نقتربُ من الأيّام الأخيرة لحالة اللا سلم واللا حرب..بقلم/ محمود المغربي
كان من المقرّر بدءُ جولة جديدة من المباحثات بين صنعاء والرياض بعد عيد الفطر المبارك إلا أن ذلك لم يحدث، كما أن هناك ما حدثَ بعد آخر لقاء بين وفد سعوديّ مع الحكومة في صنعاء، وهي مستجداتٌ خطيرةٌ تُظهِرُ كذبَ وخداعَ وعدمَ جدية النظامِ السعوديّ في المفاوضات والسلام.
حقيقةُ أن النظام السعوديَّ يستغلُّ التهدئة؛ لتمريرِ مشاريع وأهداف تحالف العدوان في اليمن، والتي عجز عن تحقيقها من خلال العمليات العسكرية، فيما حالة اللا سلم واللا حرب القائمة قد وفّرت له البيئةَ الملائمةَ لتمرير تلك المخطّطات الرامية إلى تفتيت جنوب الوطن.
تلك المستجدات تتمثل في إعلان المجلس الانتقالي عن دولة الجنوب الاتّحادية، بالإضافة إلى القيام بخطوة مماثلة في حضرموت، وقد نسمع عن خطوة ثالثة في أبين ورابعة في لحج؛ وهو ما يجعلنا نجزمُ أن تلك التطورات -المدروسة بعناية من قبل مفتعليها- ربما تقضي على أية فرصة للسلام وتضع عراقيلَ أمام صنعاء للقبول بالعودة إلى تلك المفاوضات الكاذبة والاستمرار في حُسن الظن والبقاء في حالة من اللا سلم واللا حرب.
تمادي قوى العدوان في استمراءِ هذه الوضعِ غير السوي، وإمعانُها -الأقربُ إلى الاستهتار- في تجاهل مطالب اليمنيين المحقة، سيدفعُ بصنعاءَ إلى إنهاء هذا الوضع، والعودة إلى المواجهات العسكرية بعد فشل كُـلّ الوسائل واستمرار العدوّ السعوديّ في الكذب والمراوغة وعدم تلبية مطالب الحكومة في صنعاء؛ لأَنَّ البقاءَ في حالة من اللا سلم واللا حرب له آثارٌ كارثية على التنمية والنمو الاقتصادي، ويمنع اليمن من الاستفادة مما لديها من ثروات وموقع استراتيجي، كما أننا لا نستطيع التواصل مع العالم الخارجي أَو نفتحُ الأبوابَ أمام الاستثمارات والشركات الخارجية التي تطمح وترغب في الدخول إلى اليمن والاستفادة مما تمتلك اليمن من ثروات وموارد وإمْكَانيات هائلة، بالإضافة إلى أن معاناة الناس تتضاعف في ظل انقطاع للراتب، وما يخلق ذلك من مأساة إنسانية ويحرم الأسواق اليمنية من ثلاثة مليارات ريال يوميًّا كانت تضخ على شكل رواتب وتخلق حالةً من الركود وشح كبير في السيولة.
الأهمُّ من ذلك تقييدُ أيادي الجيش عن تحرير كامل الأراضي اليمنية وطرد الاحتلال، ويجعلنا نقفُ متفرجين على العدوّ وهو يحتل الأراضي والجزر اليمنية، ويقسِّمُ الوطنَ على أُسُسٍ مناطقية، ويزيد من الشحن المناطقي ويحول جنوب الوطن إلى برميل من المتفجرات.
بلا شك القيادةُ الثورية والسياسيةُ تدركُ كُـلّ ذلك وتعلمُ ما لا نعلم، وتحرصُ على وَحدةِ الوطن وطرد المحتلّ، وتسعى إلى تخفيف المعاناة عن الناس في عموم اليمن، وقد كانت تصريحات وزير الدفاع اليمني واضحة والتي أطلقها من جبهة كرش والضالع ومن بوابة المحافظات الجنوبية؛ مَا يعني أن الأصابع أصبحت على الزناد أكثرَ من أي وقت مضى.