الأسير المحرّر أحمد الشرعي في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: تم وضعي في سجن انفرادي شهراً كاملاً وطلبوا مني شتم السيد عبد الملك وحينما رفضتُ تعرضتُ للتعذيب الشديد
المسيرة | حاوره أيمن قائد:
وصف الأسير المحرّر المجاهد أحمد عبد الله الشرعي، وجودَه داخل سجون العدوّ السعوديّ كأسير بالموحشة، مؤكّـداً أنه تلقى أشد أنواع العذاب الجسدي والنفسي لأكثر من ثلاث سنوات.
وقال في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: على الرغم من كبر سنه (٦٠ عاماً) إلا أنه تلقى كُـلّ تلك المعاناة بصبر وتجلد وإيمان قوي بعدالة القضية التي جاهد مِن أجلِها، لافتاً إلى أنه خرج للجهاد في سبيل الله بعد أن رأى ظلم العدوان وفساده، ولم يثنِه كبر سنه من القعود في المنزل، حَيثُ تم أسره في جبهة الجوف، ثم مكث في سجون مرتزِقة العدوان لشهرين ونصف شهر؛ حتى تم بيعه للنظام السعوديّ من قبل المرتزِق العميل أمين العكيمي.
إلى نص الحوار:
– بدايةً الحمدُ لله على سلامتكم، بالتأكيد عانيتم الأمرَّيْنِ في سجون الأعداء.. ما الذي حدث لكم بالضبط؟
حَيَّاكم الله.. في الحقيقة أن كُـلّ أسير يدلي بدلوه؛ فالحياة صعبة ومرة، ولكن كان هناك لدى الكثير من الإخوة الأسرى صبر وتصبر وتجلُّد؛ ومع الصبر تحمل الأسرى جميع أنواع العذاب، من حَيثُ التعذيب النفسي والجسدي والذهني والحرمان من النوم واستخدام أساليب وحشية؛ فمرتزِقة الداخل هؤلاء هم لا يَمُتُّون بصلة إلى الإنسانية؛ فالإنسانية مفقودة لديهم فهم مُجَـرّد وحوش بل متوحشون مفترسون، ويعتبر الأسير لديهم صيداً لهم، ولكن أعاننا الله، فما أُولئك المرتزِقة إلا أدوات للنظام السعوديّ والنظام السعوديّ أدَاة للعدو الأجنبي أمريكا وإسرائيل ومن في حلفهم.
– ما حكايةُ بيعكم للعدو السعوديّ.. وكيف كانت قصة وقوعكم في الأسر؟ ومتى تم أسركم؟
تم أسرنا في نهاية شهر مارس من العام 2020م، في اليوم الثالث من شهر شعبان 1444هجرية، وحكاية الأسر كانت في رمال الجوف في خب والشعف، أما حكاية البيع للعدو فكانت من قبل أمين العكيمي، فقد تم بيعنا للسعوديّة بعد إمضاء شهرين ونصف شهر في معسكر الخنجر القريب من منطقة الخضراء بنجران، وتمت في تباب الرمال في معركة حضر فيها طيران ومدفعيات العدوّ ومدرعاته ونحو 21 طقماً ومدرعة، وكان عدد المقاتلين نحو خمسة عشر رجلاً، جرح أربعة وهناك من استنفد بعض الأسرى مخزونهم من الذخيرة من الصباح الباكر وحتى الظهيرة.
– ما الذي كان يطلبه الأعداءُ منكم أثناء جلسات التحقيق؟
ما كان يطلبه الأعداء في التحقيقات كانت أغراضًا شخصية، هذا بالنسبة للتحقيقات لدى المرتزِقة في الداخل، وكانوا يسألون عن أشياءَ تعودُ إلى ما قبل أربعين سنة، سواءً في هذه المحافظة أَو تلك، وكانوا يطلبون من الأسير المستحيل؛ فما كان أمامنا سوى الصبر والتأني والتصبر وتحمل الأذى الجسدي؛ فكان بعض الأسرى تتحول أجسادهم إلى فحمة من السود وهناك من افتقد إلى شيءٍ من عظامه وكذا في الأضلاع، فقد استخدموا الكهرباء على الرأس وبقية الجسد والضرب المبرح وتتكرّر التحقيقات من يومين إلى ثلاثة أَيَّـام ويعودون وهكذا، وكان الأعداء يطلبون أشياء ليست كالتي يطلبه النظام السعوديّ في الكثير منها وكأن المرتزِقة يزينون للنظام السعوديّ أشياء في أسير هنا وهناك؛ لأَنَّ هذا من أكبر الأسرى ومن أفهمهم من له صلة بالقيادات العسكرية وبالدولة ومعرفة بأشياء أُخرى وهذا ما لم يكن صحيحاً.
