وصيةُ الإمام تزكيةٌ للنفس وبناء..بقلم/ أمل المطهر
حينما يكون رضا الله علينا في أول أَيَّـام العشر من ذي الحجّـة، بأن يطل علينا بدرنا المنير ليضيء عتمةَ قلوبنا، وينشر ضوئه في أرجائنا، تزكيةً وتُقىً.
تسمرنا أمام الشاشة، في شوقٍ لسماع المحاضرة الأولى، لوصية الإمام علي المرتضى، لابنه الحسن المجتبى -عليهما السلام-، وكلنا شوق ولهفة، لسماع ما سينثره علينا سيدي ومولاي من درر ومواعظ، وبالرغم أن البعض قد اطلع على تلك الوصية، لكنه حينما سمع شرحها من خلال طرح السيد اكتشف أنه لم يكن يعي تماماً ما بداخلها من دروس نفسية قيمة، تعد من أَسَاسيات تربية النفس وإصلاحها وتقويتها، كنا نقرأها من جانب عاطفي، نتخيل وصية مولانا الإمام لابنه الأكبر الحسن وماذا طلب منه في تلك الوصية فقط!!
هذا ما كان أغلبنا يراه، لكن اليوم ومع أول درس طرحه السيد، وجدنا أننا كنا سطحيين بشكل كبير في قراءة تلك الوصية للأسف الشديد.
كان محتوى الدرس الأول من الوصية تربوي نفسي، يضعُنا أمامَ أهم الأسس لانطلاقتنا في هذه الحياة، بشكل سليم وثابت يرفع من مستوى زكاء نفوسنا وواقعنا العملي في نفس الوقت.
فمن بداية الحديث عن التقوى وأهميتها؛ كونها كما وضح سلام الله عليه الضابط الأَسَاسي لمسيرة الإنسان بشكل عام، وتقترن مع التوجيهات الإلهية المهمة، والتي وضح فيها الآثار السيئة لنقصها أَو انعدامها في النفس البشرية، والتي تنعكس على تحَرّكه في الحياة بأكملها، وُصُـولاً للحديث عن القلب وتأثيره في نفس الإنسان، وكيف يمكن أن يكون سبباً لنجاة النفس البشرية أَو هلاكها؟!
وما الذي يمكننا عمله لتزكية نفوسنا، وحمايتها من هجمات العدوّ، الذي يسعى لتدمير قيمنا ومبادئنا وأبعادنا عن تعاليم ديننا؟
وكيف نُعمِّرُ قلوبنا بالمشاعر الإيمانية الزاكية؟ وما هي حالات موت القلب وحالات حياته؟
كل تلك التساؤلات وغيرها، تمت الإجَابَة عليها بشكل موسع ومفيد ومبسط، في درس اليوم الذي كان بمثابة الخارطة، التي وضحت لنا من أين نبدئ في سيرنا نحو إصلاح داخلنا، ابتداءً من قلوبنا وتزكية نفوسنا واكتساب حالة التقوى، حتى نرى انعكاس ذلك الصلاح على تحَرّكنا في واقعنا العملي، والأسري والحياتي بشكل عام.
تلك الوصية لم تكن خَاصَّة بالإمام الحسن فقط، بل لكل من أراد إحياءَ قلبه والمحافظة على فطرته؛ فكل ما جاء في وصايا الإمام علي لأبنائه أَو لأصحابه، كانت وصايا لنا جميعاً كأمة محمد؛ لننتفعَ بها في إصلاح واقعنا النفسي والعملي، وهذا ما لمسناه فعلياً في عهد الإمام علي لمالك الأشتر.
وها نحن اليوم نخوض تجربةً جديدة تعد فرصةً عظيمة، في هذه الأيّام المباركة، لتجديد الروحية وتزكية النفس، وقياس مستوى ما وصلنا إليه من حالة التمسك أَو الترك، لكل ما سيطرح في هذه الدروس المباركة القيمة.