عضو مجلس الشورى الدكتور خالد السبئي في حوارٍ لصحيفة “المسيرة”: قواتنا المسلحة تمتلكُ منظومةَ أسلحة لن يكون بمقدور السعوديّة والإمارات التصدي لها وحان الدورُ عليهم
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي
قال عضو مجلس الشورى، الدكتور خالد السبئي: إن الأعداءَ يسعَون لتحويل البلاد إلى كنتونات متناحرة وإلى مشيخات تدار من قبل قوى استعمارية هدفها نهب ثروات البلاد وخيراتها.
وَأَضَـافَ في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” أن “صنعاء تتعامل بحكمة وحنكة سياسية مع العدوان، واليمن كله سيقف بالمرصاد لأية مؤامرات”.
وأكّـد أن “قواتنا المسلحة تمتلك منظومة أسلحة لن يكون بمقدور السعوديّة والإمارات التصدي لها وحان الدور عليهم إذَا لم يجنحوا للسلام ويوقفوا عدوانهم وحصارهم على بلادنا”.
الى نص الحوار:
– بدايةً دكتور خالد.. هل يمكنُ تصديقُ أن السعوديَّةَ أرادت الخروجَ من مستنقع اليمن ومن عدوانها على اليمن في الوقت الذي تحَرّك فيه أدواتها جنوباً وشرقاً وغرباً، حَيثُ أطماعها التاريخية تكاد تكون راسخة منذ نشأتها وحتى اليوم؟
مما نتابعه ومما نحصلُ عليه من تقاريرَ ودراساتٍ تقول: إن السعوديّةَ قرّرت الخروجَ من اليمن، بعد فشلها وتحوُّل أهدافها إلى كابوس يزلزل عرشها مع تشوه صورتها أخلاقياً وإنسانياً بجرائمها التي ارتكبتها بحق أبناء وشعب اليمن أمام شعبها وأمام العالم، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدتها من اقتصادها لدفع فاتورة الحرب والعدوان؛ فيما القادم يهدّد مصيرها وبقاء نظامها واقتصادها ومشاريعها الداخلية والخارجية، وما تمارسه من انتشار وحضور في إطار أجندات العدوان الدولي؛ بهَدفِ الضغط؛ مِن أجل تحقيق بعض آمالها وطموحاتها التي لم تستطع تحقيقها في اليمن وخُصُوصاً المنافذ على البحار والمناطق الحدودية التي تحلم بأن تجني منها شيئاً، ولكن ما لم تستطع أن تجنيَه بالقوة فلن تستطيع أن تجنيَه بالسياسة والاحتيال؛ لأَنَّ اليمن اليوم بقيادة حكيمة ولن تقدم شيئاً يمس سيادة هذا البلد الكبير واستقلال قراره.
– بعد كُـلّ جولة مفاوضات يتحَرّك الأمريكيون والبريطانيون وعلى عجلٍ لإجهاض أية تسويات في اليمن.. هل هذه التحَرّكات التي تعقب أية مفاوضات ضمن لعبة تبادل الأدوار بين واشنطن وحلفائها، حَيثُ تبدو الرياض على أنها جادة نحو إحلال السلام في اليمن فيما الحقيقة أن هذا هدفه استغلال المزيد من الوقت وهذا ما حصل طيلة عام من الهدوء الكاذب؟
خلال ثمانية أعوام كانوا يعملون من خلف الستار واليوم خرجوا إلى المشهد؛ مِن أجل المزيد من الضغوطات لتحقيق أجندات ومخطّطات استعمارية تمارس على اليمن في الحقيقة منذ عقود.
واليمن منذ قرون عاش حملات استعمارية شرسة سعت لنهب ثرواته الطبيعية وموقعه الاستراتيجي، فالأمريكي كان يسيطر على اليمن منذ القرن الماضي بوكلائه المحليين والأنظمة الحاكمة، والبريطاني كان مستعمرًا لليمن ولا زال يحلم بأحلام الماضي بأن يعيد البلاد إلى مستعمراته القديمة؛ بهَدفِ تحقيق ما يستطيع تحقيقه عبر عملائه ومرتزِقته المحليين الذين لا زالوا مرتبطين به، وهم حَـاليًّا يقدمون لهم التقارير.
