مبدأ الولاية يحمي الأُمَّــة من الاختراق..بقلم/ وسام الكبسي

 

تمر الأُمَّــة الإسلامية في مرحلة حرجة للغاية نظراً لحجم الاستهداف وطبيعته من قبل اليهود، حَيثُ يعمل اليهود وبكل الأساليب الشيطانية لاختراق المجتمع الإسلامي في جميع المجالات دينياً وفكرياً وثقافيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وتربوياً وحتى اختراق للعادات والتقاليد للتأثير علينا إعلامياً وثقافيًّا لخلق رأي عام يساعدهم ذلك على التحكم بالمناهج وصياغتها وفق رؤى وضعوها للسيطرة على أفكار وسلوك المجتمع، حَيثُ هندس اليهود منذ البداية على إقصاء العترة -عليهم السلام- وإسناد البديل في كُـلّ مراحل الصراع واختيارهم الأضعف والأسهل تطويعاً لعدم وجود محدّدات الولاية ومؤهلات التولي فيهم.

يقول تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) محدّدات واضحة تضبط مسار الأُمَّــة لتحظى من خلال هذا الارتباط الذي يصلها بمنهج وقيادة، لتحظى بالهداية والرعاية والرحمة والنصر، ومؤهلات ليست موجودة إلا في من حدّدهم الله سبحانه وتعالى؛ باعتبار ذلك من تدبير شؤون الخالق لعباده في كُـلّ مجالات الحياة حتى قيام الساعة ليتحقّق بهذا الصلة بولاية الله ونحتمي بمظلة الولاية الإلهية.

فولاية الرسول هي امتداد لولاية الله الذي بلّغ في غدير خم عبر ذلك الجمع في مفترق الطرق (أيها الناس من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خدله وانصر من نصره) بلاغ هام في مرحلة هامة من حياته -صلى الله عليه وآله- ليؤكّـد ذلك قوله (فليبلغ الشاهد فيكم الغائب) ليبقى هذا البلاغ للأُمَّـة جيلاً بعد جيل ليحفظ للأُمَّـة أهم مسألة يعبر عنها هذا المضمون القرآني، الارتباط بمصادر الهداية حتى لا تنحرف عن الصراط المستقيم

إن الإيمان الواعي بمبدأ الولاية وفق مفهوم ثقافة حديث الغدير هو الضامن للإسلام في امتداده الأصيل والسليم والنقي الذي يبني الأُمَّــة ويرتقي بها بل ويحميها من اختراق اليهود وفسادهم والمستكبرين ومن يدور في فلكهم من المنافقين للسيطرة علينا كأمة مسلمة، وما يخرجنا من حالة الفوضى الفكرية والانفلات في الولاءات غير مبدأ الولاية.

والمؤكّـد أن الانفلات الفكري والتخبط الثقافي والانحلال القيمي والأخلاقي، والسير في قطار الحضارة والثقافة الغربية المنحطة ذات الطابع الصهيوني وتسابق الجميع لتقديم الولاءات لليهود سببه عدم الوعي بطبيعة الصراع مع أهل الكتاب كما حدّده القرآن الكريم، مع الارتباط بقدوات قدموا رغباتهم على ما حدّده الله وسمعوه في يوم الغدير؛ فأصبحت البيئة الفكرية للأُمَّـة الإسلامية مفتوحة يغير ملامحها من حذرنا الله تعالى من توليهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ) واليهود ماهرون في ابتكار الأساليب الناعمة والطرق المؤثرة والعناوين المخادعة التي تصنع التبعية والولاء لهم، ونجد اليوم الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية تتحَرّك بإخلاص في سبيل تنفيذ الإرادَة الأمريكية والإسرائيلية لضرب الإسلام والمسلمين وعلى رأس تلك الأنظمة مملكة بني سعود التي وظفت كُـلّ إمْكَاناتها المالية والبشرية فيما يهدم الهُــوِيَّة الإيمانية، حَيثُ يعملون وفق الانحراف والتحريف والاعتداء المباشر لفرض أجندة أمريكية صهيونية سواء بالتدخل العسكري كقائد لتحالف عدواني على الشعب اليمني منذ أكثر من ثمانية أعوام أَو غير مباشر كما جرى في سوريا والعراق ويجري في السودان أَو عبر هيئة الترفيه وما تقدمه من برامج تدعو إلى الانسلاخ عن الدين وهدم الهُــوِيَّة بالإفساد الأخلاقي.

ولندرك أنه بقدر ما يمكن للأعداء من إبعادنا كأمة مسلمة عن مبدأ الولاية وبقدر ما تغيب عنا المكارم والقيم الإيمانية وبقدر الابتعاد عن مصادر الهداية ويُغيّب كُـلّ ذلك من ساحتنا ينتج عنه فراغ كبير ينفذ اليهود من خلاله ليصنعوا ما يريدون، فأنتجوا زعماء يدينون بالولاء لهم والذي انعكس اليوم على واقع الشعوب؛ فضعفت بضعف زعمائها، وأصبحت تدين بالضعة والضعف والمسكنة تقبع في مربع التبعية والولاء للغرب؛ ومن هنا يبقى ولاؤنا لله وللرسول وللإمام علي عليه السلام، والتمسك بالثقلين هو من يصوننا من الانحراف عن المنهج والقيادة في الموقف والعمل ويحمينا من الفوضى والانفلات فيما يتعلق بالولاء فكرياً وتربوياً ويحصننا من السقوط الأخلاقي.

فالولاية وفق امتدادها الصحيح تشكل حصناً للأُمَّـة وقوة إلى قوتها ومنعة لها؛ لأَنَّ الذي سيكون ولي أمر الأُمَّــة قيادة شجاعة وقوية لا تقبل الذل ولا تغيِّبُ من الرسول إلا شخصه، وحماية لنا حتى لا نصبح جنوداً ضد أنفسنا، ووحده فقط مبدأ الولاية من سيحمينا من الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com