الانتصارُ “لكتاب الله”.. نهجٌ يمانيٌّ لا تراجعَ عنه
المسيرة – منصور البكالي- محمد حتروش:
مجدّدًا وكعادته يسطِّرُ الشعبُ اليمنيُّ العظيمُ أجَلَّ المواقفِ تجاهَ القضايا المركزية للأُمَّـة وحمايةِ مقدَّساتها، غيرَ مكترث لما يعانيه من عدوان وحصار مُستمرّ منذ 9 أعوام متواصلة، عبر مسيرات ووقفات شعبيّة غاضبة وقرارات ثورية ورسمية بمقاطعة البضائع والمنتجات السويدية والدنماركية، في خطوة فعالة لها أثرها على اقتصاديات الدول المعادية للإسلام.
لقد كان الخروج الجماهيري في مسيرة، أمس الأول، لافتاً من حَيثُ كثافة الحضور ورمزية المكان؛ فمنطقة باب اليمن هي قلب اليمني النابض، وهي رسالة تعني بكل وضوح أن الشعب اليمني الأبي لا يقبل المساسَ بالقرآن الكريم والمقدسات الإسلامية، وأنه سيدافع عنها بكل ما أوتي من قوة.
وفي هذا الصدد يقول أمين العاصمة حمود عباد: “القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو مقدس ومحفوظ من قبل رب السماوات والأرْض، لافتاً إلى أن القرآن الكريم يمثل إيمَـاننا وكياننا ووجودنا وأعظم مقدساتنا ومن يسيء للقرآنِ وللمقدَّسات الإسلامية فَــإنَّه يسيء للمسلمين عامة؛ ولذلك فَــإنَّ هذه الجموع الغفيرة خرجت غاضبة مسلحة لتوجّـه بنادقها وأفواهها ضد المسيئين للقرآن الكريم”.
ويؤكّـد عباد أن على دول الغرب الكَفَّ عن الإساءة للمقدسات الإسلامية، وأن تكرارَ مثل هذه الأعمال الاستفزازية ستسهم في جرف عروشِ الدول الملحدة وإنهاء حكمها.
من جهته، يقول مدير مكتب رئيس الوزراء، طه السفياني: “خرج شعبنا اليمني اليوم ليثبت للعالم أجمع أننا دولة متمسكة بالقرآن الكريم والمقدسات الإسلامية”.
ويضيف القول: “كذلك خروجنا هو للتعبير عن شكرنا وثنائنا للحكومة العراقية التي اتخذت خطوة دبلوماسية ضخمة؛ وهي طرد السفيرة السويدية من العراق، وهو موقفٌ مشرِّفٌ للعراق وللأُمَّـة الإسلامية جمعاء”.
ويؤكّـد في تصريحٍ لـ “المسيرة”، أن “حكومة صنعاء لو كانت على علاقة دبلوماسية بالسويد فَــإنَّ أولَ إجراء تتخذه هو طرد السفير وإغلاق السفارة كما فعلت العراق”، موضحًا أن “مجلس الوزراء عقد اجتماعًا لتشديد التأكيد على مقاطعة البضائع السويدية وحظرها من الدخول إلى اليمن”.
ويستنكر السفياني الصمتَ المريبَ للدول الإسلامية والتي تعاملت بكل برودة مع جريمة كبرى تسيء لأعظم المقدسات الإسلامية، مردفاً القول: “إذَا لم نغضب لكتاب الله فما الموقف الذي نغضب لأجله؟!”.
مؤامرةٌ كُبرى من قوى الاستكبار:
من جهته، يؤكّـدُ مديرُ البناء الاجتماعي في أمانة العاصمة، القاضي إبراهيم الكبسي، أن خروج الشعب اليمني دليلٌ على تمسكهم بالقرآن الكريم ودفاعهم عنه مهما كلفهم الأمر، موضحًا أن “القرآن الكريم محفوظٌ من قِبل منزله رب العالمين”.
ويوضح أن على المسلمين في مختلف دول العالم الدفاع عن القرآن الكريم والتصدي لكل المستهزئين بالمقدسات الإسلامية، معتبرًا عداوة دول الغرب الكافرة عداوة لله ولرسوله ولأوليائه وللمقدسات.
ويلفت إلى أن تكالب السويديين والدنماركيين على القرآن يأتي ضمن المؤامرة والمخطّط الصهيوني الأمريكي في سياق استهداف الإسلام والمسلمين.
ويشير الكبسي إلى أن أعمال الدول الكافرة تأتي في سياق حرصها الشديد على تشويه المقدسات الإسلامية والتقليل من عظمة القرآن الكريم، وأن مثل تلك الأعمال الدنيئة تجسد مدى انحطاط الدول الكافرة وإفلاسهم الديني والأخلاقي، مثمناً ما قامت به حكومة الإنقاذ الوطني في مقاطعة البضائع السويدية والدنماركية، مؤكّـداً أن سلاح المقاطعة فعال في ردع المستهزئين وإيقافهم عند حَدِّهم، معتبرًا المقاطعة سلاحَ المستضعفين في مواجهة الطغاة.
بدوره، يقول وكيل وزارة الثقافية، حمدي الرازحي: “من المعلوم أن المؤامرة الكبرى التي تعمل قوى الاستكبار العالمي على تمريرها بصور وأشكال متعددة لاستهداف واقع الأُمَّــة الإسلامية ومقدساتها ليست وليدة اللحظة الراهنة، فتاريخ قوى الاستكبار العالمي والماسونية العالمية متخم بالجرائم البشعة والاستهداف الممنهج لقيم ومقدسات الأُمَّــة الإسلامية”.
