لبنان.. ذكرى التحرير والانتصار..بقلم/ غازي منير
تاريخ 25 أيَّار/ مايو 2000 م هو ذكرى تحرير جنوب لبنان ودحر الاحتلال الإسرائيلي وهو ذكرى عظيمة ومجيدة وخالدة بتاريخ الإسلام وليس لبنان فحسب وفيه الكثير من الدروس والعبر التي يجب الاستفادة منها.
لأن مجاهدي حزب الله أثبتوا للعالم أن وعد الله حق مهما قَلت إمْكَانيات المؤمنين وقَل عددهم وعدتهم، ومهما عظمت إمْكَانيات اليهود وكثر عددهم وعدتهم إلا أنه بإمْكَان المؤمنين الصادقين في إيمانهم وتوليهم لله ورسوله وأهل البيت -عليهم السلام- وبتمسكهم بكتاب الله وثقتهم بالله ورهانهم وتوكلهم على الله يستطيعون أن يغلبوا اليهود وإن كان عددهم وأسلحتهم لا تذكر أمام عدد اليهود وما يمتلكون من أسلحة حديثة ومتطورة ومجهزة بأحدث التكنولوجيا، فاليهود قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله وإن امتلكوا عوامل النصر المادية ككثرة العدد والإمْكَانيات والأسلحة الحديثة إلا أنهم لا يمتلكون عوامل النصر المعنوية التي لا يكون النصر إلا بها، فأولياء الله يثقون بوعود الله في القرآن الكريم وبالاستخبارات التي معلوماتها مؤكّـدة 100 % فقد أعطاهم الله معلومة مؤكّـدة أن العزة والنصر والتمكين للمؤمنين الصادقين بقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ…) وقوله: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، ولدى المؤمنين معلومات تؤكّـد لهم أنه لا يمكن لأية قوة في هذه الأرض أن تقف أمامهم في ما إذَا كان إيمانهم بمفهومه القرآني الصحيح، أخبرهم الله حقيقة: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى، وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ).
فجنود الله يمنحهم الله القلوب المطمئنة والمعنويات التي تعانق عنان السماء والثقة المطلقة أنهم هم الغالبون وأن أعدائهم اليهود والمنافقين عاقبتهم الزوال والخسران والخيبة والندم.
ومن هذه الذكرى المجيدة سيستلهم كُـلّ مؤمن صادق العزم على التحَرّك أكثر إلى التوجّـه إلى الله وإلى تقوى الله والجهاد في سبيله وإلى ابتغاء العزة والرفعة والنصر منه وحدَه وإلى الطمع في ما عنده وحده ولن يخافوا من سواه بتاتاً.
وسيجدون في هي هذه الذكرى مصداقية وعود الله في القرآن الكريم ورؤية آيات الله ماثلة أمام أعينهم؛ فيتحَرّكون أكثر إلى الاعتصام بحبل الله والجهاد في سبيله ونصره المستضعفين في الأرض ومقارعة الطغاة الظالمين الجبابرة وكلّ أذنابهم وزبانيتهم منافقو الأعراب، الذين قال الله تعالى لنبيه الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم- في سورة المنافقون أنهم: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) وهم الذين يعملون نيابة عن اليهود وينفذون مخطّطاتهم وأجندتهم ويقومون بإعاقة جنود الله عن الوصول إلى قضيتهم المركزية المتمثلة في تحرير القدس واستئصال الغدة السرطانية إسرائيل وعن نشر دين الله وإقامة العدل في كُـلّ أرجاء المعمورة ولكن عاقبتهم هي الخسران والندم يقول الله: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ).
وستشهد المنطقة تغيراً استراتيجياً في الأيّام القليلة القادمة بإذن الله تعالى، كما نرى عدة مؤشرات تشير إلى هذا، وكما نشاهد الانتصارات المذهلة المتتالية لمحور المقاومة، وتطور متسارع لأسلحتهم وتقنياتهم، وفي المقابل انهيارات واسعة في صف الباطل بدءًا بإسرائيل وانتهاء بعملائها في اليمن.
وأيضاً تعمل حركات محور المقاومة على الاعتصام بحبل الله ويكونوا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص وعلى توحيد المعركة وإن اختلفت الجغرافيا، فالطاغوت هو الطاغوت وأنصاره وداعميه هم أنصاره وداعميه في كُـلّ البلدان، والحق هو الحق وأنصاره وداعميه هم أنصاره وداعميه في كُـلّ البلدان، والقضية واحدة وتجمعنا روابط الدين والإسلام والرب واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والكتاب واحد والأخوة الإيمانية التي هي أعظم درجة من أُخوَّةِ النسب.
والله غالب على أمره ومتم لنوره، وما النصر إلا من عند الله، والعاقبة للمتقين.