الوحدةُ اليمنية.. وُجِدَت لتبقى..بقلم / نايف حيدان*
الوحدة اليمنية لم يكن تحقيقها بالأمر الهيِّن، أَو أنه أعيد تحقيقُها لرغبة شخص أَو لأهواء جماعة أَو حزب، بل إنها إرادَة شعبيّة وحلم لكل اليمنيين وضحّى لأجلها وسالت دماءٌ غزيرة وغالية؛ لأجل تحقيقها بعد حوارات ولقاءات ومفاوضات بين قيادة شطري اليمن آنذاك استجابةً لمطالبات شعبيّة في الشطرين.
ونحن اليوم نحيي ذكرى الوحدة الـ ٣٣ واليمن يواجه مؤامرات خطيرة لم يسبق لها مثيلٌ؛ لتقسيم المقسَّم وتجزئة المجزأ وصنع وتفعيل ثقافة الكراهية والمناطقية والمذهبية بين أبناء البلد الواحد، لا بُـدَّ لنا أن نتنبه لمثل هذه المؤامرات، وأن نغلِّبَ مصلحة اليمن على كُـلّ المصالح والمشاريع الصغيرة، ونفيَ لكل التضحيات التي بذلت لأجل وحدة وعزة اليمن وسيادة أراضيه.
ما نسمعه اليوم وما نشاهدُه عبر وسائل إعلام أنشئت خصيصاً لخدمة هذه المؤامرات على اليمن لا تمثل صوتاً ولا واحداً من عشرة بالمِئة من كُـلّ الشعب اليمني شماله وجنوبه وشرقه وغربه، بل إن الشعب اليمني هو من صنع الوحدة وهو من سيحافظ عليها، وما الأصوات النشاز المحدودة التي تتغنى بلغة النشاز لا هي من التاريخ ولن يقبلها أَيْـضاً التاريخ؛ لأَنَّها تغني خارجَ السرب وتطلق مشاريعَ لا تعبّر عن واقع الشعب اليمني أَو حتى جزء بسيط من جنوب اليمن، وَإذَا عُدنا لعبارة تاريخية أَو جملة أطلقها قائد اشتراكي وحدوي من أبناء ردفان في السنة الأولى من شن العدوان على اليمن، حَيثُ قال: (الجنوب كنز وطني لم يظهر بعد)، فهي تعبّر عن واقعٍ حقيقي وعن نبض الشارع في المحافظات الجنوبية المحتلّة والتي يذوق سكانها ويلات الظلم والحرمان وانعدام كُـلّ مقومات الحياة كمكافأة للتضحيات وللصبر الذي كان لأجل تحقيق الوحدة اليمنية والحفاظ عليها.
مطلب الوحدة اليمنية كانت قبل تحقيقها ثقافة في المحافظات الجنوبية وتردّد كالتحية في كُـلّ المراسلات الرسمية وكانت الأناشيد الوطنية وحتى أغاني الغرام تتضمن الشوق واللهفة والدعوة للنضال لأجل تحقيقها (لنناضل لأجل تحقيق الوحدة اليمنية) وحتى النشيد الوطني الذي نقف له اليومَ إجلالاً وتعظيماً لم يكن وليد اليوم، بل كان النشيدَ الوطنيَّ لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبيّة قبل تحقيق الوحدة اليمنية عام ١٩٩٠م.
فعن أية مسميات جديدة يبحث البعضُ والوحدة محصَّنة بنشيدها الوطني وبرموزها من فتَّاح وعنتر ومصلح وشائع إلى علي سالم البيض وسالمين ولبوزة والكثير من الشخصيات الوطنية من جنوب اليمن وشماله الذي يعجز عقل من يثير الكراهية ويستجيب لمؤامرة التقسيم لاستيعابها؛ فالوحدة اليمنية وُجدت لتبقى.. وكلّ المشاريع الخارجية ستذوب كما يذوب الثلج في هذه المناطق الساخنة.
* عضو مجلس الشورى