فُرَصُ النظام السعوديّ للخروج بماء الوجه تتناقص.. بقلم/ محمود المغربي
على الرغم من حديثِ أمريكا المتواصل عن ضرورة تحقيق السلام في اليمن بالطرق السلمية وعدم العودة إلى المواجهات العسكرية إلا أننا نعلمُ نوعيةَ السلام الذي ترغب به أمريكا، وندرك أن أمريكا تحرصُ على بقاء الوضع الراهن وحالة اللا سلم واللا حرب.
وهي تستخدم الهُدنة كورقة خبيثة تسعى من خلالها إلى تجويع أبناء اليمن واستغلال الوضع الاقتصادي المزري وقطع الرواتب لمضاعفة المأساة الإنسانية ورفع حجم السخط الشعبي وضرب شعبيّة الأنصار وتآكل الجبهة الداخلية، وتأمل أن يؤدي ذلك إلى إسقاط الأنصار الطرف المواجه للعدوان والعقبة الوحيدة التي تقف حائلًا أمام تحقيق الأهداف الأمريكية.
وبإسقاط الأنصار يمكنُ لأمريكا نشرُ الفوضى وإسقاط اليمن بأيدي الجماعات الإرهابية المتواجدة في الجنوب وداخل معسكرات تحميها أمريكا وتموّلها السعوديّة والإمارات؛ لتهيئة الظروف أمام أمريكا للتدخل العسكري والسيطرة الكاملة على اليمن بحجّـة القضاء على الإرهاب، وهي بذلك تسعى إلى إعادة التموضع بعد أن فقدت مواقعَها السابقة في المنطقة؛ بفعل التهديدات الإيرانية ووقوعِ تلك القواعد العسكرية الأمريكية تحت مرمى نيران الجيش الإيراني والسيطرة على طريق التجارة العالمية والتواجد بالقُرب من الأساطيل الأمريكية في المحيط؛ ولقطع الطريق أمام الصين التي تعمل على إعادة طريق الحرير إلى الحياة.
ويمكنُ قراءةُ الرغبة والموقف الأمريكي في تصرُّفات النظام السعوديّ المتخبطة وَغير الواضحة، بأنها انعكاسٌ لما يشعرُ به النظامُ السعوديّ من صراع نفسي وتناقض في الرغبات والمصالح.
والمتابع للشأن السعوديّ سَيجد أن ولي العهد السعوديّ يقف أمام إملاءات ومطالب أمريكية تدعوه إلى الحفاظ على الوضع القائم وعدم التقدم إلى الأمام في تنفيذ شروط صنعاء والمراوغة لأطول وقت ممكن، وعدم العودة إلى الوراء وإلى المواجهات العسكرية الفاشلة والعاجزة عن تحقيق الأهداف والمتخمة بالهزائم والانكسارات، أو مخالفة التوجيهات الأمريكية، وتحمُّل نتائج وعواقب ذلك، والانحياز إلى المصلحة السعوديّة والاستماع إلى صوت العقل والمنطق الذي يدعوه إلى عدم العودة إلى المواجهات العسكرية في اليمن والخروج من المأزق اليمني والوضع الراهن؛ كون العودةِ إلى المواجهات العسكرية أَو البقاءِ في حالة من اللا سلم واللا حرب تتعارض مع المصالح السعوديّة ورؤية ٢٠/ ٣٠ والقائمة على تنويع مصادر الدخل وإيجاد بدائلَ عن النفط من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية.
ومن المستحيل تحقيق ذلك فيما السعوديّة تخوضُ حربًا في اليمن، وهناك ملفات لم يتم إغلاقُها، ويمكن في أي وقت أن ينفجر الوضع وتعود تلك الصواريخ والطائرات المسيَّرة اليمنية إلى أجواء السعوديّة وضرب الأهداف الحيوية، وهذا ما لا يتمناه أي نظام يسعى إلى جلب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن بيئة عمل آمنة بنسبة 100 %.
ومن الواضح أن قيادةَ الأنصار لم تمنحِ العدوَّ السعوديّ شيكًا مفتوحًا، ولن تدومَ التهدئةُ وصبرُ القوى الوطنية إلى ما لا نهاية، وربما نحن في الأيّام الأخيرة للهدنة غير المعلَنة، وأن فُرَصَ النظام السعوديّ للخروج بماء الوجه تتناقَصُ، وصبر القيادة والشعب اليمني ينفد، وعلى النظام السعوديّ حسمُ خياراته؛ فلم يتبقَّ من الوقت أكثر مما مضى.