هذه الدول معلوم أنها من شنت العدوان علينا ولكن بأيدي الوكلاء الإقليميين الذين ينفذون أجندة المستعمر ومشاريعه التآمرية في المنطقة، وفي الوقت ذاته لدى هؤلاء الوكلاء أطماع يسعون ورائها في بلادنا.
هنا أقول لهؤلاء المتطاولين على اليمن بكل تاريخه وحضارته بألا يغتروا بالتقارير الوهمية التي ترفع لهم من عملائهم، فمن وقفوا في الماضي والحاضر أمام أطماع المحتلّين سيقفون لكم اليوم ولن تستطيعوا تدنيس أرضنا وجزرنا، فمهر هذه البلاد لا طاقة لكم عليه؛ فقد ضحى شعبنا بأنهارٍ من الدماء سالت على تراب هذا الوطن الطاهر بطول سنوات العدوان، أَو ما قدَّمه الأجداد في قرون مضت لدحر المستعمر البريطاني، فأحفادُ اليمنيين اليوم أشرسُ من أجدادهم وأصلب، والقادم أعظم.
– السنوات الأخيرة أظهرت أن السعوديّة تقف عاجزة إلى حَــدٍّ ما في تحقيق أحلامها في الجغرافيا اليمنية؟
السعوديّةُ كانت عاجزةً منذ البداية وكانت تراهن أن تحالفها مع الأمريكيين سيقودها لتحقيق أحلامها التوسعية في أراضي جارتها اليمن التي ظلت تحاربها عبر تجنيد عملائها الذين مكَّنتهم من اعتلاء سدة الحكم وتوجيه بُوصلة البلاد؛ للتقوقع على الذات وعدم السماح لليمن من استغلال خيراتها وإمْكَانياتها الكبيرة، وحتى اليوم لا زال يراود هذه الجارة تحقيق أوهام وأحلام الأمس ضمن مشاريع ربط المحافظات الغنية بالنفط والغاز بها واقتطاعها من اليمن ما أمكن ذلك.
– في ضوء السجال والتراشق والتنافس السعوديّ الإماراتي على “أحلام” السيطرة حضرموت والمهرة وشبوة وعدن.. ألا يظهر هذا أنه تبادل أدوار وأن التنافس فقط على الحصص؟
منذ البداية تقاسمت السعوديّة والإمارات الأدوار؛ فيما كُـلّ واحد له أجندة ومشاريع ومصالح خَاصَّة به أراد أن يحقّقها لخدمته وخدمة مصالح القوى الاستعمارية التي وزعت الأدوار بينها، كُلٌّ بحسب شهواته ونزواته التي يتطلع لها؛ فالسعوديّة تنظر للمهرة كما هو معروف على أنها موقع استراتيجي لتصدير نفطها بأقل التكاليف وأقصر الطرق وأقل وقت كمنفذ بحري على البحر العربي، حَيثُ تقع المهرة في الجزء الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية في النهاية الشرقية لليمن ملامسة الحدود الغربية لسلطنة عمان وتعتبر المهرة من المحافظات التي تحوي أقل عدد سكاني رغم كبر مساحتها، وهذه المحافظة مع حضرموت الشاسعة تمتلك ثروات نفطية وغازية وثروات طبيعية متعددة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي على الربع الخالي لتنفيذ أجندة ومشاريع في هذا المكان الذي يمتاز بموقعه ويمتلك ثروات هائلة وطائلة تحت الرمال المتحَرّكة ووجدوا من يُطمِعهم بهذه الجغرافيا عبر عملائهم وخونة الأوطان من المرتزِقة الذين يقتاتون على دماء أبناء جلدتهم وشعبهم.
