الصرخةُ من منظور خطابات قائد الثورة
المسيرة | عباس القاعدي
حملت خطاباتُ قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، عن شعار الصرخة العديد من الرسائل والقضايا الجوهرية التي تلامس واقع الأُمَّــة وما يحاك ضدها من مؤامرات، والتذكير بالقيم والمبادئ والأهداف التي حملها مشروع الشهيد القائد حسين بدر الدين، في مناهضة أعداء الله والإسلام، وسرد للوقائع والإرهاصات التي تعرض لها الشهيد القائد؛ جَرَّاءَ دورِه في التحذير من الأحداث التي شهدتها المنطقة وخَاصَّة اليمن، وما مثّله مشروع الصرخة في مناهضة الظلم والعمل على استنهاض الأُمَّــة، وتوضيح مفاهيم الدين وترسيخ مبدأ الولاء لأولياء الله والعداء لأعداء الله، رغم الهجمة العدائية لمحاولة وأد المشروع القرآني وإسكات هذا الشعار.
وقدمت خطابات قائد الثورة عن الصرخة قراءة موضوعية لخلفيات تأسيس وانتشار المشروع القرآني وشرح أبعاد وأهداف شعار الصرخة؛ باعتباره منهجاً عمليًّا يوجِّهُ الأُمَّــة في طريق مواجهة الأعداء وإيجاد جيل واعٍ بدينه وأعدائه وعنواناً لبناء الأُمَّــة عسكريًّا واقتصاديًّا، والنهوض بمشروع حضاري يُبنى على الهُــوِيَّة الإسلامية.
نقلة نوعية وواقعية:
وفي هذا الشأن فَــإنَّ الصرخة من منظور خطابات قائد الثورة لها العديد من المميزات والإنجازات العملية التي نستعرضها في هذا التقرير، منها أنها حقّقت نقلة نوعية نفسية ومعنوية وواقعية لدى الشعب اليمني والأمة الإسلامية، وفي نفس الوقت حقّقت نقلة حكيمة، من حالة الجمود، ومن الحيرة، واللا موقف، ومن الوضعية الخطيرة، التي غاب فيها عن الناس: الرؤية الواحدة، والموقف الواحد، والتوجّـه العملي، والتعامل بمسؤولية، من واقع الشعور بأننا الطرف المستهدف من المؤامرات الأمريكية، حَيثُ تحقّقت تلك النقلة من خلال النشاط التوعوي في أوساط الشعب، في أوساط الأُمَّــة، لتوعيتها تجاه المخاطر الكبيرة التي تعيشها، تجاه المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، وكذلك لإفشال الكثير من الأنشطة المعادية، التي يتحَرّك بها الأمريكي والإسرائيلي في واقع الأُمَّــة، وبالنشاط التوعوي أصبح الشعب يزداد وعياً ويدرك طبيعة الخطر ويحس بالمعاناة ويدرك حجم الاستهداف يوماً إثر يوم؛ لأَنَّ الشواهد كثيرة والمتغيرات والأحداث كفيلة بأن تقدم أَيْـضاً ما يشهد على ما تضمنه المشروع القرآني المتميز من حلول ناجحة لكل مشاكل الأُمَّــة؛ فكانت هذه النقلة، نقلة مهمة جِـدًّا، من تلك الوضعية، التي هي وضعية خطيرة، إلى التعامل بوعيٍ، ومسؤولية، ورؤية صحيحة، وموقف ثابت، وتوجّـه عملي، وبما هو متاح، وممكن، ومؤثر في نفس الوقت.
كسرت حاجز الخوف:
ووفقاً لخطابات قائد الثورة فَــإنَّ شعار الصرخة حطم جدار الصمت وأخرج الأُمَّــة من حالة السكون إلى الموقف الإيجابي والى طريق النور وكسر حاجز الخوف، الذي كان جاثمًا على الناس، من أن يتكلموا، وأن يعبِّروا عن سخطهم تجاه ما يعمله أعداؤهم، ما تعمله أمريكا، ما تعمله إسرائيل، من استهداف لشعوبنا وأمتنا، وفرض إملاءات ظالمة، لها عواقب سيئة على شعوب أمتنا.
