مطالبُ الشعب اليمني: السبيلُ الوحيدُ لإقامة السلام..بقلم/ حسام باشا
إن الشعوب التي تواجه الاحتلال والعدوان والظلم، تعيش في ظروف قاسية وصعبة، تهدّد حياتها وكرامتها ومستقبلها، ولكن هذه الظروف لا تستطيع أن تكسر إرادتها وعزيمتها، بل تزيدها قوةً وصلابةً وثباتاً؛ فهي تستمد من إيمانها وتاريخها وثقافتها مصادر الصبر والتحمل والمقاومة، وتستخدم من مواردها وقدراتها ما يمكنها من التغلب على هذه الظروف، وتحقيق نصرها وحريتها.
حقيقةً، لا يمكن إنكارُ أن الاحتلالَ والعدوان هما من أشد الظلم والجور والاستبداد الذي يمكن أن تتعرض لها الشعوب، فهما يسعيان إلى سلب حقوقها وحرياتها وثرواتها، وإلى تغيير هُــوِيَّتها وثقافتها ودينها، وإلى تدمير مؤسّساتها وبنيتها التحتية، وإلى نشر الفوضى والخراب في أرضها، لكن هذه الشعوب لا تستسلم لهذا الظلم، بل تقاومه بكل قوة وشجاعة، فهي تؤمن بأن الأرض لها، وأن الحق معها، وأن الله ناصرها؛ وهذا ما يعد مظهراً من مظاهر الإيمان والكرامة والعزة التي تتحلى بها هذه الشعوب، فهي ترفض أن تكون ذليلة أَو مستعبدة أَو مستغلة، بل تسعى إلى أن تكون حرة ومستقلة وسيدة قرارها، ثم إن ذلك يعد مظهر من مظاهر التضحية والجهاد الذي تبذله هذه الشعوب، فهي تضحي بأرواحها وأموالها وخيرة رجالها في سبيل الدفاع عن أرضها وشعبها ودينها، فلا تخاف الموت أَو المصيبة أَو المآسي، بل تستقبل المصير بصبر وإيمان.
وبذلك تحقّق الشعوب لنفسها نصرًا مؤكّـداً على المدى الطويل، فالتاريخ يشهد بأن كُـلّ شعب قاوم الظلم، استطاع أن يحرّر نفسه من قيود الطغيان، فلا يستطيع أي عدو أن يستمر في احتلال أرض ليست له، أَو في قمع شعب لا يرضى به، كما تحقّق لنفسها بذلك شرفًا عظيمًا على المدى القصير، حَيثُ تكسب احترام وتقدير كُـلّ من يؤمن بالحق والعدل، فلا يستطيع أي إنسان حُر أن ينظر لها إلا بعين الإعجاب والتقدير، وهذا ما نجده في تاريخ الشعب اليمني، الذي قدم أروع الأمثلة في المقاومة والصمود والثبات في وجه الاحتلال والعدوان، حَيثُ يدافع عن أرضه وشعبه ودينه بكل شجاعة وإيمان، ولا يخشى الموت أَو المصيبة أَو المآسي، بل أن يستقبل المصير بإيمان وصبر وثقة.
هذا الشعب اليمني العظيم تحدى العدوّ السعوديّ الذي راهن على كسر صموده وثباته بالحرب العسكرية والاقتصادية والنفسية، التي استخدم فيها كُـلّ أنواع الأسلحة المتطورة والمحرمة دوليًّا، وفرض حصارًا شاملًا على كُـلّ المستويات، وحاول ترويع وتشتيت وتجويع شعبنا، واستقدم لمساندته خبراء عسكريون واقتصاديون وإعلاميون من مختلف دول العالم، لكن كُـلّ هذه المحاولات باءت بالفشل، حَيثُ أظهر شعبنا قدرة عالية على الاندماج في الظروف القاسية التي يعيشها، مستفيدًا من موارده المحلية في تأمين احتياجاته الغذائية وتطوير قدراته المحلية التي أسهمت في خلق صناعات نوعية في المجال العسكري، مثل الصاروخية والطائرات المسيَّرة والدفاع البحري والجوي… إلخ.
إنّ الذي قدمه شعبنا اليمني طوال سنوات العدوان هو مصدر فخر وإعجاب لكل من يؤمن بالحق والعدل، كيف لا؟! وهو من أثبت بإرادته القوية وعزيمته الصلبة أنه شعب حر طامح للاستقلال والسيادة، وأنه قادر على المقاومة والنصر، وأن يكتب تاريخًا مجيِّدًا بدمائه وتضحياته، بل وأن يثبت في مواجهة هذا العدوان قدراته على تحقيق موازنات ردع، كلفت الرياض وحلفاؤها خسائر مالية تقدر بمئات مليارات الدولارات؛ ما أجبرها على التراجع والبحث عن مخرج سياسي، وهو الذي لا يمكن أن يتوفر ذلك للسعوديّة إلا بالانصياع لمطالب الشعب اليمني (الانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية من كافة أنحاء اليمن -إنهاء الحظر الجوي والبري والبحري -دفع رواتب الموظفين) والتي تعبر عن حقوق مشروعة لا يمكن تجاهلها أَو تجاوزها لإحلال السلام؛ لذا يجب على السعوديّة عدم التلكؤ في تلبية مطالب الشعب اليمني، وأن تدرك أن اليمن اليوم أقوى من يمن الأمس، وأن الشعب اليمني عصيٌّ على أن يهزم أَو يستسلم، وأن الحل الوحيد لإقامة السلام العادل والشامل القائم على احترام سيادة ووحدة واستقلال اليمن يأتي بالاستجابة لتلك المطالب.