القتلُ البطيء..بقلم/ د. فاطمة بخيت

عدو مجرم متوحش، تجرد من أدنى معاني الإنسانية، سعى ولا يزال يسعى بكل ما أوتي من قوة لإلحاق أكبر الضرر بهذا الشعب منذ بدء عدوانه الغاشم وما قبل هذا العدوان وحتى اللحظة، وكلما تقدم بنا الزمن قليلًا، تجلت الآثار الكارثية لهذا العدوان على شعبنا أكثر فأكثر.

إنّ من يتأمل الأحداث والمعاناة الكبيرة التي يعانيها الإنسان اليمني في ظل العدوان والحصار قد يدرك أنّ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن أشدّ تأثيراً عليه، فنحن أمام عدو خطير وحقير إلى أبعد ما يتصوره الجميع، وإلا لما أقدم على مثل هذه الخطوة، فقد عرف -لشدة مكره ودهائه- ما الذي قد يسببه هذا الإجراء المجحف كُـلّ الإجحاف بحق الآلاف من الموظفين في مختلف أنحاء اليمن من نتائج مؤلمة عليهم وعلى المجتمع من حولهم، وواقع سبع سنوات من انقطاع المرتبات خير شاهد على ذلك.

معاناة تتفاقم وآلام تتراكم يوماً بعد يوم، وتتسع أكثر حتى بلغت مداها، معاناة تكاد منها الصدور أن تنفجر، والروح أن تبلغ الحلقوم، وفي المقابل نرى هذا العدوّ المتوحش يراوغ ويتلكأ ويماطل في تنفيذ اتّفاقية صرف الراتب الذي حُرم منه الموظف اليمني لأعوام، حتى أصبح همّ الديون واحتياجات الحياة اليومية تقضّ مضجعه وتثقل كاهله حتى تكاد تقصم ظهره، وتكاد من شدة وقعها على نفسه أن تُفقده عقله وتوازنه.

مع حجم المعاناة الكبير والمتزايد، وصبر الموظف الصامد والمرابط في وظيفته لا بُـدَّ من إيجاد حَـلّ، فمن واجب حكومة الإنقاذ إنقاذ الموظف مما يعانيه، لا بدَّ من تلمس همومه ومشاكله والسعي إلى حلها، فلا ينبغي لها ولأيّة جهة مسؤولة أن تقف عاجزة وصامتة أمام ما يحدث حتى وإن كان سبب المعاناة هو العدوان الظالم والغاشم، فلا بدَّ من اتِّخاذ إجراءات ودراسات، ووضع حلول لصرف المرتبات للتخفيف من وطأة المعاناة المتراكمة، لا سِـيَّـما أنّ أمد الحرب طال والحصار ممتد، ولا يُعلم متى النهاية، كما أنّنا أمام عدو متغطرس متجبر يبدو عليه الاستمتاع بمعاناة هذا الشعب وآلامه، ويسعى من حين إلى آخر لمفاقمتها وإطالة مدتها أكثر.

حق على الجميع من تظافر الجهود لمواجهة هذه المعاناة الكبيرة التي وضعها هذا العدوّ، فنحن أمام تحدّ كبير جِـدًّا، يجب علينا جميعاً أن نسعى إلى التغلب عليه وقهره، كما قهرنا هذا العدوان خلال السنوات الماضية؛ فالجميع شركاء في المسؤولية ولا أحد معفيٌّ عنها، ولا سيَّما حكومة الإنقاذ.