فأَنْ يعبر الناسُ عن سخطهم، أن يكون لهم موقفٌ، حتى على مستوى الكلمة، كانت حالة الخوف قد انتشرت بشكلٍ كبير في أوساط الشعوب، الخوف ابتداءً من أنظمتها، من حكوماتها، من زعمائها، خوف كبير منهم، وحالة الخوف تلك خطيرة على الشعوب؛ لأَنَّها تكبل وتقيد الشعوب، تكبل الأُمَّــة عن التحَرّك تجاه مؤامرات الأعداء في التصدي لها.
ولذلك كان شعار الصرخة كاسرًا لحاجز الخوف، وكان محرّراً من حالة الذلة، التي أثرت على الكثير من الناس، إلى درجة ألَّا يجرؤوا على الكلام، أفقدتهم تلك الحالة من الخوف والرعب، إلى درجة الجبن والخوف الشديد؛ حتى فقدوا الجرأة على الكلام، على التعبير عن موقفهم.
كما كسرت الصرخة حاجز الصمت، ومساعي الأعداء لتكميم الأفواه؛ لأَنَّهم لم يكتفوا -فقط- بفرض حالة الهزيمة النفسية، والسعي لترسيخها، وإنما عمليًّا حاولوا منع الناس من أن يتكلموا، عملوا على تكميم الأفواه، حاولوا أن يسكتوا الناس، وأن يمنعوا أي صوتٍ حر تجاه مؤامرات الأعداء، أَو يستنهض الأُمَّــة، أَو يحركهم، يحرك الأُمَّــة، أَو ينشر الوعي، فهو كسر حاجز الصمت ومساعي الأعداء لتكميم الأفواه، وسعيهم لمنع أي تحَرّكٍ واعٍ يعيق مخطّطاتهم ومؤامراتهم، حرصوا أن تكون الساحة مفتوحة أمامهم بدون أية عوائق تؤثر على ذلك؛ ففشلوا في ذلك.
ويؤكّـد قائد الثورة أن الشعار أفشل مساعي الأعداء في ترسيخ الهزيمة في نفوس الناس، وكسر حاجز الصمت بعد أن عمل الأعداء على تكميم الأفواه، وثبت بوصلة العداء نحو العدوّ الحقيقي للأُمَّـة بعد الحرب الأمريكية التضليلية التي سعت لصرف حالة السخط إلى أعدائها من أحرار الأُمَّــة، كما كسر حالة الاستسلام والتدجين والصمت، التي يُراد لها أن تُفرض على شعوب هذه الأُمَّــة؛ لأَنَّه أراد لشعوبنا كلها: أن تبقى في مقابل ذلك التحَرّك الأمريكي والإسرائيلي، أن تبقى صامتة، وأن تبقى تحت حالة الاستسلام، وأن تبقى في حالة جمود، ليس مسموحاً لأحد أن يكون له موقف يناهض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، يتصدى للحملة الأمريكية، ليس من المسموح لأحدٍ أن يكون له صوت، ولا أن يكون له موقف، ولا أن يتحَرّك تحَرّكاً مغايراً للموقف الرسمي العربي، الذي اختار حالة الاستسلام، والاستجابة المطلقة للسياسات الأمريكية، والانضواء الكامل تحت الراية الأمريكية، والتقبّل التام لكل ما تريده أمريكا في بلداننا، تحَرّك هذا المشروع القرآني يشق طريقه مهما كان حجم الصعاب والظروف والتحديات والأخطار.
صوتٌ وموقف:
ولأن شعار الصرخة يمثل صوتاً للأُمَّـة ضد أعدائها ويعبر عن سخطها واحتجاجها على المؤامرات التي تستهدفها وأوجد حالة كبيرة من السخط قائمة في أوساط الأمة تجاه اليهود والنصارى وأمريكا وإسرائيل والمنافقين، يؤكّـد قائد الثورة في خطاباته أن شعار الصرخة يعبر عن سخط الأُمَّــة واحتجاجها وعدم تقبلها لما يفعله أعدائها وعدم سكوتها تجاه المؤامرات التي تستهدفها، وأول ما ينبغي تجاه ما يفعله الأعداء أن يكون لنا صوت وموقف نعبر فيه عن احتجاجنا ورفضنا من مؤامراتهم التي تستهدفنا كأمّة مسلمة وأن يكون الصوت قوياً وواضحًا.