– ما هي أبرز المواقف التي عانيتم منها أثناء فترة الأسر؟
أبرز المواقف التي عانيت منها أثناء الأسر كانت متمثلة في أن المرتزِقة كانوا من خلال التحقيقات يريدون منا أن نقول ولو كذبًا في أشياء كذب، وعندما يدرج الأسير بأشياء كاذبة كانت لديهم في ذلك المعسكر من كُـلّ المحافظات من المرتزِقة فيأتون ويسألون ويبحثون عن هذا الأسير من أية مديرية أَو محافظة لكي يعلموا صحة ما يقول من عدمه، فكان الصبر والوثوق بالله والاعتصام به والقبض بحبله والاستمساك بعروته الوثقى، كانت هي الملاذ والتوجّـه إلى الله حتى في ساعة العسرة.
وأبرزُ ما قيل لي هو أن أشتُمَ وألعن السيد القائد في التحقيق الثالث معي في معسكر الخنجر، أن ألعن السيد القائد فقلت بلهجتي الشعبيّة ما أستر أي (لا أستطيع) وانهالوا عليَّ بالضرب المبرح الشديد المؤلم، شُقّ رأسي من وسط الرأس بآلة حديدية وهي (الوتد) حق الخيام؛ فسال الدم من رأسي، ووضعوا منشاراً على رقبتي، فقال أحدهم هذا سيتعبنا لكن نريد من تلك السوداء أي (السكاكين) الداعشية الأمريكية والإسرائيلية، ولم أنزعج فأبيت أن ألعن السيد القائد أبداً، فقالوا: يا مجوسي يا رافضي نحن نعلم أنك لا تستطيع، فدعوت اللهم أعطني وقايةً في جسدي وفي عظمي وعقلي وأَلَّا يزيغ قلبي، وما وجدت في نفسي شك أن الأسر كان على حق، وكلّ المجاهدين على حق وأنهم هم على الباطل، وأعان الله، فكانت وقاية لم أشعر بعد ذلك من ألم وإن كان شديدًا حتى إنه كسرت لي ثلاثة أضلاع في الجانب الأيسر من جسدي في التحقيق الرابع وكان المحقّقون منهم مَن كان يقودُهم شخصٌ ينتمي إلى القاعدة، هذا جانب والجانب الآخر من التحقيق الرابع في آخر شهر شعبان تم ربطي بالكهرباء من أصابع قدمي إلى رأسي؛ فمن بعد الساعة الثامنة مساءً حتى بعد طلوع الفجر لم يفك عني إلا أنه نطق الفجر بالصباح.
استخدموا أساليبَ شتى وكبيرة، تم ربطُ رقبتي ورأسي بمشمع بلاستيكي وبقيت نحو دقيقتين، ولديَّ ثقة بالله أنني لن أموت بعد تعذيبهم وكانت لدي ثقة بأن الأمر بيد الله، وكان الأعداء يطلبون في التحقيقات من المستحيلات فما ضفروا بما أعلمه ولم يصلوا إلى ما لا أعلمه، والجانب الآخر أن أعطيهم معلومات عن أشياء سواءً في المحاور أَو في الجبهات فكنت أقول لهم لا أعلم.
مواقف شتى مزعجة ثم تبعت التحقيقات الأربعة مع التعذيب، ثلاثة تحقيقات مع التعذيب النفسي الممل، كانوا يبدؤون يحقّقون معي من بداية الثمانينيات من قبل أربعين عاماً حتى تم أسري في كُـلّ تحقيق.