وبالنسبة لعدن بموقعها الاستراتيجي العالمي وما تشكله من تهديد لدبي زاد ذلك بعد أن خسرت الإمارات سيطرتها على عدن ومينائها بإلغاء اتّفاقيات سابقة مشبوهة، حَيثُ شكل هذا الموقع نقطة تلاقي وارتباط لخط الحرير الدولي وكذلك موقع باب المندب وبقية الجزر الموجودة في سقطرى وعلى البحر الأحمر؛ مِن أجل تحقيق تطلعاتها بشكل أَو بآخر، ووجد لذلك عملاء ليحقّقوا له رغباته، وكل تلك التحَرّكات تأتي في إطار تبادل وتوزيع الأدوار من قبل القوة الاستعمارية الدولية التي تتحكم بهذه الدول الصغيرة التي مكنها المحتلّ الدولي وزرعها في جسد الأُمَّــة في الجزيرة العربية تحت مسميات مشيخات وكنتونات حديثة العهد فسلموا لهم مقاليد الأمر لتحقيق مخطّطات المحتلّ الغربي وتنفيذ أجنداته الاستعمارية الدولية.
– لكن الدول الاستعمارية تعيش اليوم وضعاً صعباً يشير إلى أفول دورها كقوى مهيمنة وأتحدث عن أمريكا وتراجع اقتصادها العالمي وبريطانيا التي تظل مع دول أُورُوبا الغربية تابعة لواشنطن كدول لأُورُوبا العجوز.. ألا يعني هذا أننا أمام منعطف جديد في مسار تشكيل تكتلات وقوى عالمية جديدة ستفرض علاقات من نوعٍ آخر؟
بريطانيا الدولة التي كانت تعرف بالدولة التي لا تغيب عنها الشمس انتهى تاريخها ولا زال لديها بعض الأحلام والأطماع من خلال ما تبقى من عملائها الذين لا زالوا يدينون لها بالولاء ويمنونها بأطماع وأحلام الماضي، ولكنها كما أشرتَ أصبحت منذ عقود تدور في فلك الولايات المتحدة الأمريكية ضمن دول أُخرى أُورُوبية تحولت من دول عظمى إلى دول ترزح وتنفذ أجندات ومخطّطات مرسومة لها في إطار تنفيذ المخطّطات الماسونية الدولية الاستعمارية وهي واشنطن الإدارة التنفيذية لمخطّطاتها الاستعمارية؛ لأَنَّ مخطّطهم واحد ومشروعهم واحد باستعمار كُـلّ شعوب العالم ونهب ثرواته.
وبعد أن كانوا يستخدمون البوارج والجيوش لاحتلال البلدان يفعلون ذلك اليوم بأيدي خونة وسفهاء الأوطان لنهب ثرواتنا.
– هل يمكن تصور أن تترُكَ واشنطن ولندن المناطق والجغرافيا الغنية بالنفط لهذه الدول المتواضعة القوة في الخليج هل فعل الاستعمار هذا من قبل؟
وصل الأمريكان والغربُ المتحالِفُ معهم إلى حقيقة أن وكلاءهم الإقليميين في الكنتونات والمشيخات فشلوا فشلاً ذريعاً خلال السنوات الماضية في تحقيق وتنفيذ أجندات مرسومة لها؛ فكان لا بُـدَّ لهم أن يظهروا للعلن تحت أية تسميات وأن يجدوا مبرّرات للتجول في المحافظات اليمنية المحتلّة والتخطيط والتنسيق في العلن لتحقيق أطماعهم وأهدافهم.
