المؤامرةُ على السودان.. بقلم د/ فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
يدير العالم المتحضر بقيادة أمريكا مؤامراتٍ عديدةً على دول العالم الذي يطلقون عليه (الثالث)؛ بهَدفِ الهيمنة عليه والسيطرة على ثرواته، ومن الدول التي تم التآمرُ عليها في الماضي ويتم التآمر عليها حَـاليًّا السودان التي تمتلك ثرواتٍ هائلةً من المعادن والنفط، وتعتبر سلة غذاء العالم العربي إذَا تم توظيفها بطريقة صحيحة، ومع ذلك فَـإنَّ أهله يعانون من الفقر والعوز.
السودان منذ أن تحرّرت من الاحتلال البريطاني في خمسينيات القرن الماضي تعيشُ حالةً غير مستقرة، تارة مع الغرب، وتارة مع الشرق، ومَن يتحكم بمصير الشعب السوداني هم العسكر عن طريق الانقلابات المُستمرّة حتى اليوم، ولكنهم فشلوا في تحقيق طموحات هذا الشعب المغلوب على امره.
وعندما قرّر الشعب السوداني أن يصنعَ له ثورةً خَاصَّة به لم يمهله العسكر وقاموا بتنفيذ انقلاب جديد بقيادة البرهان وحميدتي على الانقلاب السابق بقيادة البشير بماركة من العالم المتحضر، الذي يدعو إلى الديمقراطية وحكم الشعب نفسه بنفسه، ولكن الشعب رفض الانقلابَ وطالب بالحكم المدني ولم يجد آذانًا صاغية لدى المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
ما حدث أن الدول الكبرى والدول الإقليمية استغلت الظروف، وسارعت إلى السودان لفرض الوصاية عليه وتقاسم ثرواته، وبدء صراع دولي يدور داخل السودان، وتحول قادة الانقلاب البرهان وحميدتي إلى ممثلين للدول الخارجية يتبنون مصالحها ويدافعون عنها، وكل واحد منهم يقدم التنازلات؛ حتى يحظى برعاية خارجية، حيث أعلن البرهان اعترافه بالكيان الصهيوني وشارك حميدتي في الحرب الليبية، وتوسعت الخلافات بين القادة والشعب ينتظر استعادة ثورته.
لم تتحقّق أماني الشعب، ولكن الخلافات تحولت إلى مواجهات عسكرية شديدة بين الطرفين في العاصمة ومناطق أُخرى، ومع مرورِ شهرَينِ ما زال كُـلّ فريق يحافظ على مواقعه دون تحقيق انتصار حاسم، والشعب يعلم أن لا مصلحة له أَو للبلاد في هذه الحرب، وما حدث أن العالم المتحضر بدأ بفرض عقوبات على الشركات السودانية التي تدعم اقتصاد البلاد، ومؤخّراً صرّح ممثل الأمم المتحدة في السودان أنه لم يعد في البلاد سلطة يمكن الاعتماد عليها وبذلك نزع الشرعية من الطرفين، وأصبح من الضروري قيامُ العالم المتحضر بوضع يديه على السودان وثرواته؛ حتى يمنع الأطراف المتحاربة من استغلالها في دعم الحرب.
وكان الهدف الرئيسي للعالم المتحضر هو إخراج روسيا والصين من السودان؛ حتى يتمكّنَ من فرض هيمنته عليه.