ويزيد: “وعلى الرغم من بشاعة ذلك الاستهداف الممنهج للقرآن الكريم والعمل على إحراق نسخ منه على مرأى ومسمع العالم، فَــإنَّ ذلك يوضح لنا حقيقة الوجه الخفي لقوى الاستكبار العالمي بتوجّـهاته الإقصائية والعدائية للإسلام والأمة الإسلامية تحت مسمى “حرية التعبير”، وفي نفس الوقت يؤكّـد لنا أن اليهود والنصارى يسعَون لتدمير الإنسان من خلال عزله وفصله عن المقدسات التي يؤمن بها بكل ما تكتنز به من قيم تعلي من شأن الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، ولهذا فلا عجب أن نجد الغرب الاستكباري ينشر سمومه الخبيثة من التدمير للفطرة السوية من خلال نشر الفساد والدعوة إلى الفجور والتمرد على قوانين السماء”.
ويتابع الرازحي في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة”: “جريمة حرق القرآن الكريم في السويد والدنمارك وبشكلٍ علني وتحت حماية الشرطة تعتبر وسيلةً لجس نبض المجتمعات والشعوب الإسلامية وردود أفعالها من جهة، ومن جهةٍ أُخرى التلويح بعصا القوة التي تستشعرها السويد بعد انضمامها إلى حلف الناتو مؤخّراً؛ الأمر الذي يجعل جميع أعضاء ذلك الحلف المشبوه شركاء في تلك الجريمة؛ لأَنَّ السويد ما كانت لتجرؤ على ارتكاب تلك الجريمة قبل انضمامها إلى الناتو، كما أن إقدام السويد على إحراق العلم العراقي وصورة سماحة السيد حسن نصر الله، ليست سوى رسالة بعثتها السويد إلى حلف الناتو لتؤكّـد لهم من خلال هذا العمل الإجرامي أنها معادية للإسلام ومقدساته ورموزه الدينية”.
ويؤكّـد أن “ما نحتاجه اليوم هو برنامج عمل مشترك لجميع دول العالم الإسلامي نتجاوز من خلاله خلافاتنا البينية لنتفرغ للتصدي لهذه المؤامرة والجريمة النكراء انتصاراً لديننا الإسلامي الحنيف وكتابنا المقدس، وما نسمع به من إدانات واستنكارات من هنا وهناك ليست سوى ظاهرة صوتية سرعان ما تفقد اهتزازات الصدى المنبثق عنها دون أن تحقّق على أرض الواقع شيئاً يذكر”.
وعن موقف العراق المتقدم يقول الرازحي: “قد يكون ما قامت به حكومة العراق بادرة خير ولكنها لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، ولعل اليمن هي الدولة الوحيدة التي ترجمت موقفها الغاضب من تلك الجريمة السويدية والدنماركية بحق القرآن الكريم إلى مواقف عملية من خلال إصدار القرار الثوري والرسمي بمقاطعة البضائع والمنتجات السويدية، والدنماركية، بشكل صارم وقوي، كما أن الشعب اليمني هو الأكثر ارتباطاً بالقرآن الكريم وثقافته القرآنية وهُــوِيَّته الإيمانية الأصيلة، وهو بمواقفه الثابتة والخالدة يؤكّـد للعالم أجمع أن تلك الانتهاكات السافرة بحق المقدسات الإسلامية وعلى رأسها القرآن الكريم لن تتوقف ما لم تتوحد الجهود للتصدي لتلك الهجمة الاستكبارية والجرائم الممنهجة بمواقف عملية قوية لمقاطعة المنتجات والبضائع التي تنتجها تلك الدول المنتهكة لحرمة المقدسات الإسلامية”.
ويرى أن محورَ المقاومة هو الفصيلُ الوحيدُ القادرُ على ترجمةِ الغضب إلى مواقفَ عمليةٍ، بعيدًا عن المظاهر الصوتية المتقوقعة في بوتقة الشجب والتنديد والإدانات الجوفاء؛ لأَنَّنا في زمن لا صوتَ فيه يعلو على صوتِ القوة، فما بالكم بصوت القوة المنبثق من عمق ثقافة القرآن الكريم وخطابات أعلام الهدى؟!”.
من جانبه يقول الباحث والأكاديمي حاتم الفقيه: إن “الخروج الشعبي، أمس الأول، في صنعاء ردٌّ على الإساءَات السويدية والدنماركية للقرآن الكريم”، موضحًا أن صنعاء الآن تسطِّرُ موقفًا لله وللتاريخ في خروجٍ جماهيريٍّ كبير رفضاً للإساءة للقرآن الكريم وتؤكّـد قطع علاقتها تماماً مع السويد”، متسائلاً بقوله: “هل تستطيع السعوديّة تسجيل مثل هكذا موقف؟” ومجيباً بذات الوقت بعبارة “لا”.
وقال الفقيهُ في تغريدةٍ له على صفحته في تويتر: “فعلاً أنصار الله هم الحاضرون في كُـلّ المواقف المشرِّفة والشعب اليمني معهم في كُـلّ موقف وتوجّـه، فسلامٌ على اليمن العظيم بشعبه، وقيادته”.