ومن كانوا يعملون في الماضي من تحت الطاولة من الخونة والعملاء لصالح القوى الاستعمارية، فاليوم يعملون ويتقاضون المال المدنس من أسيادهم من فوق الطاولة على حساب قتل مئات آلاف اليمنيين وتجويع عشرات الملايين وتحويل الوطن إلى خراب على مرأى ومسمع الجميع، تحت شعارات زائفة كاذبة يتم تدمير اليمن أرضاً وإنساناً وبأيدي وكلاء وعملاء لتنفيذ مخطّطات ضرب اليمن بكاملها وليس فقط وحدتها لتحويلها إلى كنتونات متناحرة متقاتلة؛ حتى يسهل للقوى الاستعمارية القديمة الحديثة إخضاعها والسيطرة على مقدراتها.
وما هو موجود حَـاليًّا في صور متعددة ومسميات لإضعاف وإنهاك لليمن ومن ثم الانقضاض عليها، ولعل التاريخ أكبر شاهد على ذلك.
لكن العالم اليوم قرية واحدة في ظل ثورة المعلوماتية لمن يريد أن يفهم بإمْكَانه الرجوع إلى مراكز الدراسات التي تنشر وثائق تاريخية قديمة وحديثة اقتصادية وسياسية وكذلك وثائق المخطّطات التآمرية ضد العالم ومنها اليمن.
واليوم نحن بعد ثماني سنوات من الصمود في مواجهة المؤامرات والمخطّطات قدمنا قوافل من الشهداء ودمّـرت بنيتنا كضريبة؛ مِن أجل أن نحقّق الاستقلال الحقيقي للوطن ليكون وطناً مستقلاً بقراره وفارضًا سيادته كما تنعم بقية الأوطان باستقلالها وفقاً للقوانين الدولية المعمول بها من احترام لسيادة الأوطان وشعوبها، ونحن أمامَ خيارَين لا ثالث لهما: إما أن ننتصرَ لوطن يمني واحد مستقل حر كريم وألَّا نكرّر أخطاء السابقين؛ فنوجد دولة يمنية بدستور يمني يحفظ الحقوق والحريات ويضمن المساواة والعدالة الاجتماعية بين أبناء الشعب الواحد من صعدة حتى المهرة والرجل المناسب في المكان المناسب لبناء وطن يمني قوي ينعم بخيراته أبناؤه المتساوون أمام القانون بالحقوق والواجبات.
نتعلم من الأخطاء التي وقع فيها من قاموا بالوحدة، ونعتبرها دروساً نستفيد منها، والخيار الثاني: أن مَـا هو عكس البلد الواحد بتاريخه الواحد سيعني كَثيراً من الفوضى وكثير من التناحر والتشرذم والتمزق؛ فمن خلال ما نسمعه من الأصوات النشاز للمأجورين هنا أَو هناك ستحول البلاد إلى كنتونات متناحرة وإلى مشيخات تدار من قبل قوى استعمارية هدفها نهب الثروات وإعطاء مأجوريها وحثالة المرتزِقة العبيد ما يعطى لمثلهم حتى تنتهي مهمتهم ثم ترميهم في مزبلة التاريخ وأكبر شاهد على ذلك ما يحصل في المحافظات المحتلّة من اقتتال وتدمير ونهب للثروات، فيما أبناء اليمن يعانون ظروفاً وجحيم عيش مهين تحت خط الفقر في إطار المخطّط نفسه لإذلال اليمن وأهله لكن هيهات.
– تحاول السعوديّة أن تظهر تراجُعًا عن خط الأمريكيين لكنها حتى اليوم لا يبدو أنها ستتخلى عنهم أَو عن الحماية مقابل البترودولار؟
الثماني السنوات الماضية كشفت بأن القوة العسكرية للسعوديّة من صواريخ وطيران وغيره من الأسلحة الأمريكية الغربية لن تحقّق أي شيء في مواجهة القوة اليمنية من جوانب كثيرة ومتعددة علمياً وعسكريًّا يعلمها الخبراء العسكريون بتفاصيلها، وما اطلعنا عليه من خلال معلوماتنا بهذا الشأن يؤكّـد أن صنعاء تقف بقوة في وجه السعوديّة ودول العدوان بعزيمتها، فصنعاء لن تخسر شيئاً بعد كُـلّ هذا الدمار وحان الدور على المتطفل الخليجي في السعوديّة والإمارات والمصالح الغربية في هذه الدول وموانئها ومطاراتها.