– كيف تعاملتم مع الظروف القاسية خلال فترة الأسر التي مررتم بها؟
تعاملتُ مع الظروف القاسية خلال فترة الأسر بالصبر؛ صبرنا على ما يعطوننا من أكل وماء، وتم وضعي في سجن انفرادي لمدة شهر كامل حتى منتصف شهر رمضان، ثم وضعوني بعد ذلك مع زملائي الأسرى.
قالوا: لماذا أنت في هذا السن وأنت تدخل وأنت لك مهمة كبيرة وخَاصَّة؟ ثم صنفوني بالمفتي والشاعر، وعرضوا عليَّ مقاطعَ من كلام قلته في برنامج “جند الرحمن” الذي كانت تخرجه قناة الإيمان عندما تكلمتُ عن زميلي الشهيد المجاهد المرحوم طه يحيى المتوكل، ولم أتطرق إلا عن الشهيد وسيرته؛ لأَنَّه كان زميلاً لي في إحدى المحاكم، فقلت هذا أنا، فقالوا أنت شاعر وأعطنا ما قلت من قصائد فأنكرت أني لم أقل شعراً، وإنما كان يكتبه آخر وأنا أنقله فلم يصدقوني، فقال أحدهم نزيل له الحافظة، أين الحافظة من الذاكرة؟ فقلت الذاكرة في مقدمة رأسي والحافظة في المؤخرة، فقالوا لي سننسيك كُـلّ معلومات في رأسك، فاستخدموا الضرب بالحديد الضرب المبرح، وحتى السيخ الذي في ركبتي اليمنى حتى القدم سيخاً (من 2012م) في حادث مروري في القاهرة على أربعة مسامير وكانت تُضرب رجلي حتى يسيل الدم من جميع الجراحات والكسر الذي كان عليها.
تحملنا مع الظروف بصبر وجلد وبعد شهرين ونصف شهر، أدرجنا المرتزِقة وباعنا العُكيمي؛ ثلاثة من محافظة صعدة وأنا من أمانة العاصمة صنعاء إلى نجران للسعوديّين، وزارنا السعوديّون مرتين قبل أخذنا بأسبوعين، زارنا ضباط سعوديّون، ونحن في زنزانة ترابية في معسكر الخنجر، ثم جاؤوا بعد ليلتين فذهبوا بنا إلى نجران 18 يوماً في حجر صحي في قاعدة عسكرية في نجران ثم إلى خميس مشيط في القاعدة العسكرية حتى تم خروجي، وبقيت في الأسر 3 سنوات وشهرين كاملين ولله الحمد.
– هل لكم أن تذكرون لنا بعضاً من النماذج لمواقف بطولية لزملائكم الأسرى وأنتم في سجون العدو؟
مواقف للأسرى في سجون العدوّ؛ وقعت صرخات متعددة وإضرابات عامة وتم مواجهة النظام السعوديّ داخل سجون الأسر بالحقائق ومنها أننا أسرى يمانيون، وللأسير حق ولو بحق الإنسانية ولو بجزءٍ من الإنسانية؛ لأَنَّ النظام السعوديّ يعتبروننا حتى في أوراقهم وأسماء كشوفاتهم وينادوننا أنتم محتجزون، أنتم تقتتلون أيها اليمنيون فيما بينكم، أما نحن فلم نقاتلكم، فقال أحد الإخوة وهذه الطائرات تقلع من هنا من مطاراتكم وأنتم تدخلون بلادنا؛ ولكن واجهناهم بأن لديهم أسرى سعوديّين لدينا في اليمن يُعامَلون أحسنَ المعاملة، ولكن النظام السعوديّ، الجيش السعوديّ مغلوب على أمره وكأنه مراقبٌ، وكان بقاؤنا في سجون النظام السعوديّ من سجن إلى سجن إلى سجن، وَبقيت وزملائي 65 يوماً في سجون الكبائن في تلك القاعدة، الكبائن طول متر وربع وعرض نصف المتر، وأنت متربعٌ على البلاط لا تستلفت يميناً ولا شمالاً ولا إلى الخلف من قبل الفجر بنصف ساعة حتى مجيئ النوم الساعة العاشرة أَو الحادية عشرة ليلاً، كانت مأساة تعذيب نفسي مع استخدام الضرب ما بين الكبينة ودورة المياه، وكذلك عندما أخرجونا بعد شهرين وخمسة أَيَّـام في عنابر صغرى سعة عشرة