الوحدةُ اليمنية صنعها الشعبُ وسيعيد مجدَها الشعب..بقلم/ أيوب أحمد هادي
لقد تعرضت وَحدةُ البلاد منذ شهورها الأولى للكثير من المؤامرات التي ظهرت على إثرها الكثير من الأعراض المَرضية، واستفحلت هذه الأعراضُ أكثر وأكثر في حرب صيف العام 94م الخاطئة والظالمة، وما نجم عنها آنذاك أَيْـضاً من الإعلان الظالم والخاطئ للانفصال، وهي كلها لا شك أخطاء وخطايا صنعها الخارجُ بالتواطؤ مع أدواته الفاسدة والعميلة في الداخل.
فحين كان اليمن ينقسم إلى شطرين شمالي وجنوبي تسنت الفرصة لبعض دويلات الخليج كالسعوديّة وَالإمارات بأن تعبث في الشعب كما تشاء حتى ضاق الشعب ذرعا من تصرفاتهم اللا مشروعة فانتفض الشعب حيالها هاتفا بجملة واحدة مطالبا بوحدة تظم كُـلّ أبناء الشعب تحت مظلة واحدة ومسما واحد وهو الجمهورية اليمنية لتعزيز تلاحم المجتمع ووحدة الصف والتخلص من آثار التبعية ورفض كُـلّ التدخلات الخارجية في شؤون اليمن.
منذ قيام الوحدة اليمنية إلى يومنا هذا وعيون الطامعين في ثروات ومقدرات البلاد لا تهنأ بالمنام حتى أعلنت العدوان على اليمن لتمزيق وحدته وأمنه واستقراره وإعادته إلى عصر التبعية والارتهان؛ وهذا ما لاحظناه من خلال هذا العدوان لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، وها هو الشعب اليمني اليوم يحتفل بالذكرى الـ33 لقيام الوحدة اليمنية المجيدة؛ تأكيداً على أن هذا الشعب لحمة واحدة لا يرضى بالتفرقة.
وهذا الابتهاج الدائم باليمن الواحد والموحد لا يعني أن بلادنا تعيش أوضاعًا مِثاليةً ولا يلغي أبداً الحقائق القاسية والصعوبات الكبيرة والأطماع الخارجية الماثلة على الأرض والتي صنعتها وراكمتها آفة التبعية والارتهان على مدى عقود، ولكنه يعني أن تلك المحاولات الرامية إلى تمزيق وتفرقة اليمن ستظل تبوء بالفشل؛ ففي اليمن رجال تأبى الضيم والانقسام.
خطرُ الخارج المعتدي بات يستفحِل على نحو أكبر، وذلك من خلال تدخلاته العدوانية السافرة وقيادته المباشرة والعلنية لتلك الأدوات الفاسدة نفسها، ضمن مخطّطات وأهداف عدائية لم تعد غامضةً أَو خافيةً على أحد، وهي في مجملها تتوخَّى في البداية العملَ على وأد مشروع السيادة والاستقلال الذي حملت لواءَه ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر، وُصُـولاً إلى استئنافِ سياسة الهيمنة والحديقة الخلفية، ومواصلة حرمان اليمن من أي مشروع حقيقي لبناء دولتِه المغيَّبة، مع استكمال ما كانوا قد بدأوه في البواكير الأولى لوَحدة شعبنا وبلدنا من سياسات التمزيق والتفتيت بمختلف الأساليب والعناوين والممارسات الممنهجة التي ضربت التنوُّعَ الإيجابي في الرأي والفكرة، وفرَضت التعدد السلبي في الأُطُرِ والانتماءات الضيِّقة على حِسابِ الانتماء الواحد للهُــوِيَّة اليمنية.
ومع كُـلّ ذلك، فَـإنَّ الخارجَ وأدواته ينسَون دائماً بأن الوَحدةَ شأنُها شأنُ بقية الثوابت لم تكُنْ يوماً من صُنعِ أشخاص أَو أحزاب، وإنما كانت وستبقى صناعةَ شعب يستعصي على الانكسار واستحقاق وطن لا يقبل التجزئة؛ ولذلك قد تجدون في حِقَبٍ مختلفة من التاريخ صراعات مريرة بين أحزاب وأشخاص وجماعات، لكن الشعب اليمني كان في مختلف الأحوال يستمر واحداً وموحَّداً في وجدانه ومشاعره، وفي أحلامه وآماله، وهذا أمرٌ يمكن رصده فعلاً سواء قبل 22 مايو أَو بعده، وفيما كانت الصراعات والحروب تأتي وتزول، كان الشعب على الدوام جاهزاً لإعادة إنتاج وحدته وكأن شيئاً لم يكن.