ورغم الحملات الدعائية، والتشويه، والأكاذيب، والضغط على المجتمع بشكلٍ كبير؛ لمنعه من أي تعاطف، أَو تعاون، وإفراط في المحاربة بكل أشكالها، لإيقاف صوت الصرخة، مع ذلك فشلت كُـلّ تلك الجهود في إيقاف هذا الصوت، في إنهائه، في القضاء على هذا المشروع العظيم، وكان يقوى، بالرغم من كُـلّ ما فعلوه، وكان يزداد صلابة، ويحقّق الانتصارات شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل إلى المستوى الذي هو عليه اليوم.
كُـلّ هذا التماسك، والانتصار، والنجاح، والتجاوز لتلك العوائق الكبيرة جِـدًّا، هو شاهدٌ على عظمة هذا المشروع، وعلى عظمة ثقافته القرآنية، التي تعزز الثقة بالله “سُبْحَانَهُ وتَعَالَى”، والتوكلُ على الله، والأمل بنصره “سُبْحَانَهُ وتَعَالَى”، والتي تصنع الوعي العالي تجاه الأعداء، ومؤامراتهم، ومخطّطاتهم، وترسم الخطوات العملية الصحيحة تجاه ذلك، وتحيي الشعور بالمسؤولية، وتربي التربية الإيمانية، على العزة، والكرامة، والقيم العظيمة، وترسم البرنامج العملي البنّاء، الذي يبني الأُمَّــة وينهض بها، وفي نفس الوقت يحظى من ينطلقون على أَسَاسها برعاية الله، بمعونة الله “سُبْحَانَهُ وتَعَالَى”، برحمته، بفضله العظيم، بتأييده الذي وعد به عباده الصابرين، الصادقين، الثابتين.
تحصينُ الأُمَّــة:
وتوضح خطابات قائد الثورة أن للصرخة مميزات مهمة تتمثل في تحصين الأُمَّــة من الاختراق وتتصدى لمساعي التطويع والموالاة؛ لأَنَّ من أكثر ما ركز عليه الأعداء والعدوان أن يحوّلوا الشعب اليمني والأمة إلى حالة التطويع، والخضوع لأمرهم، وتنفيذ مؤامراتهم، وأن يكون مواليًا لهم، وأن يوجه كُـلّ إمْكَاناته وطاقاتها لخدمتهم، ولمصالحهم، على حساب الاستقلال والحرية والكرامة والعزة.
فالشعار، والمشروع القرآني بكل عناوينه، وبرنامجه العملي يحصن الأُمَّــة من الاختراق، يتصدى لمساعي الأعداء في ذلك؛ لأَنَّه يُحَرِّك الحالة العامة الشعبيّة ضد الأعداء، في حالة من التعبئة وتوجيه السخط نحو الأعداء، وفضح مخطّطاتهم أولًا بأول، وكذلك تجاه مساعيهم في أن يهيئوا الظروف لتقبل الدعايات المخادعة، التي يحاولوا أن يخدعوا بها الشعوب، مثل: عنوان التحرير، جعلوه عنوانًا للاحتلال، وعنوان حقوق الإنسان، وعنوان الديمقراطية، وغيرها من العناوين التي كانت مُجَـرّد عناوين زائفة، وكان وراءها الاستهداف، والشر الكبير الذي يستهدف أبناء هذه الأُمَّــة.
وفي السياق ذاته فَــإنَّ الشعار بنى واقعاً في مواجهة ما تعتمد عليه أمريكا وإسرائيل من الاختراق والتطويع، وحصن الساحة الداخلية للمسلمين من الاختراق، فالاستهداف الأمريكي كان شاملًا في كُـلّ المجالات، ولهذا فَــإنَّ الأُمَّــة كانت وما زالت بحاجة للتعبئة لتكون في حالة يقظة ووعي تجاه مؤامرات الأعداء ولتتحصن من عملية الاختراق والاستقطاب، ولهذا يقول قائد الثورة في خطاباته: “إن الشعار يهدف إلى تحصين الساحة الداخلية لأبناء الأُمَّــة من الاختراق والاستهداف الأمريكي، استهداف شامل للأُمَّـة في كُـلّ شيء، يستهدفها فكرياً وثقافيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا، ويعمل على ترسيخ الانتماء للإسلام وحالة العداء لأعداء الأُمَّــة وتحصينها من الاختراق والعمل على بنائها لتكون بمستوى الموقف القوي”.
