التطبيع.. ارتهانُ نظام ومناهَضةُ شعب..بقلم/ منير الشامي
نجح جندي مصري في تنفيذ عملية بطولية قبل عدة أَيَّـام أسفرت عن قتل جنديين ومجندة من جيش الصهاينة.
توغل خلال تنفيذها إلى الأراضي العربية المحتلّة ليستهدف موقعا عسكريا للصهاينة، هذا البطل المصري هو أحد أفراد القوات المسلحة المصرية ومن المفترض أن يقوم بحماية الجنود الصهاينة لا أن يستهدفهم تنفيذاً لبنود اتّفاقيات التطبيع بدءاً من معاهدة كامب ديفيد، وإلى ما تلاها فتلك الاتّفاقيات تضمنت التعاون العسكري المشترك بين الجيش المصري وجيش الكيان ووقف كُـلّ أشكال الدعم العسكري للمقاومة الفلسطينية وإغلاق المنافذ أمامها؛ وهو ما ينفذه النظام المصري ويحاول الوفاء به أمام العدوّ الصهيوني بقوة الحديد والنار.
هذه العملية ليست الأولى فقد سبقها عمليات أُخرى، ولن تكون الأخيرة، وسيعقبها عمليات أقوى وأعظم منها بإذن الله، إلا أن الجدير بالذكر أن هذه العملية أتت بعد مضي ما يزيد عن خمسة عقود من تطبيع النظام المصري مع كيان العدوّ الصهيوني، وهو ما يؤكّـد حقيقةً ثابتةً هي أن التطبيعَ كان وسيظل مُجَـرّدَ اتّفاق بين الأنظمة المطبعة وكيان العدوّ الصهيوني، وسيختفي بزوال تلك الأنظمة.
تطبيع النظام المصري لم يتجاوز حدود ذلك النظام إلى الشعب الذي ثبت على موقفه الرافض للتطبيع مع العدوّ الصهيوني المجرم وما زال، وأن العدوّ المجرم لن يجنِيَ من تطبيعه مع الأنظمة إلا مقاومة شعوب الأُمَّــة ومناهضتها ورفضها والتعبير عن ذلك بعمليات بطولية كهذه العملية حتى ولو طبعت معه ألف مرة، فالمواطن المصري على سبيل المثال مضى عليه أكثر من نصف قرن من تطبيع نظامه، ومع ذلك لم يغير موقفه تجاه العدوّ الصهيوني رغم كُـلّ محاولات أنظمة الحكم المتعاقبة في إجباره للقبول بالتطبيع ورغم كلما تعرض له من استهداف صهيوني ونظامي لدينه وفكره وثقافته طوال العقود الماضية، فما زال متمسكاً بهُــوِيَّته وموروثه الثقافي والأخلاقي ولا زال حريصاً على تنشئة أبنائه وفق تعاليم دينه وقيم ثقافته وهُــوِيَّته العربية وليس وفق ما يريده نظامه، ما يعني أنه لم يقبل ولن يقبل أية ثقافة دخيلة تخالف ثقافته الأصيلة وتراثه السوي، وهو بموقفه هذا يجسد موقف كُـلّ مواطن عربي حر وشريف من المحيط إلى الخليج؛ وهو ما يعني أن على العدوّ الصهيوني أن ييأس من إمْكَانية قبول الشعوب العربية لوجوده ويستحيل أن ترضى أَو تسكت عن خيانة أنظمتها بتطبيعها مع العدوّ أَو أن تقتنع ببقائه، وما فشل في تحقيقه المطبعون السابقون لن ينجحَ في تحقيقه المطبعون اللاحقون؛ وهو لن يجني من تطبيعه مع أنظمة العمالة والارتهان إلا السراب بعينه، وأن ما سيجنيه فعلاً هو عكس أحلامه وأمنياته؛ وهو ما أثبتته له الوقائع والأحداث الماضية، فلن تنفعه الأنظمة الخائنة لشعوبها فهي إلى زوال، أما الشعوب فهي باقية عبر أجيالها المتعاقبة وستتوارث قضيتها الأولى وتتحمل مسؤوليتها أمام الله حتى تحرّر كُـلّ ذرة تراب عربية من دنس الصهاينة، وما ذلك على الله ببعيد.