مخاطرُ التطبيع والاختراقُ الصهيوني لقطاعِ الزراعة العربية..بقلم/ هلال محمد الجشاري
أغلب الدول العربية لم يعملوا على إنتاج وإكثار بذور محلية وطنية وكذلك الحال في ما يخص باقي المدخلات الزراعية من أسمدة ومبيدات و…!
لا يوجد تصنيع وإنتاج محلي وطني؛ بسَببِ غياب الإرادَة السياسية والتوجّـه الحر المستقل لذلك، رغم توفر فيها الكفاءات البشرية والعلمية والأهم توفر البيئة والمناخ المناسب لتحقيق تنمية زراعية شاملة واكتفاء ذاتي، في المقابل إسرائيل تجدها حاضرة بشكل كبير في تزويد العديد من الدول العربية بالكثير من حاجاته في قطاع البذور، والأسمدة الذائبة والمبيدات المتنوعة ومعدات الري الحديث والميكنة الزراعية وكثير من وسائل الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتفاقم الأمر وزاد خطورة عقب التوقيع والتطبيع معها من قبل بعض البلدان العربية ودول الخليج فقد أصبحت شركات الاحتلال الإسرائيلي تظهر بشكل علني في أسواقها، وتتوجّـه في مخطّطاتها إلى التوسع في التصدير ونشر سمومها لأكبر مستوى تحت شعار نقل التكنولوجيا من “إسرائيل”، وهذا محض وهم فالحقيقة أنها تمارس قرصنة وعدوانًا تدميريًّا على الزراعة.
وإن النظرَ إلى تجارب الدول المطبعة، وخَاصَّة مصر والأردن، التي لديها مع العدوّ الصهيوني العديد من الاتّفاقات في مجال الزراعة والبحث العلمي، ورغم سنوات التطبيع إلا أن إسرائيل ما تزال وستظل تعتبر هذه الدول العربية سوقًا استهلاكيًا تستغله لتحقيق أهدافها وليس شريكًا، فتجدها تحتكر المعرفة والتقنية لنفسها وتأخذ من الدول المطبعة معها ما ينفعها وتصدر لها ما يضرها، وعلى سبيل المثال هناك أضرار كبيرة حلت بالمنتجات الزراعية بمصر، الأردن، وظهور أمراض غريبة وجديدة في عدد من المحاصيل الزراعية بعد سنوات من تزويد “إسرائيل” لمصر بالبذور والأسمدة والمبيدات وغيرها، وأن ما يظهر في الأبحاث بخصوص المبيدات “الإسرائيلية” المسرطنة أمراً مؤكَّـداً علميًّا بخطورة وأهداف اللوبي الصهيوني.
والشيء المهم الذي يجب علينا معرفته هو أن خطورة اللوبي الصهيوني وعدوانه على القطاع الزرعي لا يهدّد الدول القريبة منها أَو المطبعة معها فحسب، بل إنه يمثل تهديدًا وخطورة على الجميع؛ لأَنَّ لها خططَها الشيطانية فتجدها تصدِّرُ عدوانَها وسمومَها بصورة غير مباشرة: إما بالتهريب أَو عبر دول أُخرى تساعدها؛ لتغزوَ أسواقنا المحلية بصورة رسمية، وعلى سبيل المثال الدول التي شركاتها تصدر للبذور والأسمدة والمبيدات الزراعية الكيماوية أغلبها شركات إسرائيلية ومنها من تمرر تحت مسمى أن بلد منشأها شركات أردنية أَو شركات عربية أَو عالمية أُخرى في حين أنها شركات إسرائيلية ومن يديرها مستثمرون يهود صهاينة وللأسف تمارس نشاطًا كَبيراً بالجانب الزراعي مشكلة حرب غير معلنة على الأرض والإنسان؛ بهَدفِ فرض هيمنتها وإخضاعها لهذه الدول.
فإلى متى سنظل نيامًا والعالم يجري من حولنا؟ إلى متى ستظل زراعتنا وصناعتنا لا تستطيع أن تفي حاجتها من الغذاء والكساء فتستورد وتقترض وتتسول المعونات؟
كلّ هذا وغيره يدعونا للتحَرّك الجاد ولنخوض معركة التنمية الحقيقية بجرأة ونطلق حرية التفكير والاختراع والبحث العلمي ونمولها بسخاء سعيًا من قبل الجميع لتحقيق الاكتفاء الذاتي وقتها فقط نستطيع نقول إننا تحرّرنا من الوصاية الخارجية، وحظينا بالقرار الحر المستقل، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.