وَأَضَـافَ “تحتاج الأُمَّــة في واقعها الداخلي إلى حالة تعبئة لتكون في حالة يقظة وانتباه ووعي تجاه تحَرّكات ومؤامرات الأعداء وتحصينها من اختراقهم ونفوذهم وتأثيرهم الذي يتجه حتى إلى الاستقطاب وكسب الأُمَّــة لتكون موالية ومناصرة ومتقبلة لسيطرة أعدائها عليها، وتحتاج إلى تعبئة بالحالة العدائية حتى لا تتقبل الأعداء ولا تواليهم ولا تقف في صفهم.
وفيما يتعلق بأهداف الصرخة العملية، يؤكّـد السيد القائد أن الشعار يهدف إلى تحصين الساحة الداخلية لأبناء الأُمَّــة من الاختراق كنشاط تعبوي وتثقيفي واسع اتجه إلى مواقف وخطوات عملية مرسومة ومحدّدة تضمنتها الثقافة القرآنية وصحبه موقف آخر هو المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.
فضح الأمريكيين والعملاء:
وكون شعار الصرخة فضح الأمريكيين في أهم دعاياتهم وكشف حقيقتهم وأنه لا حرية لديهم ولا ديمقراطية ولا حقوق إنسان، لا في منهجهم ولا في ممارساتهم وتصرفاتهم ولا في سياساتهم أبداً، بل إنهم وحوش مفترسة للشعوب، وكذلك فضح المشروع العدواني الإرهابي الاستعماري الأمريكي الإسرائيلي في اليمن، وفضح الحكومات العميلة والزعماء العملاء الذين جندوا أنفسهم مع الأمريكي والإسرائيلي، لخدمة مؤامرات الأمريكي والإسرائيلي ضد أبناء الأُمَّــة، وفضح التكفيريين وكشف حقيقتهم، تبين خطابات السيد القائد أن الأمريكي والإسرائيلي ودول العدوان لم يطيقوا الصرخة وتوجّـهوا بالعداء الشديد للمشروع القرآني، والمحاربة الشديدة له.
كما أن الشعار فضح مكائد الأعداء وذرائعهم والتي تمثلت في أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي اعتمدت عليها أمريكا كذريعةٍ تمثّل خدعةً كبرى، واستعملتها كمبرّر لاستهداف العالم العربي والإسلامي، وللسيطرة عليه واستحكام قبضتها عليه، ولهذا تستمر المؤامرة الكبرى، مؤامرة العصر، مؤامرة الفتنة الطائفية، حَيثُ يستمر العمل ليل نهار بكل الوسائل والأساليب، وعلى المستوى الثقافي والتعبوي والإعلامي، نشاط مكثّـف وجهد مُستمرّ في محاولة دؤوبة لإثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الأُمَّــة الإسلامية، الوضع العربي العام، انعدام المشروع، حالة التفكك، وحالة التفرّق، حالة الارتهان على مستوى الأنظمة العربية، التطورات أَيْـضاً السلبية في فلسطين المحتلّة، واستمرار حالة التخاذل الرسمي والشعبي، إضافة إلى الخطر المتزايد على الأقصى الشريف، كُـلّ هذه الأحداث التي يشهدها عالمنا العربي، وأمتنا الإسلامية، تمثّل دليلاً قاطعاً وشاهداً واضحًا على أحقية ومصداقية شعار الصرخة ومشروعها القرآني والعملي النهضوي، الذي يبنيها النشاط الثقافي لتكون الشعوب في مستوى مواجهة الأخطار والتحديات، ولحمايتها والدفاع عن دينها وحريتها وأرضها وعرضها ومقدراتها واستقلالها.
ولهذا فَــإنَّ للصرخة دورًا كَبيراً في كشف مؤامرات العدوان الأمريكي السعوديّ التي شملت تهديد الشعب اليمني، ومصادرة كرامته وحريته واستقلاله وطمس هُــوِيَّته وانتمائه، وكذلك كشف مساعي دول العدوان الهادفة إلى تمكين العدوّ الإسرائيلي ليكون هو الوكيل المباشر في المنطقة للغرب وأمريكا، والسيطرة المباشرة على اليمن، وما يجري في المحافظات المحتلّة يؤكّـد ذلك.
