خيرُ الزاد..بقلم/ طلال محمد الغادر

 

عندما تسافر إلى منطقة غريبة لم تسُقْك إليها الخطى من قبل وتحتاج أن تبقى فيها وقتاً قد يطول، مما لا شك فيه أنك تقوم بالبحث عمن له باع عن هذه المنطقة وتبحث لمن كان له سابق زيارة لهذه البلدة أو تلك على حسب ما عليه أهلها، وما المتطلبات وأين السكن الأفضل وأي الاحتياجات تحتاجها لتتزود بها وقد تحتاج أغراضًا معينة وبهارات معينة و… وغيرها، بيت القصيد هو أنك جاد في التعاطي مع ما يطرح لك من رؤى وأفكار؛ لأَنَّك قد حجزت وقد جهزت المتطلبات الأَسَاسية لك، حتى أنك قد خمنت المبلغ المطلوب لك لاستكمال رحلتك العلاجية أَو الدينية أَو لأي عمل فرضاً، بينما نجد أن الله سبحانه وتعالى من علمه محيط بكل شيء ويعلم بما فيه صلاحنا وما يترتب عليه فلاحنا، كيف لا وهو أرحم الراحمين؟ كيف لا وهو يبين لنا آياته علنا نهتدي؟! إذَاً فالمولى عز وجل مما لا شك فيه يعلم أننا أمام أخطار وَمضلين وشياطين الإنس والجن والفتن.

أمام هذا كله وأمام رحمة الله التي وسعت كُـلّ شيء، هَـا هو جل في علاه يرشدنا إلى الاحتياجات وأهم المتطلبات ونحن في خضم أحداث هذه الحياة، لا نعلم ما هي الأخطار ولا ندري على أي مستوى ومجال تأتينا الأخطار، وأمام أعداء خطيرين كادوا أن يضلوا أكمل الناس وأعظم الناس وخير الأولين والآخرين النبي -صلوات الله عليه وآله- فما بالنا وما سنفعله نحن القاصرون جداً، وأمام ما توصل إليه الشيطان وأولياؤه يبقى الحليم حيران من أين يستمد الرؤية الحكيمة للسلامة من كُـلّ الفتن والأهواء والمخاطر والتحديات.

أمام كُـلّ ما أسلفناه وما لم نذكره من أهوال وفتن ومضلين ومفسدين، وأعداء نجد المولى عز وجل يشدنا إلى زاد وإلى سبيل وطريق لنجتاز كُـلّ تلك المطبات والمخاطر فيقول لنا المولى عز وجل: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التقوى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)، ومن فضله الواسع ورحمته بنا هيَّأ لنا في أَيَّـام أعمارنا نفحات ومن فضله علينا اختصنا بالأعلام -عليهم السلام- فهذه العشر من ذي الحجة نعيشها وهذا العلم المولى -يحفظه الله- يزكي النفوس بالدروس العظيمة، والتي إن استوعبناها كما ينبغي وعملنا بها تحقّق في واقعنا التقوى ونكون باستغلال العشر من ذي الحجة واستيعاب الهدى الملازم لها نحمل الزاد الذي سنكون في أمس الحاجة إليه في الغد القريب وكذَلك نحتاجه لمعادنا يوم يقوم الأشهاد.

تحقيق التقوى في واقعنا يحتاج منا إلى التفاتة جادة وصدق مع الله واستعداد تام وتوطين النفس على تقبل هدى الله والسير عليه والعمل به حتى نجد الأنس بالخلوة مع الله ونجد الأنس بالأعمال المقربة لرضوان الله، وأن نستعذب المر في العمل لما يرضي الله بل نواجه كُـلّ الصعاب والتحديات بالإيمان واليقين الذي ترسخ في نفوسنا من خلال استغلالنا لهذه الفرص ومن خلال التزود من التقوى، فنجد حلاوة المعاناة بل نجتازها ونحن نراها هينة باجتيازنا لكل المشاق والصعاب والتحديات ونحن بصدر رحب وطاقة إيمانية وبخُطىً ثابتةٍ وراسخة وبيقين منقطع النظير بإنجاز الوعود الإلهية والغيبيات التي يراها الكثير ويعدها في قائمة المستحيلات، ومعنا الرصيد الهائل والمصاديق التي تحقّقت تزيدنا إيماناً وثقة مطلقة، فنرى القادم ما دمنا محقّقين في واقعنا التقوى، نراه بالتفاؤل والأمل بالله، بنصره وبتأييده وبفضله ومنه علينا، وبالوعود التي وعد بها المتقين، كيف لا واليقين والإيمَـان بالغيب من أبرز مواصفات المتقين.

نسأل الله التوفيق والهداية والسداد وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الله، لا نبتغي بها أحداً سواه، وأن يجعلنا من المتقين، من أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com