عـاشـوراء.. تـضـحيـةٌ وانتصار.. بقلم/ الاعتزاز خالد الحاشدي
لم تكن قضية ثأر أَو انتقام، بل كانت قضية صراع بين الحق والباطل، ليست قضية شخص أَو اثنان، بل أُمَّـة بأكملها، وآل رسول الله هم أولياء هذه الأُمَّــة، ومن أوصانا الرسول باتِّباعهم والتمسك بهم في كُـلّ زمان ومكان.
آل من خيار الآل، أبعد الله عنهم الرجس وكلّ الخبائث، هم أهل الكساء، علي وفاطمة وأولادهما الحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام.
هؤلاء من كانوا يعزوا على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، ومن كان يعطيهم كُـلّ الحب والحنان، من كانوا وهم أطفالاً يصعدون على ظهر رسول الله وهو يصلي فيضل ساجداً حتى ينزلوا كي لا يتأذون.
فقدوا من كان يحن عليهم ويدللهم ويربيهم بتربية القرآن رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله، ثم فقدوا حنان الأم من بعده، ثم فقدوا سندهم ودلال الأب نتيجة طغيان وتعنت معاوية عليه لعنة الله، الذي قام بقتله واغتياله وهو في بيت الله وبين يدي الله في صلاة الفجر، حَيثُ أرسل من يقوم بهذه المهمة وهو عدو الله عبدالرحمن ابن ملجم، وبذلك خسرت الأُمَّــة وصيها ووليها بعد رسول الله، لكنه لم يستشهد إلا وقد غرس في أبنائه القيم والأخلاق الفاضلة، وأن لا يتحَرّكوا أي تحَرّك إلا من منطلق كتاب الله سبحانه وتعالى.
كبروا أُولئك الأطفال فأصبحوا شباناً من خيرة شباب ذلك العصر، رأوا معاوية وابنه يعيثون في الأرض فساداً، فتحَرّكوا من منطلق كتاب الله وتنفيذاً لأوامره بعدم السكوت على الباطل، انطلقوا وسعوا في توعية الأُمَّــة ولكن لم يجدوا أية نتيجة سوى الخذلان، ورغم ذلك استمروا في تحَرّكهم ولم ييأسوا أَو يسأموا حتى وقع الحسن والحسين في عين الطاغية يزيد، ليصبح بذلك كُـلّ ملاحظته وتركيزه هو عليهما فقط وعلى مشروع تحَرّكهم.
فضل ملاحقاً لهما حتى نال من أحدهما ألا وهو الحسن، تم ذلك بمؤامرة بين زوجة الحسن ويزيد بأن تتخلص منه بوضع السم في أكله، حتى استشهد مسموماً مغدوراً.
فواصل الحسين تلك المسيرة هو وباقي أهله، وكان يقول: (لم أخرج أشراً ولا بطراً، وإنما خرجت للإصلاح في أُمَّـة جدي).
فما كان من ذلك الطاغية يزيد إلا أن يعلن حربه على آل بيت رسول الله، فحدثت واقعة كربلاء، وتقاتل الحق مع الباطل، فكان جيش الحق قليلًا من جاهد مع الحسين، وكان جيش يزيد أكبر بكثير من جيش الحسين، ولكن ذلك الجيش لم يثنِ الحسين عن الجهاد، وأبى إلا أن يقاتله حتى وإن كانت التضحية جسيمةً، ولكنه احتسب ذلك عند الله وواثقاً ثقة مطلقة به بأنه وإن سفك دمه سينصر الله دينه وسيعز الإسلام بدمائه، فجاهد جهاد الأبطال ومن معه رغم عطشهم وحرمانهم من الماء، ولكنهم صبروا وضحوا بأرواحهم، وسبيت نساؤهم، وجاهد من جاهد، واستشهد من استشهد، وأُسر من أُسر.
وكما أنها كانت خسارة فادحة، إلا أن الله نصر الحق على الباطل وانتصرنا نحن بدماء آل البيت -عليهم سلام الله- وخسر يزيد ومن كان معه.
وها هي مسيرتهم مُستمرّة إلى يومنا هذا، وما زال الحق في صراع مع الباطل.