وما يقوم به جيشنا وقواتنا الصاروخية وغيرها من المؤسّسات العسكرية علمياً ومهنياً يختلف عن منظومات الأسلحة لدى السعوديّين والإماراتيين، حَيثُ لا تستطيع التصدي لأسلحتنا لعدم وجود نقطة التقاء بين السلاحين وهذا ما يجعل هؤلاء في الرياض وأبو ظبي عاجزين أمام هجوم صنعاء.
– صنعاء منذ أشهر طويلة تحذّر الرياض فيما الأخيرة تغض الطرف، بل تعيد ترتيب أوراقها مع مرتزِقتها في الجنوب المحتلّ؟
إذا كانت أحلامُهم أَو أحلامُ من يخططون لهم بأنهم سيحقّقون شيئاً من إعادة ترتيب أوراق أَو خلافه فهم الخاسرون في الأول والأخير، أما نحن فدعاة سلام وما كان في السنوات الماضية لن يكون في الحاضر؛ كون الردُّ سيكون عنيفًا، فلدينا الإمْكَانيات لردعه وإعادته إلى حجمه وصوابه، وهو من سيجني على نفسه، وقيادتنا لها أهدافها وتعلم علم اليقين أين الصواب لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والدفاعية وحفاظها على صمودها في مواجهة تلك القوى المعتدية أينما وجدت وسيكون القادم أعظم.
– السعوديّة تدرك أنها فشلت في التعامل مع أوراقها وأدواتها التي تتناقض بالكلية.. أليس كذلك؟
السعوديّة معروفٌ تاريخها، ومن يقرأْ التاريخ سيفهمْ الكثيرَ عن تعاملها، وخُصُوصاً في أوقات الأزمات والحروب التي شهدتها اليمن كيف تتعامل مع من يرتمي بأحضانها وأنها عندما تجد مبتغاها فأول من ترمي بهم إلى مزبلة التاريخ هم أُولئك المرتزِقة، وما أفرزته هذه الحرب الشرسة من خونة لا يزالون في أحضانها ستكونُ نهايتُهم مزابلَها، والأيّام بيننا؛ فالعدوّ لا يحترم إلا من يحترم نفسه ويقف لها بالمرصاد بالدفاع عن أرضه وعرضه، أما من يبيع نفسه بحفنة من المال تعلمه علم اليقين بأنه مرتزِق وخائن ومن يخون وطنه يسهل عليه أن يخون صديقه أَو حليفه وهكذا.
– هناك تصاعد لأسهم محور الشرق الصين وروسيا وبحضور إيران.. في ضوء هذا هل تقف السعوديّة والإمارات محبطتان كدول ليست صادقة التوجّـه شرقاً فيما تنسجم مع محور الغرب والأمريكان كمشاريع توسعية لنهب ثروات الشعوب والبلدان؟
مع ميلاد عالم متعدد الأقطاب أكثر توازناً نحن نعيش هذه الأيّام نهاية عالم القطب الواحد، عالم سيطرة أمريكا إلى عالم أكثر توازناً، عالم تعدد الأقطاب وأفول عالم الغرب المُهيمن، الممثل بالولايات المتحدة الأمريكية وخلفها دول الاتّحاد الأُورُوبي التي أصبحت مسلوبة القرار والسيادة ومن يسبح في فلكهم من الأنظمة المصطنعة من مخلفات فترة الاستعمار القديم في العالم، واليوم نشاهد أمامنا التحَرّكات والقمم المنعقدة بين الدول الشريكة في هذا العالم وعلى رأسها روسيا والصين بما يؤكّـد بداية ميلاد نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب لخدمة البشرية، وهو ما أكّـدت عليه الحكومة الصينية من خلال المبادرات التي أعلنتها وكان آخرها مبادرة الأمن العالمي، والتي تؤكّـد على أن هناك حاجةً ماسة أكثر من أي وقت مضى لمثل هذه المبادرات البنّاءة على الصعيد العالمي، نظراً للتحديات غير المسبوقة التي يشهدها عالم اليوم من تهديد الأمن والاستقرار بشكل متزايد في مختلف أنحاء العالم، حَيثُ ركزت المبادرة الصينية على ضمان الأمن العالمي، بتوضيحها للمفاهيم والمبادئ الرئيسية التي قامت عليها وكذلك أولويات التعاون وآلياته، التي تنص على ضرورة الالتزام والتقيد بجملة من المبادئ.