كما أن الشعار فضح عملاء أمريكا وفي مقدمتهم الوهَّـابيين التكفيريين والمتصهينين الذين يعملون لمصلحة الأعداء اليهود والنصارى وأمريكا وإسرائيل ويرتمون في أحضانهم في مشروع عدواني تدميري ضد اليمن والأمة العربية والإسلامية وضد الإنسانية جمعاء، ولهذا بيّنت الصرخة فصولاً ظلامية كثيرة من المشروع الأمريكي وأهدافه وأساليبه وطبيعة تحَرّكه بشكلٍ لا يدَعُ للتخمين ولا للمتشكِّكين فرصةً في التنصُّل أَو التكذيب، وبشكلٍ فضح عملاء هذا المشروع وأدواته في المنطقة العربية فضيحة لا يمكن التغطية عليها، وشخَّص الوضعية العربية والإسلامية بوعي عالٍ وعميق وبدقة.
تنوير ونهضة:
ولأن الشعار كان خطوة عملية مهمة لمواجهة مشروع النفاق والتدجين، يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: “إن شعار الصرخة في وجه المستكبرين صار عنواناً لمشروعٍ توعوي وتنويري نهضوي لمواجهة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية”.
مؤكّـداً أن من أخطر ما يعاني منه شعبنا وتعاني منه أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وفي كثير من أقطار العالم الإسلامي هو حالة التدجين، الدور السلبي الذي تمارسه بعض القوى في تدجين الأُمَّــة، وفرض حالة الاستسلام، وتَقَبُّل حالة الهيمنة من جانب الأعداء واستساغتها بما لذلك من عواقب سيئة على الناس في دنياهم وفي آخرتهم هذا هو الخطأ، المخطئ حقاً والذي يسيء إلى أبناء دينه وإلى أمته وإلى نفسه، من يمارس دور التدجين، هو الدور الهدام غير المقبول غير المنسجم لا مع هُــوِيَّة الأُمَّــة ولا مع مصلحة الأُمَّــة، لا ينسجم هذا الدور التدجيني لا مع مصلحة الأُمَّــة ولا مع هُــوِيَّة الأُمَّــة، أمّا هذا المسار الممانع، هذا المسار النهضوي، هذا المسار الحُرّ، الذي ينسجم مع هُــوِيَّة الأُمَّــة وينسجم مع مصلحة الأُمَّــة، فهو المسار السليم والصحيح.
وتجسيداً لصوابية التحَرّك والموقف والثبات التي اتخذها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، خياراً له في إعلان البراءة من أعداء الله، تحدث السيد عبدالملك عما حقّقه المشروع القرآني من انتشار واسع في مواجهة المؤامرات، قائلاً: “توجّـه الشهيد القائد بعد كُـلّ ما تعرض له من حروب ومؤامرات أصبح أقوى وأكثر حضوراً من أي وقتٍ مضى”.
وتكمن أهميّة ومفهوم الشعار، بما يمثله من خطوة عملية لمواجهة رأس الشر أمريكا وإسرائيل كمشروع جامع لاستنهاض الأُمَّــة وتصحيح وضعها بالعودة إلى القرآن الكريم؛ وهذا ما أشار إليه السيد القائد بأن الشعار أتى لكسر حالة الصمت والسكوت التي أراد الآخرون فرضها على الأُمَّــة من الداخل، في مقابل الهجمة الهائلة والشاملة من جانب أعداءها.
مرضاةٌ لله ونجاةٌ من سخطه:
وعن الذكرى السنوية للصرحة في وجه المستكبرين، يؤكّـد السيد القائد أن الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين، هي مناسبةٌ مهمةٌ، للمزيد من التعبئة، ولرفع مستوى الوعي عن أهميّة الموقف الحق تجاه أعداء الله، أعداء الأُمَّــة، أعداء الإنسانية، وللاستنهاض للشعوب.
وللتأكيد على صوابية الخيار وأحقية الموقف، يقول قائد الثورة: “إن ذكرى الصرخة مناسبةٌ نتوجّـه فيها بالشكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، على نعمة التوفيق، التوفيق للموقف والمشروع، الذي هو مرضاةٌ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفيه نجاة لنا -لمن ينطلق في هذا المشروع، للأُمَّـة- من العواقب الوخيمة والخطيرة للتنصل عن المسؤولية الدينية، والإنسانية، والأخلاقية، المسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في الموقف من أعدائه الظالمين، وهجمتهم، وطغيانهم لاستهداف أمتنا في دينها ودنياها، الموقف الذي بدونه يتحَرّك الأعداء ولا يواجهون أية عوائق تحول دون تنفيذ مؤامراتهم، وبالتالي يسلَّطون على هذه الأُمَّــة؛ عندما تتنصل عن مسؤوليتها تجاه نفسها وتجاه دينها، تجاه حاضرها ومستقبلها”.