أشخاص أَو أثني عشر شخصاً ثم نقلونا إلى سجنٍ آخر سعة عشرين شخصاً ثم إلى سجن رابع بسعة عشرين شخصاً وكان ممنوع علينا حتى القيام للصلاة إلا بإذن العسكري؛ لأَنَّ العساكر متواجدون والكاميرا تراقبنا وحتى الأكل وحتى القيام على وضعية خَاصَّة وقراءة القرآن حتى بينك وبين نفسك فقط، وحتى التحَرّك والمشي في العنبر في تلك الزنزانة التي طولها عشرة أمتار أَو أثني عشر متراً وعرضها خمسة أمتار أَو أربعة أمتار ممنوعاً علينا في أن نقوم وندور فيها، هناك يعاقبك العسكر ويخرجك إلى الكبائن تأخذ أسبوعًا، أسبوعين أَو شهرًا أَو شهرين، ثم إذَا تجرأ أسير ورفع صوته على العسكري، فكانوا يقولون لنا عصيان العسكري مثل الكفر إذَا كنتم تعلمون ما الكفر، قلنا نعم نعلم ما الكفر، قالوا: عصيان العسكري كفرٌ من أنكم تعصون وليَّ الأمر، وعصيان ولي الأمر عصيانٌ بالله، وعصيان الله كفرٌ يستحق العقاب، كنا نقول لضباطهم إن الجنود يظلموننا وَحكموا على هذا وعملوا عليه محضراً وَأخرجوه إلى الكبائن ظلماً ويجلدونه من عشر إلى عشرين إلى أربعين جلدة بالسياط؛ يقولون هذا العسكري لا تعصونه وإن كان ظالماً لكم؛ لأَنَّه سيتحمل ظلمه عند الله في قبره أما أنتم فلا تعصونه وإن كان يعذبكم ظلماً فسيتحمل هذا لنفسه، أنتم تسمعون وتطيعون؛ وهذا مبدأهم.
مواقفُ كثيرة في سجون العدوّ، عرفوا بأننا صارحناهم بأننا أسرى يمانيون وأننا أسرى جبهات، وبعدُ، لم نرَ حقيقةً جزءًا من حرية الإنسان، كنا مقيدي الحرية إذَا أخرجوا مريضاً ويخرجوننا للتشمس في مساحة صغيرة في كذا شمسية يعصبون العيون بالخرق السوداء الأمريكية ويكلبشوننا في اليدين ومقيّدين في الرجلين ثم يخرجوننا على عنبر عنبر على ستة عشر شخصاً أَو على عشرين شخصاً، وكل زنزانة يخرجونها بمفردها ثم يعطون في الأسبوع مرة ويكون لنا في التشميس مرة نشعر بالشمس إن كان هناك شمس وإن كانت ضباباً فلا يخرجوننا نبقى أسبوع أسبوعين وثلاثة أسابيع ونبقى من شهر لا نرى الشمس؛ خرجنا من الأسر وَأمضينا شهرين كاملين لم نرَ من نهاية شهر رجب الماضي الشمس أبداً.
وهناك عندما تلقينا خبر خروجنا من الأسر جاءنا الصليب الأحمر وأنه عندما جاءت اللجنة بقيادة الأخ المجاهد أبو حسين الرازحي ومعه ثلاثة من أعضاء في اللجنة وقابلونا وقالوا جاءوا لزيارتنا وأبلغونا تحيات القيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- وحرسه، وأعطانا هدية رمزية عبارة عن ألف ريال سعوديّ لكل أسير تقبلناها هناك، وَتركونا أن تنام متى شئت وأن تصلي كيفما شئت، وأن تتكلم هذه الزنزانة مع الزنزانة تقابلها أَو التي بجانبها هناك، وبدأ شيء من الحرية، وكانت هناك مواقف كثيرة لا يسع الوقت لذكرها؛ لأَنَّ فيها من الرجولة والإباء والشموخ؛ حتى تم مواجهتهم بقول الشاعر:
“فَيا راكِباً إِمّا عَرَضتَ فَبَلَّغَن
نَدامايَ مِن نَجرانَ أَن لا تَلاقِيا
وَتَضحَكُ مِنّي شَيخَةٌ عَبشَمِيَّةٌ
كَأَن لَم تَرَ قَبلي أَسيراً يَمانِيا”
حتى قال لنا مدير ذلك السجن وكان برتبة العميد في آخر المطاف: أنتم لدينا هنا مقاتلون، أسرى يمنيون هذا في الأخير.
