في ذكرى ثورة الحسين.. بقلم الشيخ/ عبدالمنان السنبلي
ومن الشقاء أن تجد البعض يدافعون مستميتين عن يزيد وهم في الأصل لا يعلمون من هو يزيد وما هو الحسين أَو ما الذي فعله يزيد بالحسين؟!
فجريمة قتل يزيد للحسين في اعتقادي أشد وأفظع من جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل على جرمها وفظاعتها.
على الأقل قابيل ندم مباشرةً بعد قتله لأخيه وقام بمواراة سوءته بدون أن يمثل أَو يعبث بها، أما يزيد فقد علم الناس أجمعون بما قام به من التمثيل بجثة الحسين وحز رأسه عليه السلام ونقل رأسه الشريف إلى دمشق، حَيثُ يقيم يزيد في واقعة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ولا تنم عن مُجَـرّد قتل (منشق) أَو (متمردٍ) أَو (انقلابيٍ) كما يحاول بعض المنافقين تصويره وإنما تنم عن رغبة انتقامية جامحة نابعةً من حقدٍ تاريخيٍ متأصل لا يمكن أن يخرج عن إطار عملية تصفية حساباتٍ قديمة جداً!
ومن الشقاء أكثر أن تجد من يحاول أن يبرّر ليزيد فعلته تلك بدعوى أن الحسين بمفاهيم هذا العصر كان (انقلابياً) أَو (متمرداً) أَو (منشقاً) أَو أي شيء من هذا القبيل!
قاتلهم الله أنى يؤفكون..!
يحسسونك طبعاً وكأن معاوية ويزيد قد جاءا إلى السلطة بانتخابات حرة ونزيهة وعبر صناديق الإقتراع..!
وهناك من يذهب أكثر من ذلك بالقول أنه لولا بنو أمية لما فتحت الأمصار والأقطار!
يشعروك دائماً كما لو أنها ما كانت لتفتح إلا بهم وعلى أيديهم متناسيين وعد الله سبحانه وتعالى ووعد رسوله الكريم بفتحها..!
يا هؤلاء:
هل تعلمون أنه لولا بنو أمية وعلى وجه الخصوص سليمان بن عبد الملك الذي عزل قائد الفتح الإسلامي في شمال أفريقيا موسى بن نصير وأمر فجأةً بتوقيف الجيش الإسلامي والذي كان يعسكر حينها على تخوم فرنسا، لكانت أُورُوبا كلها قد دانت ودخلت في حظيرة الدولة الإسلامية مسلمةً وموحدة من بدري..؟!
قللك فتوحات.. قال..!
حتى في العصر العباسي..
ألم يفر عبد الرحمن بن معاوية بن صخر (الداخل) إلى الأندلس وينشق بها عن الدولة الإسلامية مقيماً لنفسه هناك دولةً صغيرةً انتهى بها المطاف إلى سقوطها بأيدي الفرنجة وطرد المسلمين والعرب من بلاد الأندلس نهائيًّا وإلى الأبد؟!
أنا لست طائفاً هنا ولن أكون ولكني أردت التحدث عن العقلية الأموية السلطوية المتسلطة والتي استمرت وما زالت تلازمنا إلى اليوم، العقلية التي قتلت وتآمرت على (عمر بن عبد العزيز) ذات يوم طمعاً ولهثاً وراء السلطة كما تآمرت وقتلت سيدنا علي وسيدنا الحسين من قبل لذات الغرض، وبالتالي فالحديث عن جريمة قتل الحسين هو حديث لا يخص طائفةً بعينها أَو فئةً بذاتها وإنما يخص المسلمين عامة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وذلك لما خلفته هذه الجريمة الشنعاء من شرخٍ لم يلثم بعد ولا يمكن له أن يلثم إلا بالعودة إلى نهج الحسين نفسه ونهج أبيه وجده -عليهم السلام- القويم وذلك كمنطلقٍ لإعادة ترتيب وتصويب مسار العلاقة بين المسلمين أنفسهم جميعاً على أُسُسٍ صحيحة وسليمة تبدأ باستلهام ثورته بكل معانيها الإنسانية وتنتهي بإسقاط الأنظمة الرجعية المتخلفة العميلة التي تجد في التقليل من شأن ثورة الحسين ومحاولة تغييب أَو تهميش دوره فرصةً ملائمةً لضرب الأُمَّــة بعضها ببعض وكذلك مرتعاً خصباً لنمو جراثيمها وبقاءها وذلك عن طريق تعمدها تبني الرؤية الباطلة المقابلة وكذلك الترويج لها دائماً.