الوعيُ القاصرُ عن عاشوراء وثورة الحسين عليه السلام.. بقلم/ شاهر أحمد عمير
قبل ظهور المسيرة القرآنية لم نكن نعرف ما هي عاشوراء وكيف استشهد الإمَـام الحُسَين في اليمن، والسبب معروف هو الثقافة الوهَّـابية، وتغييب تاريخ الإمَـام الحُسَين -عليه السلام- حتى لا نعرف النكبات التي واجهتها الأُمَّــة، الذي جعل الأنظمة من عدم تدوين هذا الحدث التاريخي المهم في المناهج الدراسية في اليمن؛ كون هذه الأنظمة السابقة، ومنها النظام الحاكم في اليمن قبل ظهور المسيرة القرآنية كان لا يشجع انتشار مثل هذه الثقافات التاريخية؛ لأَنَّهم يعتبرونها مبالغاً فيها أَو فتنة أَو دون ذلك.
ولكن بفضل الله، بعد أن أنعم الله علينا بالمسيرة القرآنية اهتدينا لمفاهيم كثيرة والتي كنا نجهلها، ولم يكن البعض يعرف ما هي كربلاء، وما هي عاشوراء، إلى أن بصَّرهم الله بالهداية وكانوا على اطلاع تام بذلك.
الحمد لله بعد أن سلكنا النهج القويم الذي دعتنا إليه المسيرة القرآنية والتي بها انزاح ضباب كثيف كان يغطي على بصائرنا.
عرفنا الكثير عن التاريخ الإسلامي والأحداث التي كانت حلقة مفقودة غيبت عن التاريخ اليمني وَالعالم الإسلامي، والذي تعمد النظام السابق النظام الوهَّـابي على تغييبها عن المنهج الدراسي.
وَكانت الأنظمة السابقة والفكر الوهَّـابي لهم الدور الرئيسي في التغييب لتاريخ آل البيت عليهم السلام.
وجعلت من حب آل بيت رسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أمراً مبالغاً فيه، والحديث عنهم جرم وبدعة يُكفّر صاحبه ويخرجه عن الملة والدين الإسلامي، وكان ذكر الإمام علي -سلام الله عليه- فتنة!!
ومن يحيون ذكرى الغدير أَو عاشوراء بدعة وَشيعة مغالين في حب آل بيت رسول عليهم السلام.
اليوم ونحن نعيش ذكرى عاشوراء وذكرى الولاية وذكرى الغدير، ونحتفل بالمولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام.
في عاشوراء انتصر الحسين وانهزم يزيد بن معاوية، في كربلاء انتصر الدم على السيف، فكربلاء هي مدرسة لكل أحرار الأُمَّــة.
كربلاء ستبقى مدى الدهر هي المدرسة الحسينية التي تشربنا منها العزة والكرامة وعرفنا كيف نتمسك أكثر بقضايا ديننا ومجتمعنا، القضايا السامية والمقدسات التي لا نسمح المساس بها.
في كربلاء هي ثورة الحسين -عليه السلام- ضد شاربي الخمر، في كربلاء هي بداية الثورة ضد الحكام الجبابرة وطغاة الأرض.
في ثورة عاشوراء لا يقاس الحسين بالثوار، بل بالأنبياء، ولا تقاس كربلاء بالمدن، بل بالسماوات، ولا تقاس عاشوراء بحوادث الدهر بل بمنعطفات الكون، مع الحسين كُـلّ هزيمة انتصار وبدون الحسين كُـلّ انتصار هزيمة، لأن قصة عاشوراء لم تكتمل فصولها، فَـإنَّ كُـلّ يوم عاشوراء، وكلّ أرض كربلاء.
أيها الناس.. إن الشهادة تزيد في أعمار المستشهدين، ألا ترون كيف أن “عبد الله الرضيع” يعتبر اليوم من كبار عظماء الرجال؟
اعتمد الحسين على قوّة المنطق، واعتمد عدوه على منطق القوة، ولما سقطت قوة عدوه، انتصر منطق الحسين، وكان انتصاره أبدياً.
قبل عاشوراء، كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشوراء فقد أصبحت مزاراً لمحبي وشيعة الحسين.
قبل عاشوراء أصبحت كربلاء عنواناً لحضارة شاملة، تمزقت رأيته.. ولم تنكس.. وتمزقت أشلاؤه.. ولم يركع!
قتلوا أولاد الحسين وقتلوا إخوانه وأصحابه وأنصاره، ولم يهن عزمه!
إنها عزة الإيمَـان في أعظم تجلياتها.
ما فعله الحسين وأصحابه في عاشوراء كان صعباً عليهم أن يقاتلوا أَو يقتلوا، ولكن لو لم يفعلوا ما صنعوه، لكان عليهم أصعب من ما حدث لهم في كربلاء المقدسة.
لو رجعنا إلى دراسة الحسين عليه السلام، فالحسين ليس شخصاً عادياً، بل الحسين -عليه السلام- هو مشروع قرآني وليس فرداً، أَو قائد جيش فحسب، بل الحسين هو منهج، هو باب من مدينة العلم، بل الحسين هو ابن بنت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، وحفيد الرسول الأعظم صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين.
لو شاء الإمَـام الحُسَين -عليه السلام- أن يعتذر عن الجهاد، لوجد كُـلّ الأعذار التي يتوسل ببعضها الناس للتقاعس عنه، وجدها مجتمعة، لكنه رأى الموت له عادة وكرامته من الله الشهادة، فأعلن الإمَـام الحُسَين الجهاد، وكان ذلك من أعظم انجازاته التي عاد بدمه الطاهر مسار الإسلام الصحيح..
مهما قلنا عن الحسين، ومهما كتبنا عن الحسين وعن عاشوراء فلن نتجاوز فيه ما قاله رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: ((مكتوب على ساق العرش: إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)).