما عُرفت بحنقات علي سالم وإفشال الوساطات التي قادها المخلصين للوحدة لوضع حلول ومعالجات نافعة للأُمَّـة اليمنية من قادة الأحزاب وكبار الشخصيات الاجتماعية والمشايخية من قبل علي عفاش وشيخه الأحمر.
وولى المؤمنين بالفرقة المدرعة كما تحدث عن ذلك الوسطاء، وهكذا لم يرَ الشعب كُـلُّ الشعب اليمني خيرَ الوحدة ولا خير ثروته سوى المتنفذين من أطراف الحكم، وأعقب ذلك الخلاف السياسي الحاد أملاً جديدًا بجمع الكلمة وقيام دولة النظام والقانون والمساواة والعدالة والاستقلال والحرية لليمن بعيدًا عن الوصاية الخارجية بتوقيع ما أسميت بـوثيقة العهد والاتّفاق في عمان برعاية الملك حسين ملك الأردن، إلا أن اشتراطات شيخ الرئيس عفاش وزعيم “الإخوان” عقب ذلك العهد والاتّفاق حالت دون تنفيذه ومنها عودة علي سالم إلى صنعاء بدون ضمانة لحمايته بل وحماية منزله وحريته في اختيار حراسته -كما صرح بذلك وسطاء العودة في حينه-، وبعد ذلك تم قصف الوحدة في عمران مُرورًا بشعار عفاش المشهور (الوحدة أو الموت) والذي لقي ذلك الشعار السيء قبولاً وفرصة لدى تجمع الإصلاح الإخواني والقبلي والسلفي الطالباني ومن خلفهم النظام السعوديّ لهدم الوحدة وتفريق وتمزيق نسيج الشعب اليمني ومكوناته الاجتماعية الموحدة في الجاهلية والإسلام بالتوجّـه إلى الجنوب لتصفية الحزب الاشتراكي ومواطني الجنوب الملاحدة تحت مسمى (الشرعية) مقابل تقاسم الحكم مع مؤتمر علي صالح.
وأسهم إعلان الانفصال من قبل نائب رئيس المجلس الرئيس علي سالم البيض، الخاطئ في استباحة المحافظات الجنوبية أرضاً وإنساناً من قبل مزعوم الشرعية في 7/7/94م في ظل معارضة المخلصين من أبناء الشعب اليمني للحرب التي شنت على الجنوب ودعواتهم لوقف الحرب وحل الخلاف بالحوار السياسي الوطني وعلى رأس المعارضين للحرب السيد حسين بدرالدين الحوثي، ومعه العديد من العلماء الأعلام والمفكرين المستنيرين الأحرار ممن أيدوا الوحدة ودعوا للالتفاف حولها والحفاظ عليها والوفاء بعدها ومبادئها باعتبارها مكسباً دينياً ووطنياً، وأن الوحدة اليمنية هي الإنجاز الوحيد في عصر الفرقة وأنها ملك للشعب اليمني ولن تكون خاضعة لمزاج وهوى طرف سياسي خدمةً للعدو الخارجي لليمن واليمنيين، وهي تلك المخاطر التي نراها اليوم ماثلة للعيان من قبل أدوات المحتلّ للمحافظات الجنوبية الذين يتبنون مشروع الانفصال كمشروعٍ بريطاني أمريكي بتمويلٍ إماراتي ينفذه حفنةً من العملاء والمرتزِقة بعيدًا عن إرادَة أبناء الجنوب الأحرار، ولكن الشعب اليمني وقيادته الثورية والسياسية لذلك المشروع الخبيث بالمرصاد.