وبحسب المبادرة التي تناولتها ونشرتها مؤخّراً وسائل الإعلام الرسمية الصينية، كان أطلقها الرئيس الصيني شيء جين بينغ عام 2022م، ركزت على 6 مبادئ؛ لضمان الأمن العالمي، تنص على ضرورة الالتزام والتقيد بجملة من المبادئ، أبرزها: ضرورة التمسك برؤية للأمن على أَسَاس أنه مشترك وشامل ومستدام، من خلال التمسك بمبدأ احترام و”حماية أمن كُـلّ بلد”، وتعزيز التعاون، والحوار السياسي ومفاوضات السلام، إضافة إلى وَجوب احترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان.
وفي هذا الإطار تؤكّـد الوثيقة على أن جميع الدول، كبيرةً أكانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، غنية أم فقيرة، أعضاء متساوون في المجتمع الدولي، ويجب احترامُ سيادتها وحقُّها في اختيار النظم الاجتماعية ومسارات التنمية بشكل مستقل.
هذه المبادئ وغيرها والوضع العالمي الجديد سيكلف السعوديّة والإمارات الكثير، فالاختيار الآن أصبح أمراً لا بُـدَّ منه، والالتزام باحترام الشعوب والدول أمر ضروري وانتهاك خصوصيات البلدان والتدخل بشؤونها لن يكون مقبولاً على الأقل في العقد الأول من ظهور هذا النظام العالمي الجديد.
– برأيكم.. ما حجم الالتفاف اليوم مع صنعاء في مواجهة المحتلّ ممن كانوا ضمن تحالف العدوّ خَاصَّة بعد إيقاف سرقة المحتلّين لثروات اليمن النفطية والغازية وبعد أن أثبتت صنعاء أنها الوحيدة القادرة على دحر العدوان؟
يقفُ الكثيرُ من أحرار العالم إلى جانب صنعاء من خلال المواقف المعلَنة وغير المعلَنة؛ ولكن يكفيك اليوم أن الكثير من أحرار العالم دولاً أَو أنظمة تقف إلى جانبنا وتتبنَّى مظلوميتنا، منهم من كشف عن موقفه للرأي العام وللعالم، ومنهم من يعمل بحكمة وروية لخدمة أهدافنا جميعاً وهؤلاء لن يظلمهم التاريخ، بل سينصفهم وسيعطيهم حقهم بمستوى ما قدموه تأييداً ووقوفاً إلى جانبنا وإلى جانب مظلوميتنا؛ لأَنَّ التاريخ يخلد الأحرار والعظماء الذين يقفون مع حقوق الشعوب.