فالتوفيق في الموقف، الذي هو مرضاةٌ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ونجاةٌ من سخط الله، من عواقب التفريط الوخيمة في الدنيا وفي الآخرة، نعمة كبيرة تستحق الشكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ثم هي مناسبةٌ أَيْـضاً ذات أهميّة كبيرة في التوضيح للحقائق، تجاه ما وجه به المشروع القرآني من تشويهٍ ومحاربة.
ولهذا فَــإنَّ مشروع الصرخة في وجه المستكبرين لم يكن مشروعاً عفوياً أَو موقفاً ارتجالياً بل كان نابعاً من رؤيةٍ قرآنية ومن واقعٍ مرير تعيشه أمتنا، ومؤامرات رهيبة فرضت على أن يكون هناك موقف إسلامي جاد، وقد كانت انطلاقة الشهيد القائد بشكل عام نابعَةً من استشعاره المسؤولية أمام الله، حَيثُ يوضع دوافع انطلاقته في محاضَرة (الصرخة في وجه المستكبرين) بقوله: ((ما يفرضه علينا دينُنا، ما يفرضه علينا كتابُنا القرآنُ الكريمُ من أنه لا بدَّ أن يكون لنا موقفٌ من منطلق الشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، نحن لو رضينا –أَو أوصلنا الآخرون إلى أن نرضَى– بأن نقبَلَ هذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر، أن نرضى بالضَّعَة، أن نرضى بأن نعيشَ في هذا العالم على فُتاتِ الآخرين وبقايا موائد الآخرين، لكن هل يرضَى الله لنا عندما نقفُ بين يديه السكوت؟ من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبَل.
حريةٌ وبناءٌ وتَـصَــدٍّ:
وبشأن حاجة الأُمَّــة إلى تعبئة بالحالة العدائية حتى لا تتقبل الأعداء وتوليهم وتقف في صفهم، يؤكّـد قائد الثورة في خطاباته أن إعلانَ هُتاف البراءة من أعداء الله شعارٌ للحرية والكرامة والإباء، معتبرًا الشعار، براءة من أعداء الله والأمة وأعداء الإنسانية الذين يتحَرّكون بشرهم وطغيانهم وجرائمهم من أعمال قتل وانتهاك للأعراض ونهب للثروات ونشر الضلال وطمس للهُــوِيَّة الإسلامية، ما يتطلب أن يكون هناك صوت للبراءة منهم وأفعالهم.
ويؤكّـد أن شعار الصرخة جاء للتصدي لثقافات ومفاهيم خطيرة يريد الأعداء ترسيخها في أوساط أبناء الأُمَّــة على الساحة الإسلامية والعربية، ومواجهتها وترسيخ ثقافة أصيلة معبرة عن الموقف الحق والوعي تجاه الأعداء ومؤامراتهم، موضحًا أن الشهيد القائد اتخذ خياراً لتحصين مجتمعنا المسلم من الداخل ورفع مستوى الوعي والدفع به إلى الموقف الجماهيري الواسع على أَسَاس المشروع القرآني، الذي يحصن الشعوب ويعمل على تعبئتها وتوعيتها لتتعامل مع أعدائها كأعداء وتسعى لمنع نفوذهم في داخلها.
وبيّنت خطابات السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن شعار الصرخة عنوان لبناء الأُمَّــة عسكريًّا واقتصاديًّا وفي كُـلّ المجالات والنهوض بمشروع حضاري يُبنى على الهُــوِيَّة الإسلامية، إضافة إلى أنه كشف زيف شعارات أعداء الأُمَّــة في حرية التعبير والرأي.
فالواقع أثبت أن شعار الصرخة هو السلاح الذي أرهب وأخاف وأرعب قوى الاستكبار أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وتحالفاتها الدولية، وأن سماعهم له بمثابة صواريخ وقنابل ورصاصات تخترق قلوبهم وأجسادهم وتهدّد حياتهم واستقرارهم أكثر من المفاعلات النووية، وتأكيداً على ذلك فَــإنَّ أمريكا لم تتحمل سماع شعار الصرخة، حَيثُ شنت حربها عبر أدواتها العملاء الخونة قيادات الخيانة من النظام السابق التي ما زالت تساندهم وتدعمهم اليوم في عدوانها على اليمن بعد أن فشلت في إطفاء نور الشعار الذي أضاء طريقَ الحق للشعب اليمني وأصبح صارخاً يتوسع بالانتشار العالمي.