وعندما تلقينا خبر الخروج عن الصليب الأحمر في يوم 4-12-2022م؛ أخذ منا رسائل لأهالينا وَقال سيعود بعد ثلاثة أشهر، وجاءنا في منتصف شهر رمضان الكريم، فقال لنا هناك دفعة ستخرج منكم، فأخرجوا من بين ذلك السجن المقر الواحد نحو 53 أسيراً، أخرجوهم إلى انفراديات ولم نرهم ولم يخرجوا بعدنا، فأخرجونا نحن والذين كنا نحو مئتين وأربعين أَو وخمسين أَو وستين وهكذا، وهناك أسرى كما نعلم في الرياض كانوا يذهبون بهم وأخبرنا الصليب الأحمر بمن اختفى علينا ثلاثة أَو أربعة أشخاص يعني هل نالوا الشهادة أَو كذا يعني أبلغناهم بأسمائهم وأعمارهم.
– صف لنا شعوركم عندما تلقيتم خبر خروجكم من الأسر؟
شعورنا لم نكن بالفرحة التي وصلنا إليها عندما وصلنا إلى صنعاء، كنا متكلين على الله ومتى خرجنا ومتى كتب الله لنا، وكان الأمل أن يخرج الأسرى من بلغوا كبراً في السن أَو من كانوا جرحى يعانون من جراحاتهم والذين مضت عليهم فترات من ثماني سنوات وسبع سنوات ولم يخرجوهم إلا معنا ومنهم من بقي بين الثلاثة والخمسين أسيراً.
– كيف وجدتم الاستقبالَ الشعبي والرسمي لكم من قبل الشعب اليمني وحكومة صنعاء؟
الاستقبال الشعبي والرسمي لم أكن أتوقعه ولم أتخيل بأن سيكون بتلك الصورة؛ فأنسانا أنا وجميع زملائي الأسرى كُـلّ ما عانيناه وهانت علينا كل مصيبة وكل ألم رغم ما كنت أعانيه من ألمٍ في أحد صمامات القلب؛ بسَببِ جلطتين سابقتين في 2009م وَ2010م، وكان صمام القلب لدي ناعس ولدي ارتفاع في ضغط الدم وأربع فقرات في الرقبة مستأكلة غضاريفها العظمية، أصبت بها حين ذاك بآلام المخ والأعصاب إلى مشاكل في أضلاعي في الجانب الأيسر وكذلك مشاكل في الكلى مع قلة المياه عندما كنا في الكبائن، المياه كنا نشرب من حنفية في باب الحمام والأكل كان نظيفاً، لكن كان ذلك المعهود، وَعندما وقعت صرختان كبيرتان هناك في السجن في شهر ذي القعدة قبل عامين وَفي منتصف شهر رجب قبل أن نخرج بشهر ونصف أَو شهرين ونصف، وكذلك إضراب عن الطعام مرتين؛ بسَببِ إفرادهم زملاءَ من الأسرى، أسير مع أخيه الشقيق وَإضراب عن الطعام وصرخة؛ بسَببِ تصرفات الجنود مع أحد المرضى الأسرى سحبوه فتمت المواجهةُ معهم بعنف من إدارة السجن للأسرى جميعاً.
– ما الذي دفعكم للجهاد في الجبهات وأنتم في هذا السن بينما أمثالكم لم يتحَرّكوا؟
الذي دفعني للجهاد في الجبهات بعد أن رأيت تلك المرأة اليمنية في الخوخة التي تعرضت لاغتصاب من قبل السودانيين، وثانياً قد وجب؛ لأَنَّ الجهاد فرض عين على كُـلّ مستطيع وقادر على حمل السلاح؛ الله أوجبه ولم يكن فرض كفاية بل هو فرض عين، فماذا نريد من الأعداء وقد أغاروا على اليمن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً؟! أينتظر اليمني حتى يأتي جنود العدوّ التحالف إلى داخل بيوتنا في مدننا وقُرانا؟! كلا وألف كلا وهذا لا يمكن.
