طلع البدرُ علينا.. بقلم/ تسنيم حسين
مشاعرُ الشوق والفرح اكتست يثرب منذ عرفت بهجرة رسول الرحمة محمد -صلوات الله عليه وآله- إليها، وما إن تباركت أرضها بقدوم خير خلق الله إليها بدأ كُـلّ شيء بالاخضرار، ازدادت جمالاً ونوراً فأصبحت “المدينة المنورة”.
لنا أن نتخيل مشاهد الاحتفال والاستبشار بقدوم الرحمة المهداة للعالمين، تزّينت المدينة بأجمل زينتها، لبس أهلها جديد الثياب، ارتسمت على وجوه الأطفال الضحكات وغمرتهم السعادة، استعدت كُـلّ امرأة مؤمنة أن يكون رسول الله ضيف بيتها فجهزت الطعام أحسنه، وبدأت رائحة البخور والعطور والرياحين تملأ المدينة جوّها، أما القلوب فأزهرت وباتت تسبح بحمد الله شكراً على هذه النعمة وهذا الفضل العظيم؛ لأَنَّ: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا”.
انتظروا بكل محبة، بكل شوق، بكل لهفة استقبال النّور القادم، فاستطاعوا بهذا أن يخلّدوا أنفسهم في أصدق صفحات التاريخ؛ ليسطروا في العشق المحمدي آيةً تُكتب بمشاعر الولاء والوفاء والتضحية، فأنّى في الأمم مثل الأنصار!
حان اللقاء، بدأت العيون تلمح رسول الله، فتعالت الأصوات بـ “طلع البدر علينا” زاملاً شعبيًّا خاصاً بأهل اليمن يهدوه لأحب الناس إليهم، ينشدونه بكل حُب وتسبقهم دموع أعينهم فرحاً وسروراً، قلوبهم كانت قد وصلت إلى الرسول!
رسول الله يحس بهم، بصدق ولائهم، بعظيم حبهم، هو أَيْـضاً بكى لعظيم المشهد فبعد سنواتٍ من كفر قريش أتى الله بهؤلاء قومٌ يحبهم الله ويحبونه ليكونوا أنصار الله، أنصار الرسول، أنصار الدين.
لم يمنعهم رسول الله من أن يظهروا هذا الفرح والسرور؛ لأَنَّه يعرف أنهم عرفوا أنه الفضل والرحمة وأنهم دون غيرهم سيستمرون بهذه المشاعر الصادقة إلى قيام الساعة فاحتواهم عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، بدعوةٍ منه “اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار”.
هنيئاً لنا بك يا رسول الله، يكفينا أنت يا رحمة الله لنا، ونقول “طلع البدر علينا” بنفس المشاعر بعد ١٤٤٥ عاماً من هجرتك المباركة إلينا، نحن يا رسول الله أبناء الأنصار الذين دعوت لهم نجدد لك الولاء ولأهل بيتك الكرام فأرواحنا لكم الفداء، وليسمع العالم بكله مرةً أُخرى “طلع البدر علينا”.