يحقُّ لنا أن نفخَرَ بقيادتنا العظيمة.. بقلم/ أنس عبد الرزاق
إن مرحلةَ الاستبدال التي يعيشُها الوجودُ الإسلامي والتي يمكن تسميتها بمرحلةِ الغثائية، التي تعكسُ تغُلغُلَ الضعف والهوان في أهلها؛ بقدر كونها تتجلى على مستوى الوعي الجمعي الحاصل، تنجلي أَيْـضاً على مستوى حركة الوجود سلباً.
والسلبُ الصادرُ عن المأمور بالاستخلاف، والمنهي عن كُـلّ ما من شأنه أن يسلمه إلى أن يكون مستبدلاً، لا يتوافق مع حركة الوجود وقوانين الخلق ومقاصد القرآن الحكيم ورؤيته للوجود، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (54) المائدة.
وقد تجلت معالمُ الاستبدال الرمزي في أعلى صورة ومن ذلك أن الوجود العربي أصبح محكوماً في الغالب بـ:-
– الغياب التام المطبق عن الإسهام في تحديد وجهة حركة مسير التاريخ الإسلامي، خُصُوصاً على مستوى وجهة الوجود الإسلامي تحديداً، علماً أن الأُمَّــةَ العربية تمتلكُ ما يمكِّنها من الاستقلالية في الجواب العام عن مطلق ما هو إنساني ولا يتحقّق معنى الأُمَّــة إلَّا بالارتقاء بالقرآن الكريم بشكل عام.
– تحولت أرضُ الأُمَّــة العربية إلى أرض مستباحة، بحيث قد انتهت أرزاقُها، وسُفكت دماء أهلها، وأصبح أهلها مادة فعل الغير ظلماً واعتداء واستكباراً.
– عدم الاهتمام بقوانين الخلق الإلهي وسنن الفعل الإنساني خُصُوصاً على المستوى العلمي الثقافي والتاريخي، وذلك يعد وجهاً من أوجه تعطيل القرآن الحكيم على مستوى الشأن العام.
– التعويل على الغير حتى في أبسط أمور الحياة والمعاش، فضلاً عن التقليد التعبدي التقديسي؛ فدخل الوجود العربي بكليته جُحرَ الاستعباد، خُصُوصاً الإرادي منه.
إن الخروج من هذه المآزق والأزمات الوجودية، يتطلب:-
أولاً: نباهةً على مستوى الوعي.
ثانياً: التمكُّنَ من روح العصر والتجارب الإنسانية النافعة التي تستقيم بتوجيهات القائد العظيم السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله.
ثالثاً: تطبيق توجيهات السيد القائد في فتح إمْكَانات الإبداع المؤسّسي النوعي؛ انطلاقًا من أرضيته الحقيقية.
رابعاً: التخلص من عقدة النقص والضحية معاً باتباع المنهج الإلهي، لقد نص القرآن الحكيم كما مهد لمقتضيات الاستخلاف وحذر من عواقب الاستبدال، فَــإنَّ كُـلّ ذلك عبارة عن تسهيم عام ومجال تفعيلها معَ مَرَدّه العمل الإنساني الجهادي، في مختلف مجالات حياة الإنسان تنوعاً وتعدداً.
وقد تجلى ذلك كله في عمل سيدنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله- في الهجرة واستبدال مكة بالمدينة لتأسيس مشروع الرسالة الإلهية، كما وضّحها السيد القائد بقوله: “التمهيدُ لمشروع الرسالة الإلهية في كُـلّ مضامينها، في كُـلّ تعاليمها، في كُـلّ توجيهاتها، في كُـلّ تفاصيلها هي تحقّق الرحمة، وهي مصداقٌ لرحمة الله سبحانه وتعالى؛ لأَنَّها تعاليمُ تسمو بهذا الإنسان، ترتقي به، تزكيه وتعالج الكثير والكثير من المشاكل فيما إذَا تمسك بها الإنسان، وتضمن له في هذه الحياة الطيبة بكل ما تعنيه مفردة حياة طيبة بكل جوانبها، وتؤسّسُ في المجتمع الإنساني الروابطَ والعلاقاتِ القائمةَ على أُسُسٍ سليمةٍ وعلى أُسُسٍ صحيحة”.
فمبارك للأُمَّـة هذه القيادة العظيمة.