ثقافة ورؤية:
وما يتفرع عن الشعار من خطوات عملية، وبرنامج عمل متكامل، يبني الأُمَّــة، يرتقي بالأمّة، يواكب كُـلّ المستجدات التي تأتي في إطار الصراع مع الأعداء، يعالج الكثير من الاختلالات التي تعاني منها الأُمَّــة، وأصبحت عاملًا أَسَاسيًا من عوامل ضعفها وعجزها، وشتاتها وفرقتها، وتمكين أعدائها منها، وفتح الثغرات لهم، والمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية ذات الأهميّة الكبيرة على المستوى الاقتصادي؛ وبالتالي على مجمل الأحداث والصراع، (لا بدَّ من موقف).
كما أن الصرخةَ في وجه المستكبرين -في عباراتها- تعبِّرُ عن ثقافة ورؤية وموقف، وليست كلمات فارغة، ابتداءً بالتكبير، الذي رفعه رسول الله محمد -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ- ومعه المسلمون، في مقام الجهاد، في مقام الموقف من أعداء الله، في ترسيخ الإيمان بأن الله أكبر من كُـلّ شيء، وأعظم من كُـلّ شيء، هذه الروح الإيمانية، التي تجعل الإنسان يستصغر ويحتقر كُـلّ أُولئك الطواغيت والمجرمين، مهما كانت إمْكَاناتهم.
هو أَيْـضاً موقفٌ يعبَّر عن الأُمَّــة، كُـلّ الأُمَّــة، وليس مؤطَّرًا بإطار مذهبيٍّ، أَو جغرافيٍّ، أَو فئويٍّ، لا في عباراته، ولا في مضمونه، ولا في دلالاته، ولا في أي شيء، موقف عام، وله فاعليته، وإيجابية، وتأثيره، وهو مشروعٌ ناجح، وأثبت أنه نجح في عناوينه الثلاثة: كان من الدلائل، من يومه الأول، على أنه مشروع مؤثر ومهم: مدى الانزعَـاج الجنوني الأمريكي تجاه شعار الصرخة، وتجاه المشروع القرآني بشكل عام.
فمنذ أواخر العام الأول للصرخة في وجه المستكبرين، وبعد نزول السفير الأمريكي آنذاك إلى صعدة، بدأ الانزعَـاج الأمريكي وتصاعد الموقف كلما انتشر الشعار، وجه السفير الأمريكي آنذاك بمنع الشعار، وبدأت الاعتقالات، ومُنِعَ الهُتاف، ومُنعت الملصقات، ولذلك بدأ الاستهداف وتصاعد الموقف الرسمي تبعًا لتصاعد الموقف الأمريكي.
سلاحٌ فَعَّال:
شعارُ الصرخة كذلك هو سلاحٌ فَعَّالٌ في اكتشاف المنافقين الذين يتقنون التخفي في أوساط الشعوب والمجتمعات الذين يصعب كشفهم بكل الوسائل التحليلية والنفسية، والذي أثبت الشعار أنه أكثر فعالية في تعرية وكشف حقيقة المنافقين والعملاء والخونة الذين بمُجَـرّد سماعهم لشعار الصرخة تسود وجوههم وتتقطب جباههم ويشتط غيظهم وتظهر بغضهم وحقدهم.
فبشعار الصرخة سقطت أنظمة وشعوب الأُمَّــة وأظهر حقيقة المنافقين الذين سارعوا بالعدوان على اليمن وإلى التطبيع مع إسرائيل والتخلي عن القضية الفلسطينية ومساندة ودعم العدوّ الصهيوني بالعدوان على الشعب الفلسطيني وقتل الأطفال والنساء وتدمير المباني والبنى التحتية بغزة.
وأخيرا فَــإنَّ خطاباتِ قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- عن الصرخة اتسمت بالرؤية العميقة تجاه واقع الأُمَّــة والاعتزاز بالشعار والثقة بنصر الله لعباده المستضعفين بقوله: “الأملُ بالنصر الموعود هو لعباد الله المستضعَفين الأوفياء مع دينهم وأمتهم والثابتين على الحق الواضح والصحيح”.
سلامُ الله على مبتكر الشعار، وعلى مَن أوصله إلى العالمية، وعلى كُـلِّ مَن ردّدَه؛ وهو يدركُ ويعي قيمتَه وأهميتَه.