الجُـــزُرُ اليمنية.. بقلم د/ فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
تشكل الجُزُرُ لليمن بُعدًا استراتيجيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا على امتداد البحر الأحمر والبحر العربي، وفي نهاية الأسبوع الماضي أقامت جامعةُ الحديدة مشكورةً مؤتمرًا علميًّا بعنوان (الجزر اليمنية.. أهميّة جيوستراتيجية – تنوع حيوي – أطماع خارجية) تم خلال المؤتمر مناقشةُ العديد من أوراق العمل والدراسات والبحوث التي تناولت موضوعَ الجزر من كافة الجوانب: الاستراتيجية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية، وقدم المشاركون في المؤتمر معلوماتٍ هامة ومفيدة ومتنوعة، وقد جاء هذا المؤتمر في الوقت المناسب لتزامُنِه مع تحَرّكات دول العدوان في الجزر اليمنية في سقطرى وعبدالكوري وميون وغيرها، من خلال إعلان تواجده فيها، وتنفيذ إنشاءات عسكرية ولوجستية داخل تلك الجزر؛ بهَدفِ احتلالها والسيطرة عليها، ويمكن أن تشكل تلك التحَرّكات ورقةَ ابتزاز لليمن في المستقبل.
ومن هذا المنطلق نرى أنه من الضروري أن تلتفتَ حكومةُ الإنقاذ إلى موضوع الجزر اليمنية، وتعمل على إعداد استراتيجية شاملة للاهتمام بالجزر، تلتزم بها كافة المؤسّسات الحكومية؛ حتى لا تتشتَّتَ الجهود وتتبعثرَ الإمْكَانيات؛ لأَنَّ عددًا من الوزارات والمؤسّسات الحكومية لها علاقة بطريقة مباشرة أَو غير مباشرة بموضوع الجزر، ولهذا يجب على الجميع التعاون؛ مِن أجل تطويرها وتنميتها والاستفادة منها بالشكل المطلوب.
ونلاحظ أن موضوع الجزر اليمنية خلال الأنظمة السابقة كان مغيَّبًا، ولم يحظَ بالاهتمام اللازم، ويبدو أن هذا الموضوع كان مغيَّبًا بشكل متعمد؛ فلم يتم تناوُلُه في المنهاج الدراسية أَو في الصحافة أَو في الثقافة العامة، بما يناسب أهميته؛ ولذلك فالاهتمام بالجزر كان محدودًا، وانعكس ذلك على أوضاع سكانها.
يجب على حكومة الإنقاذ والفريق المفاوِضِ وضعُ رؤية واضحة في التعامل مع موضوع الجزر أثناء التفاوض؛ ليتم توضيح حرص اليمن على استعادة جزره المحتلّة المنتشرة في البحرَين: الأحمر والعربي، والمحيط الهندي؛ لأَنَّ دول العدوان -من خلال تحَرّكاتها في الجزر اليمنية- تشيرُ إلى عدم استعدادِها لتركها أَو الخروج منها؛ ولذلك أصبح من الضروري توضيحُ وجهة نظر صنعاء في هذا الموضوع لدول العدوان بشكل لا لَبْسَ فيه.
ونظراً للموقع الاستراتيجي الذي تتمتعُ به الجزرُ اليمنية فهو يهمُّ دولُ العالم، وخَاصَّة الدول الكبرى؛ لأَنَّ معظم تجارة العالم تمر من البحر الأحمر والبحر العربي، وأي اختلال أمني تتعرض له الجزرُ يمكن أن يؤثِّرَ على الاقتصاد العالمي، ومن يسيطر على الجزر في تلك البحار سوف يمتلك ورقةً هامةً تتيحُ له المشاركةَ في حماية طُرُقِ التجارة العالمية؛ ولهذا يجب على الجميع أن يعيَ أهميّةَ الجزر اليمنية.