– هل يمكن أن يتخلص آل سعود من تحالفهم مع الأمريكيين أم أن زمام مثل هذه الأنظمة بيد واشنطن وأنه لا رجاء منها خَاصَّة أن تاريخ السعوديّة السياسي لا يشجِّع على هذا؟
تظل هذه الأنظمةُ صناعةً أمريكية بريطانية وغيرها، ولكن اليوم من خلال وجود وجوه جديدة لأبنائهم وأحفادهم أصبح التحول ممكناً ليبحثوا عن مصالح أوطانهم وخُصُوصاً بعد أن دخلوا في معارك وحروب كانوا الخاسرين فيها، وبالإمْكَان من خلال ما نشاهد ونتابع من تقارير ونشاطات احتمال عودة هؤلاء الشباب إلى الشعوب التي يحكمونها، وقد أصبحوا يبحثون عن كيف يحقّقون تطلعات بلدانهم الاقتصادية النهضوية محاولين تبييض وجوههم وخروجهم من العباءة الأمريكية، خُصُوصاً أن العالم اليوم يتحول إلى عالم اقتصادي تربطه المصالح لتحقيق تطلعات شعوب البلدان والعالم من خلال تحقيق السلم والتعايش بين الشعوب على مستوى العالم، وما ذكرت آنفاً من المبادرة الصينية في هذا الحوار توضح كثيرًا من المشهد لعالم الارتباط الاقتصادي بين دول في عالم خالٍ من العنف والحروب، بل يعود إلى بناء العلاقات ليس بالقوة بل بالاقتصاد الذي هو شريان الحياة لتحقيق السلام العادل بين الشعوب.
– صنعاء تتوعد المحتلّين بالجديد طالما لم تسعف الجار العدوّ حكمة ولا صبر حليم؟
صنعاء تعاملت بالكثير من الحكمة والحنكة السياسية مع العدوان واليوم يقف إلى جانبها أبناء الشعب اليمني الأحرار من صعدة حتى المهرة، كما يقف معها كثير من الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، ومرحلة العدوان كشفت الكثير من الحقائق التي كانت تزيف عبر إعلام السعوديّة والإمارات وواشنطن ولندن وباريس، حَيثُ سيقف اليوم اليمن كله بالمرصاد لأية مؤامرات على وطننا فنحن دعاة سلام، كما لا نريد الموت لأحد، وإنما ندفع الموت عن شعبنا، نحن أصحاب حق وقضية عادلة، وندافع اليوم؛ مِن أجل أن نعيش بسلام، ونعشق الحرية ونريدها لنا ولغيرنا، وندافع اليوم عن أنفسنا كي ينعم شعبنا بحريته؛ مِن أجل السلام لشعبنا ولكل شعوب العالم.
أما السعوديّة فلا أظن أنها ستجازف بمستقبل دولتها لصالح الأمريكيين أَو غيرهم فهم اليوم في مفترق طرُق.
– أخيراً.. ما دوركم في ضوء كُـلّ ما ذكرناه كمجلس شورى في التفاعل والتواصل مع المنظمات والمؤسّسات الدولية حول العالم؟
مجلس الشورى له دورٌ كبيرٌ في التواصل والتفاعل من خلال أعضائه بالانتشار على مستوى محافظات الجمهورية في كُـلّ المجالات وليس مكتبياً، بل يناضل في كُـلّ جبهات الصمود الوطني لمواجهة العدوان خلال السنوات الماضية منذ بداية عودته إلى ممارسة مهامه من خلال أعضائه، كُــلٌّ بحسب إمْكَانياته، وما يوكل له من مهام.
كما له دورٌ كبير في مخاطبة المجالس المماثلة له في الخارج على مستوى العالم، منها رابطة مجالس الشيوخ والشورى في الوطن العربي وأفريقيا، ومخاطبة المجالس المماثلة له على مستوى العالم، من خلال الرسائل وتوضيح الكثير من القضايا التي يجهلها العالم بحكم ما نتعرض له من عدوانٍ شرس بيد آلة إعلامية تقوم بتضليل الرأي العام العالمي، ومقابلها نقوم بكشف الحقائق من خلال الوثائق والتقارير والإحصائيات وغيرها والتي تكشف زيف ادِّعاءات العدوان، وللمجلس أعضاء موجودون خارج اليمن يقومون بدورهم عبر المحافل والمؤسّسات الدولية الحقوقية والإنسانية في العالم، في تواصل مُستمرّ، والنصر حليفنا بإذن الله.