– ما الرسالة التي تودون توجيهَها للعدو بعد خروجكم من الأسر؟
الرسالة للعدو بعد الخروج من سجنه أنا أقولها في نفسي من حَيثُ ما أسرت سأعود بإذن الله.
– ما رسالتكم للقيادة التي سعت جاهدة لإخراجكم من الأسر؟
أما الرسالة التي أقولها للقيادة أنه وكما كثير من الأسرى عرفوا حقيقة الجهاد ومعنى العدوّ حقيقةً بعد أن وقعوا في الأسر، وبعد خروج الكثير من الأسرى عرفوا أن هذا هو العدوّ الحقيقي ولا يمكن أن ينام أسير إلا إذَا كان معذوراً أن ينام في داره بعد أخذ فترة استراحةٍ إلا ويكون هناك؛ لأَنَّه قد عرف حقيقة العدوّ وكيف يؤتى وذهبت الجهالة عن التكتيكات العسكرية والذهنية والنفسية والعزيمة والإرادَة والإباء والعزة والكرامة والشموخ هي من الآن وصاعداً.
ليثقوا بالله أننا كما ذهبنا في السابق وكما خرجنا من الأسر سنعود بإذن الله إلى حَيثُ كنا والله هو المعين.
– ما هي رسالتكم للمرابطين في الجبهات وكذا لبقية الأسرى الذين لا يزالون في قيد الأسر؟
الرسالة للمرابطين في الجبهات وللأسرى المتبقين في سجون العدوّ؛ أن الذي يؤلمني هو بقاء مجموعة من إخواننا الأسرى ومنهم شائب أكبر مني بـ 21 سنة وهو الحاج أحمد علي علي المطري من مديرية مستبا من محافظة حجّـة، وعمره 81 عاماً وله في الأسر 5 سنوات فأخرجوه من عندنا مع 53 أسيراً ولا نعرف إلى أين، وكان ذلك حسرة.
ونقول للمرابطين اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، العدوّ يهاب حتى صوت الأسير داخل السجون، الأعداء يهابونه، لماذا يرفع صوته، لماذا يتكلمن كانت الاستقامة داخل الزنازن هي التي تقلق العدوّ، الاستقامة وقراءة القرآن والصلوات والكلام الموزون.
– كلمة أخيرة تحبون إضافتها عبر صحيفة المسيرة؟
الكلمة الأخيرة لصحيفة المسيرة أقولها على الإخوة القائمين في المراكز الثقافية والعسكرية وبالأخص القائمون على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة عليكم عبء كثير الثقافة الثقافة، إياكم وأن تأتي الحرب الناعمة وهي جارية أن تغر مجاهد في مراكزكم، أنتم أقوى ممن هو بالسلاح في الميدان؛ فيجب الحفاظ بالكلمات فيما يخدش الحياء أَو الكلام الهابط، العدوّ لا يقلقه إلا الكلام اليابس الكلام الواقعي الذي يتطابق مع واقع الحياة الميدانية.
ونقول للإخوة المجاهدين المرابطين عُمُـومًا في الجيش اليمني بمختلف التشكيلات والوحدات: إن في هذه المراكز يخاف العدوّ من الكلام الحساس عندما يؤتى بمواضع تاريخية يفكر العدوّ من هم اليمانيون وما تاريخهم وكيف يجب أن يكونوا، ويتعالى الثقافيون والإذاعيون والصحافيون والسياسيون وَالمقاتلون ومن هم في مراكز البناء مثل المراكز الصيفية، يجب أن تؤخذ الكلمة معناها؛ لأَنَّ مواقعكم أكبر من مواقع المدفع والصاروخ في الميدان؛ فدمتَ يا شعب الإيمان والحكمة غاليًا، ودام ويدوم هذا البلد الأغلى، وصبراً، وإن غداً لناظره قريب.