تحليلُ الواقع من وحي الدرس الرابع..بقلم/ منير الشامي
من أغرب التناقضات العجيبة في هذا العصر أن الأُمَّــة العربية تملك كُـلّ عوامل السيادة والريادة وأقواها، ومع ذلك نراها اليوم أضعف الأمم وأدناها منزلة وضعفها أثرا وأعظمها ارتهانا وتبعية، ضُرِبَتْ بالذلة والمسكنة ممن ضُربُوا بهما من الله وصاروا اسيادا عليها، وباتت تعيش واقعًا مخزيًا ومُهينًا.
هذا الواقع المؤلم هو محور الدرس الرابع لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي -حفظه الله ورعاه- حلّله، بين أسبابه، حدّد دوافعه، شخص الداء وبين الدواء، فقد بيّن – يحفظه الله ويرعاه – أهم المشاكل التي كانت وما زالت سببا لبُعد الأُمَّــة عن دينها وأوصلتها إلى هذا الحال قائلاً:
هناك 3 مشكلات تعاني منها الأُمَّــة في علاقتها بدينها:-
الأولى: هي الجهل، حَيثُ لا يهتم كثيرٌ من المسلمين بأن يتعلموا الدين ويتعرفوا عليه.
المشكلة الثانية: هي الفهم المغلوط للدين، فقد حُرفَ الكثير من المفاهيم التي قدمت للأُمَّـة بشكل مغلوط، وقد عانت من هذه المشكلة منذ وقت مبكر؛ لأن الطغاة والمفسدين سعوا لتحريف الكثير من المفاهيم ثم بقيت الأجيال تتناقلها وتثق بها.
المشكلة الثالثة: علاقة الأُمَّــة بدينها هي التجزئة، العمل بجزء من الدين ونبذ الجزء الآخر، وهذا كانت له نتائج سلبية في الواقع، ومن أهم ما عُطل من الدين أثره وبرنامجه التربوي الحقيقي الذي يزكي النفس البشرية ويبنيها لأداء مهامها بشكلٍ راقٍ، وكذلك فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعطلت فريضة الجهاد في سبيل الله وهي الفريضة التي يعتمد عليها قوام الدين واستقامة الحياة.
لقد نجح الأعداء في ذلك وانعكس نجاحهم بتخلي الأُمَّــة عن تحمل مسؤوليتها الدينية؛ لأنهم يدركون أنها عندما تؤدي مسؤولياتها الدينية ستحظى بالمنعة والعزة والقوة وستتحرّر بالمفهوم الحقيقي الصحيح من سيطرة الطغاة والظالمين، فالله غني عن أعمالنا وما فرضها إلا لصلاح الإنسان وتغيير واقعه، نجحوا في ذلك ورأينا ونرى حكومات وأنظمة وشخصيات دينية من الساحة العربية والإسلامية توجّـه اللوم للشعب الفلسطيني على تمسكه بقضيته ولشعبنا العزيز لدفاعه عن نفسه وأرضه وحريته واستقلاله، ولم توجّـه اللوم للمعتدي المجرم الذي قتل آلاف الأطفال والنساء، لا في فلسطين ولا في اليمن، بينما لم توجّـه تلك الأنظمة وتلك الشخصيات الدينية أيَّ لوم للأعداء على ترويجهم لجريمة المثلية الشنيعة، وهي من أفظع الأمور وشذوذٌ عن الفطرة الإنسانية وحتى الحيوانية، ولا حتى وجهت اللوم إلى تلك الأنظمة التي تحولت إلى أدَاة بأيدي الأعداء؛ لضرب دين الله وإفساد مجتمعاتهم ودفعها للانحراف واللهو والمجون وتحليل الخمور.
ثم بيَّن – يحفظه الله ويرعاه – أن الحل والمخرج للأُمَّـة من هذا الواقع المهين لن يتحقّق إلا بعودتها إلى التمسك بدينها وبالحق المبين الذي جاء به وبإحياء روح الجهاد في النفوس والسير وفق توجيهات الله المنزلة في كتابه التزامًا ونهيًا، فكرًا وسلوكًا؛ فهو الكتاب الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه.