ماذا تريدُ أمريكا بعد 3000 يوم حرب.. بقلم د/ فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
عندما تحدِّدُ أمريكا موقفَها من أية قضية لا يأتي اتِّخاذُها هذا الموقفَ إلَّا بعد أن تتم دراستُه في دوائرِ اتِّخاذِ القرارِ الأمريكي وفي مراكز الدراسات المتخصصة، بحيث تكون نتائج هذا الموقف وتبعاتُه معروفةً للمسؤولين قبل اتِّخاذ القرار.
وفي اليمن بعد دخول أنصار الله العاصمة صنعاءَ، اتخذت أمريكا موقفاً اتضح من خلال سرعة مغادرة رعاياها اليمن وإغلاق سفارتها في صنعاء، ثم إعلان العدوان على اليمن من العاصمة الأمريكية واشنطن، وقد اتخذت أمريكا هذا الموقف بحسب معطيات ودراسات تفيدُ بأن أنصار الله بعد دخولهم صنعاء سوف يرفُضُهم الشعبُ اليمني ويعلنُ الحربَ عليهم، وعندما لم يحدث ما تم توقعه صعّدت أمريكا من موقفها ودفعت السعوديّة إلى إعلانِ الحرب على اليمن.
كانت أمريكا بموجب المعطيات لديها تتوقَّعُ أَلَّا تتجاوَزَ الحربُ الشهرَ، ثم تعود السفارة الأمريكية وأدواتها، لممارسة أعمالهم العدائية ضد الشعب اليمني من داخل العاصمة صنعاء، ولكن ما حدث بعد مرور 3000 يوم من صمود وانتصار أثبت أن دوائرَ اتِّخاذ القرار الأمريكي قد تم تضليلُها، من خلال تقديمِ معلومات خاطئة عن الوضع في اليمن، تم بموجبها إعلانُ موقف كانت له نتائجُ غيرُ متوقَّعة، وما حدث كان نادرَ الحدوث في السياسة الأمريكية، وقد اضطرت أمريكا إلى تغيير سياستها في اليمن من استخدامِ العنف إلى سياسة الاحتواء، من خلال إعلان أن مشكلة اليمن لا يمكن أن تُحَلَّ بالقوة، ودعمها لجهود السلام التي تبذُلُها الأممُ المتحدة، ولكن ما أَنْ بدأت عجلةُ السلام تدورُ حتى أسرعت أمريكا لوضعِ العراقيل أمامها.
هدفت أمريكا من عرقلتها لجهودِ السلام في اليمن إلى أن تقولَ للمعنيين بأنني هنا، ويجب أن تؤخَذَ مصالحي وأهدافي من العدوان في الاعتبار، بغَضِّ النظر عن الضرر الذي سوف يصيبُ حلفاءَها في حال استمرار الحرب، وهي محقَّةٌ في ذلك؛ لأَنَّها من أعلنت الحرب، ووفَّرت الحماية الدولية للسعوديّة والإمارات أثناء ارتكاب المجازر، وهي من تعرَّضت للإحراج عندما فشلت توقُّعاتُها في إنهاء الحرب.
وتعملُ أمريكا الآن لتجاوُزِ انتكاساتها في اليمن، على تقديم المسار السياسي على المسار الإنساني؛ حتى تتمكَّنَ من الضغط بالمسار الإنساني لتنفيذ المسار السياسي الذي يضمن لها مصالحَها وتحقيقَ أهدافها، وهذا هو الذي لا يمكنُ للشعب اليمني الموافقةُ عليه مهما كانت التبعات.